دولي
المزيد من ضياع حريات المواطنين في الضفة
بعد أن أقر في السنة الماضية أسوأ قانون في تاريخ السلطة
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 10 جانفي 2018
رغم أن الأعوام العشر الماضية من عمر الانقسام شهدت الكثير من التضييق على المواطنين في الضفة، بملاحقتهم على خلفية انتمائهم السياسي، إلا أن العام 2017 شهد تقنينًا لهذا القمع، وتوسيعًا لمساحته، وصل إلى حد إغلاق مواقع إلكترونية توصف بمعارضتها لنهج السلطة السياسي، وفرض قانون الجرائم الإلكترونية الذي وصف بفضفاضيته، ليكون تهمة تشهر في أية لحظة، لكل ذي رأي قد لا يروق للسلطة.
• على خلفية الانتماء السياسي
لجنة أهالي المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية، قالت إن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة في الضفة الغربية نفذت 4071 اعتداءً على المواطنين خلال عام 2017، منها 1255 اعتقالاً سياسيًّا، و1608 استدعاءً، طالت شرائح شعبنا في الضفة، وذلك على خلفية انتماءاتهم السياسية، وممارسات ونشاطات أخرى، سواء مقاومة الاحتلال أو حتى عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
والكثير منهم اعتقلوا إما من منازلهم أو من الشارع العام أو من أماكن عملهم، دون إبراز أي ورقة من النيابة، بحسب القانون، والكثير وبعد اعتقالهم، لم يعرضوا على النيابة لتنظر في مبررات اعتقالهم، بل تم تحويلهم للاعتقال على ذمة المحافظ.
• في ظل المصالحة
وهنا يعلق رئيس لجنة الحريات في الضفة الغربية، خليل عساف، آسفًا بالقول: "إن المصالحة لم تتم، وبالتالي موضوع الحريات بقي كما هو تقريبًا مع بعض التراجع الطفيف الذي لا يؤشر إلى إنهاء حالة الانقسام".
وأضاف عساف في حديثه لموقع "المركز الفلسطيني للإعلام": الفلسطيني الإخباري "إن مفهوم الاعتقال السياسي بقي كما هو باعتقال نشطاء الكتل الطلابية والأسرى المحررين، واستجوابهم حول أسباب اعتقالهم وعلاقتهم بالتنظيمات التي ينتمون إليها، وهذا ما زال يلقي بظلاله على الكثير من أبناء شعبنا ومن أبناء التنظيمات المعارضة".
• أسوأ قوانين السلطة
شهد عام 2017 إصدار الرئيس محمود عباس قانون الجرائم الإلكترونية، بمعزل عن المجلس التشريعي، المسؤول الحقيقي عن تشريع القوانين، ودون حتى مراجعة نقابة الصحفيين والمؤسسات الحقوقية، وقد وصفت بعض المؤسسات الحقوقية القانون بأنه الأسوأ في تاريخ السلطة الفلسطينية، لكونه يحمل مضامين فضفاضة جدًّا ومن السهل إسقاطها على أي رأي ليقع صاحبه في شراك أية تهمة قد تصنف بأنها تخل بأمن الدولة.
ويصف الإعلامي نواف العامر القانون بأنه: "عبارة عن مجزرة بحق حرية الرأي والتعبير"، مضيفًا في حديثه لمراسلنا: "عندما يقول الرئيس إن حريتنا سقفها السماء، فعلى الرئيس أن يتابع كلامه، وأنا أقول الحرية يا سيادة الرئيس سقفها الآن من الصفيح، وهو محكوم بالخلاف السياسي ورؤية الأجهزة الأمنية وروايتها ورأيها".
• تراجع في العمل الصحفي
لم يتوقف الأمر عند ملاحقة المواطنين على آرائهم السياسية، بل طالت الملاحقة حتى المؤسسات الصحفية، فقد أقدمت السلطة في منتصف يونيو /حزيران على إغلاق ما يزيد على 35 موقعًا إخباريًّا فلسطينيًّا ترى فيها السلطة معارضة لنهجها السياسي.
وهنا يعلق نواف العامر بالقول: "هذا جريمة أخرى تضاف إلى جريمة قانون الجرائم الإلكترونية؛ فالسلطة تعطي الصحفي الصهيوني حرية التنقل في الضفة والغربية، وأن يشوه ويقلب الحقائق كما يريد، بينما تحظر على وسائل الإعلام المعارضة لنهج السلطة العمل بحرية.. كما أن الأجهزة الأمنية عندما كانت تعتقل الصحفي، كانت تبرر اعتقاله بأنه ليس على خلفية عمله الصحفي"، مضيفًا أن جزءًا من هذه التغول، مردُّه هو ضعف نقابة الصحفيين في حماية أفرادها؛ فهي تقوم بدور منقوص، لا يتجاوز المتعاطف مع الصحفي، بدل القيام بدور الحامي والمساند له".
ويشير رئيس لجنة الحريات خليل عساف لمستقبل الحريات في الأراضي الفلسطينية بالقول: "المطلوب أن يتم تجريم وتحريم الاعتقال السياسي، ويجب أن يعاد فتح هذا الموضوع بشكل خاص، وبلقاء خاص لتجريم وتخوين ومعاقبة كل من يقوم بالاعتقال السياسي، وهذا بحاجة إلى إرادة وطنية حقيقية وبحاجة لتغيير في المفهوم السلوكي، وتغيير في المفهوم التشاركي، سعيًا لإنهاء الانقسام".
وحذر عساف قائلاً: "إذا بقيت الأمور على ما هيه عليه الآن، فأنا أعتقد أن العام القادم سيكون أسوأ، خصوصًا أننا نسمع عندما يحدث طارئ هنا أو هناك نسمع لأصوات ناعقة وغربان السوء تنشط وتفرح لأي حالة خلاف".
ويضيف عساف: "المطلوب من القيادة السياسية للحركتين والكل الفلسطيني، أن يقفوا وقفة جادة عند مبدأ المشاركة وحالة الوحدة، وإن لم يتم هذا الأمر بشكل واعي وصادق، فإن هذا لن يكون طيبًا للمجتمع الفلسطيني ولا للقضية الفلسطينية".