دولي

الأنفاق مستمرة

القلم الفلسطيني

أعلنت "إسرائيل" (14-1) بأنها استهدفت بصواريخ طائراتها الحربية نفقا ثالثا، زعمت أنه متميز وتصدر خبره عناوين صحفها الرئيسية في (15-1)، فهو واسع ويمتد من رفح مرورا بمعبر كرم أبو سالم، ويخترق الأراضي الفلسطينية لمسافة 180 مترا ثم إلى الأراضي المصرية، وهو تابع لحماس، معتبرين ذلك إنجازا إضافيا، وفي مدة قياسية، مما يقربهم للقضاء على الأنفاق خلال العام 2018 وفق أوامر رئيس هيئة أركان الجيش، معربين عن استغرابهم من عدم تعليق المقاومة الفلسطينية على هذا الأمر، مما أدخل "إسرائيل" في حيرة وحالة من التوتر والانتظار لرد المقاومة.

لقد تعددت التأويلات في "إسرائيل" لأسباب ودوافع صمت المقاومة، فمن متعجرف يرى به ضعفا وصدمة لحماس إلى آخر يرى به عقلانية منها، حيث ستقوم بدراسة وتقدير الموقف والرد بشكل مناسب حيث للمقاومة خياراتها لمواجهة هذا الأمر كتعزيز قواعد الاستنزاف على طول حدود غزة، وكذلك اتخاذ كل الإجراءات والتدابير الأمنية اللازمة لاستمرار مشروع بناء الأنفاق الدفاعية.

لقد شكل استهداف نفق كرم أبو سالم حلقة جديدة من حلقات الصراع على الأنفاق، فقد تسجل "إسرائيل" نقاطا لصالحها في هذا الصراع إلا أنها وحتى هذه اللحظة، ومن غير المتوقع أيضا في المستقبل أن تنجح ورغم كل إمكانياتها التكنولوجية والاستخباراتية والعملياتية أن تقضي على مشروع الأنفاق، وهذا ما أكده أيضا خبراء إسرائيليون كالجنرال عامي درور والجنرال تال روسو قائد المنطقة السابق، خاصة وأن "إسرائيل" تعلم بأن نجاح المقاومة في استخدام فعال لنفق واحد على الأقل يعني اختراقا خطيرا لأمنها وأمن قواتها المهاجمة، وبالتالي فإن عدد الأنفاق لن يغير بناء استراتيجياتها القائمة على تجنب الدخول البري لقطاع غزة.

تستخدم "إسرائيل" ضرب بعض الأنفاق الهامة أو غير الهامة ومن خلال المبالغة والاحتفاء بحجم إنجازها لأهداف متعددة، ومن أهمها رفع معنويات جمهورها الذي يعيش في حالة من الرعب المستمر من جراء الخوف الدائم من "إطلالة" فدائي فلسطيني من تحت الارض، وهذا الرعب لن يزول لو دمرت "إسرائيل"" خمسة أنفاق وبقي عشرة على سبيل المثال، وهكذا فإن الهدف النفسي المتحقق هو جزئي ومحدود بل إنه يزول مع أول تصريح لأحد قادة "إسرائيل" يذكر فيه كلمة أنفاق.

ومن جهة أخرى فقد تمثل مقالة المحلل العسكري في يديعوت احرنوت في 15-1 وهو اليكس فيشمان دليلا آخر على المحاولات الإسرائيلية اليائسة والهادفة لزرع اليأس في قلوب قادة ونشطاء وأنصار المقاومة حول جدوى وفعالية مشروع الأنفاق الاستراتيجي، فقد أكد فيشمان أن "إسرائيل" امتنعت عن تدمير كل الانفاق التى تعرفها، دفعة واحدة حتى لا يتسبب ذلك في اندلاع مواجهة عسكرية شاملة مع المقاومة، وكذلك فعل كاتب الكاريكاتور في نفس الصحيفة، حيث أظهر صاحب شركة تأمين فلسطينية وهو يبلغ اثنين من مقاتلي القسام قرار شركته رفع رسوم التأمين بسبب المخاطر العالية والمتزايدة الناجمة عن استخدام الأنفاق.

وأخيرا يمكن القول بأن طبيعة ردة فعل المقاومة على تدمير بعض الأنفاق هو ما يحدد وبدرجة واضحة مدى الإنجاز الإسرائيلي: فإن استمر تطوير مشروع الانفاق دون أن يتأثر بهذه الضربات، وإن بقيت معنويات المقاومة مرتفعة ومتماسكة، فإن هذا يعني تحجيما واضحا للإنجاز الإسرائيلي التكتيكي في تدمير هذا النفق أو ذاك.

عبد الناصر عيسى

 

من نفس القسم دولي