دولي

التحركات الصهيونية على حدود غزة تقلق أهالي القطاع

المقاومة رفعت درجة التأهّب، خشية من مباغتة إسرائيلية للقطاع

جيش الاحتلال يستعد لأكبر تدريبات لسلاح المظليين

 

يهيمن القلق والتوتر على سكان المناطق الحدودية شرق وشمال قطاع غزة، مع ارتفاع أصوات المعدات والآليات العسكرية الإسرائيلية التي تتحرك ليلاً داخل الحدود في الأراضي المحتلة، وبات صوتها يضيف مخاوف جديدة من أن تكون الحشود مقدمة لشن عدوان عسكري جديد على القطاع الساحلي المحاصر على الرغم من حديث الاحتلال عن مناورات مرتقبة في مناطق غلاف غزة.

وفي الأيام الأخيرة، بات صوت آليات الاحتلال الإسرائيلي التي يتم حشدها على الحدود مسموعاً لسكان المناطق الحدودية والمناطق المجاورة لها.

ويتحوّل الهدوء الليلي في المناطق الحدودية إلى حالة من الترقّب والحذر، مع انتباه قوى المقاومة للتحركات، ورفعها درجة التأهب خشية من مباغتة إسرائيلية للقطاع، في ظل ظروف إقليمية لا تُساعد الفلسطينيين والمقاومة التي رفعت من جهوزيتها على الحدود، وأدّت إجراءاتها الأخيرة إلى إخلاء مواقعها، خاصة في الليل، والإبقاء على عدد محدود جداً من العناصر فيها.

وتكسر أصوات صواريخ محلية الصنع يجري إطلاقها بين الحين والآخر هدوء ليل غزة القاتل، ولا يُعرف من يطلقها حتى الآن، مع أنّ الراجح في القطاع أنّ مطلقيها عناصر من السلفية يسعون إلى "توريط حماس في حرب جديدة".

وسرعان ما تردّ إسرائيل على عمليات القصف محدودة التأثير والفعالية، بقصف مواقع للمقاومة، على غرار ما جرى فجر أمس السبت عندما أطلقت طائرات حربية إسرائيلية صواريخ عدة على موقعين متجاورين يتبعان لكتائب القسام؛ الذراع العسكرية لحركة حماس، في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، لم تسفر عن وقوع إصابات بشرية، وذلك بعد وقت قصير من إعلان الاحتلال سقوط صاروخ فلسطيني أطلق من شمال القطاع في محيط معبر بيت حانون إيرز من الجانب الإسرائيلي.

وعلى الرغم من أن الاحتلال يحافظ على "مستوى منخفض" في الرد على الصواريخ، إلا أنّ ذلك لا "يُهدئ من قلق قوى المقاومة" التي تخشى من أنّ يستغل الاحتلال الوضع الإقليمي والعربي لشن عدوان قاسٍ على القطاع.

ويبدو أنّ هناك "خيطاً رفيعاً" يربط بين إطلاق الصواريخ والحرب المقبلة، إذ إنّ مطلقيها يسعون إلى "إشعال حرب" لأهداف خاصة، لا سيما أن الصواريخ التي يجري إطلاقها محلية وبدائية وقديمة لم تعد قوى المقاومة الرئيسية تستخدمها منذ سنوات، وبلا تأثير حقيقي على الأرض.

 

هناك "خيط رفيع" يربط بين إطلاق الصواريخ والحرب المقبلة

 

ويترافق ذلك مع "تلميحات" إسرائيلية صدرت أخيراً تؤكد أنّ إسرائيل قد تذهب لحرب ضد قطاع غزة "لردع حزب الله وإيران"، مع أنّ تهديدات المسؤولين الإسرائيليين انصبت في الأيام الماضية على لبنان بشكل مباشر وعلني، لكن يفهم من بين ثناياها وسطورها قطاع غزة بشكل واضح.

كذلك يتزامن القلق الفلسطيني مع حالة غير مسبوقة من الأزمات الاقتصادية والمعيشية والإنسانية والصحية في القطاع الساحلي المحاصر. ودخلت غزة أزمات أشد مع اتفاق المصالحة الفلسطينية المتعثر، وفي ظل استمرار غياب الراعي المصري عن إلزام الطرفين بإتمامه والمضي فيه على الرغم من تحقيقه بعض التقدم في أوقات سابقة.

ويشير مركز "الميزان" لحقوق الإنسان، ومقره غزة، إلى أنّ الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة تشهد تدهوراً متسارعاً وغير مسبوق، بات يهدد بانهيار وشيك للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ويهدد حق الإنسان في الحياة، في ظل التراجع المتسارع في مستويات المعيشة وفي الخدمات الأساسية التي لا غنى عنها لحياة السكان، كالرعاية الصحية والمياه والصرف الصحي وصحة البيئة.

وينذر هذا الأمر بتداعيات اجتماعية واقتصادية وسياسية وأمنية بالغة الخطورة ويصعب التنبؤ بحدودها، وفق المركز الذي أكّد أنّ "وقف الانهيار أقل كلفة من التعامل مع آثاره".

والتقليص المرتقب لعمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في غزة، المتزامن مع خفض أميركا تبرعاتها للمنظمة الأممية، التي تعتبر أكبر مزوّد للخدمات الأساسية في القطاع، "ضربة قاضية"، ستُفضي وفق المركز نفسه، إلى انهيار تام للأوضاع الإنسانية. ويدعو المركز الحقوقي إلى تدخل فاعل وعاجل من المجتمع الدولي وكافة الأطراف لإنقاذ الحياة في هذا المكان والحيلولة من دون تداعيات أمنية وسياسية واجتماعية ستهدّد الأمن والاستقرار في المنطقة، وأن يبادر إلى تقديم مساعدات عاجلة للقطاع الحكومي ولأونروا والمؤسسات الأهلية.

 

دخل القطاع قبل أيام عامه الـ 12 في ظل الحصار الإسرائيلي

 

ودخل القطاع قبل أيام عامه الثاني عشر على التوالي في ظل الحصار الإسرائيلي المشدد، وباتت الكوارث الإنسانية والاقتصادية والخدماتية تشهد تسارعاً غير مسبوق، في ظل غياب التمويل الإنساني وصعوبة بالغة في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.

وحتى المؤسسات الأهلية والخيرية والإنسانية باتت تعيش في مأزق نقص التمويل أو انعدامه، في ظل ظروف صعبة، تهدد كل السكان الفلسطينيين، مع تجاهل حكومة الوفاق الوطني والسلطة الفلسطينية احتياجات غزة، وسياسة التقشف التي تتبعها مع القطاع.

 

جيش الاحتلال يستعد لأكبر تدريبات لسلاح المظليين

 

بموازاة التدريبات التي بدأها جيش الاحتلال الإسرائيلي، لتعزيز جاهزيته لحالات الطوارئ، وسيناريوهات اندلاع مواجهة عسكرية في قطاع غزة الفلسطيني، يستعد لإجراء أكبر تدريبات لسلاح المظليين، تحاكي عمليات إنزال "خلف خطوط العدو"، وفق ما كشفت صحيفة "هآرتس"، في أحدث تقرير له.

ومن المقرّر أن تبدأ هذه التدريبات، وفق الصحيفة، منتصف العام الجاري، على أن تشمل كافة جنود وحدات المظليين والفرق المساعدة.

ويشمل التدريب المنتظر عملية إنزال واسعة النطاق، بما في ذلك إنزال عتاد عسكري ثقيل كالمركبات والأسلحة المختلفة "خلف خطوط العدو"، مع دراسة إمكانية مشاركة وحدات مختارة إضافية.

ولفتت "هآرتس" إلى أنّ هذا التدريب سيكون "الأول من نوعه" الذي يجريه لواء المظليين في جيش الاحتلال منذ عام 2012، مع تكرار التصريحات الإسرائيلية على المستويين السياسي والعسكري عن سعي إيران الحثيث إلى تكريس وجود عسكري لها في سورية، وربما جنوب سورية على مقربة من هضبة الجولان المحتل.

وقالت "هآرتس"، على موقعها الإلكتروني، إنّ تقديرات الجيش تشير إلى أنّ الحديث هو عن تدريب أكثر أهمية من التدريبات السابقة، إذ يتوقع أن يقوم الجنود بتدريبات ليلية في جنوب إسرائيل، للتدرّب على عمليات إنزال للسيطرة على مناطق مختلفة، مع التدريب على إنزال العتاد الثقيل والمؤن الغذائية، لمحاكاة سيناريو يضطر فيه جنود الاحتلال إلى القتال وراء الحدود لوقت طويل.

 

التدريب سيكون الأول من نوعه الذي يجريه لواء المظليين في جيش الاحتلال منذ عام 2012

 

ونقل الموقع عن ضابط رفيع المستوى قوله إنّ "الهدف من التدريبات هو إبعاد القتال عن حدود إسرائيل الشمالية، حيث نستعد لوضع يكون القتال الميداني فيه بعيداً عن البيت، بحيث نضطر للتعامل لفترة طويلة مع ما سنواجهه في ميادين عمليات الإنزال، والاستعداد لحالة قد لا يكون ممكناً فيها نقل المواد الغذائية والعتاد العسكري، بشكل متواصل وسلس".

ويأتي النشر عن هذه التدريبات بعد أسبوع من توجيه كل من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير أمنه أفيغدور ليبرمان، تهديدات صريحة إلى كل من لبنان وإيران و"حزب الله" بأن إسرائيل لن تقبل بتكريس إيران قواتها ووجدها العسكري في الأراضي السورية، من جهة، ولن تقبل بأن تقوم إيران بإقامة مصانع لإنتاج صواريخ دقيقة على الأراضي اللبنانية، من جهة أخرى.

وكان نتنياهو قد توعّد، بعيد لقائه الرئيس الروسي بوتين، في موسكو، الأحد الماضي، بأنّ إسرائيل "لن تتردد بالعمل ضد لبنان لإحباط المساعي الإيرانية"، فيما حذّر ليبرمان من أنّه "في حال مواجهة شاملة، ستكون الحرب في لبنان شاملة أيضاً، ولن يتم فيها الفصل بين حزب الله وبين الدولة اللبنانية".

يشار إلى أنّ التقديرات الاستراتيجية التي نشرت في إسرائيل، خلال الشهر الماضي، بما فيها "تحديث وثيقة استراتيجية جيش الاحتلال"، تحدّثت عن كون الوجود الإيراني في سورية أحد أكبر مصادر التهديد للأمن الإسرائيلي.

وقال مركز أبحاث الأمن القومي في تقديرات له، إنّ الحرب المقبلة، في حال اندلاعها، ستكون على امتداد جبهة شمالية تشمل ليس فقط "حزب الله" ولبنان، وإنّما مشاركة قوات سورية وربما إيرانية أيضاً، مشيراً إلى أنّ الحديث سيكون ليس عن حرب لبنان الثالثة، وإنّما أول حرب على الجبهة الشمالية بكاملها.

 

من نفس القسم دولي