دولي

هكذا أسهم ثالوث حصار غزة في انهيار اقتصادها

عام 2017 كان الأبشع والأسوأ على كل الصُعد في القطاع

لم يبدُ عام 2017 كغيره من سنوات الحصار المنصرمة المستمرة منذ عام 2006، بل كان الأبشع والأسوأ على كل الصُعد في قطاع غزة، لا سيما الوضع الاقتصادي الذي بدا منهارًا إزاء إضافة عقوبات جديدة هذه المرة من السلطة الفلسطينية على القطاع، بالإضافة إلى الحصار الصهيوني، وتأخر الإعمار بسبب عدم إيفاء الدول المانحة بوعودها تجاه المتضررين، وبالرغم مما شهدته المصالحة الفلسطينية من تطور في الربع النهائي من عام 2017، إلا أن الحصار لا زال جاثمًا على صدور أهالي قطاع غزة للسنة الحادية عشرة على التوالي.

واتفق الخبيران في الشؤون الاقتصادية أسامة نوفل، وماهر الطباع في تقرير لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" على أنّ الاحتلال شدّد من قيوده على قطاع غزة خلال عام 2017، وأوضحا أنّ الاحتلال اتبع خلال العام سياسات مختلفة ضد قطاع غزة ساهمت في تشديد الخناق على تنقل التجار ورجال الأعمال عبر معبر بيت حانون.

ويفيد الطباع أنّ "عدد التجار ورجال الأعمال الممنوعين والمسحوب تصاريحهم يتجاوز ثلاثة آلاف شخص"، مبينًا أنّ الاحتلال تجاوز ذلك باعتقال العشرات من التجار ورجال الأعمال، وأوضح نوفل، أنّ حجم الواردات إلى قطاع غزة وصل إلى 115 ألف شاحنة فقط خلال عام 2017 بمتوسط يومي 317 شاحنة، لافتًا إلى أنّ "هذه الأعداد منخفضة إذا ما قورنت بما ينبغي إدخاله وفقاً للاحتياجات السكانية"، وأكّد أنّ "إسرائيل" أضافت العديد من السلع والبضائع إلى قوائم ممنوعات، ما ساهم فعليًّا بتشديد الحصار على القطاع.

ويؤكّد الخبيران الاقتصاديان أنّ تأخر الإعمار انعكس بشكل خطير على واقع الاقتصاد الفلسطيني بجميع نواحيه، ويقول الطباع: "حتى اللحظة وبعد مرور أكثر من ثلاثة أعوام على حرب صيف 2014، لم تبدأ عملية إعادة الإعمار الحقيقية، وما زالت تسير ببطء شديد"، مبينًا أنّ من أهم أسباب بطء وتعثر عملية إعادة الإعمار، استمرار الحصار، واستمرار إدخال مواد البناء وفق الآلية الدولية العقيمة المعمول بها حاليًّا "GRM"، والتي رفضها الكل الفلسطيني منذ الإعلان عنها، وثبت فشلها في التطبيق على أرض الواقع.

ويضيف أنّ "كمية ما تم إدخاله من مادة الإسمنت للقطاع الخاص لإعادة إعمار قطاع غزة خلال الفترة من (14-10-2014) حتى (31-12-2017) لا تتجاوز 2 مليون طن، وهي لا تمثل سوى 30% من احتياج قطاع غزة للإسمنت خلال نفس الفترة؛ حيث إن قطاع غزة يحتاج إلى 6 مليون طن خلال نفس الفترة لتلبية الاحتياجات الطبيعية فقط.

ويؤكّد نوفل، أنّ كثيرا من الدول لم تفِ بالتزاماتها ومنحها تجاه مؤتمر إعمار غزة الذي تعهدت بالدعم وتعويض المتضررين، وهو ما يجعل عملية الإعمار بلا أفق قريب للحل.

وفي حدود غير مسبوقة يؤكّد الخبيران أنّ نسبة البطالة ارتفعت لمؤشرات عالية؛ حيث وصلت إلى نسبة 47% في الربع الثالث من العام 2017.فيما أكّد الطباع، أنّ العاطلين عن العمل في قطاع غزة بلغ ما يزيد عن 243 ألف شخص، وبحسب البنك الدولي فإن معدلات البطالة في قطاع غزة تعدّ الأعلى عالميًّا، فيما يشير نظيره نوفل إلى أنّ نسبة الفقر وصلت 80%، موضحًا أنّ أكثر من 70% من سكان غزة يعتمدون على المساعدات الإنسانية، وبالتالي توج 2017 بتراجع حاد لهذه المساعدات.

ويحذّر الخبير نوفل، من أنّ العام 2017 شهد تراجعًا حادًّا في القوة الشرائية لدى المواطن الفلسطيني في قطاع غزة، بسبب الإجراءات العقابية التي فرضتها السلطة على قطاع غزة.

وهو ما أكّده الطباع؛ حيث قال إنّ "هذا القرار تسبب بخلل كبير في حركة دوران السيولة النقدية ونقصها من الأسواق، وكان له تداعيات خطيرة وكارثية على مناحي الحياة كافة في قطاع غزة"، ويفيد الطباع، أنّ "الجزء الأكبر من الموظفين مديون للبنوك، ومجمل ما يتقاضونه شهريًّا لا يتجاوز 40% من إجمالي الراتب في أحسن الأحوال، وبعد خصم قيمة 30% من الراتب لن يتبقى لهم شيء ليعتاشوا منه ويسددوا التزاماتهم وديونهم".

ويعبّر الخبير نوفل، عن أسفه أنّ مساهمة الزراعة بلغت في عام 2017 أدنى مساهمة لها في الناتج المحلي؛ حيث لم تتجاوز نسبة 4%، لافتًا إلى تراجع القطاع الصناعي أيضًا بشكل كبير ليصل إلى 6% خلال الربع الثالث من نفس العام نتيجة التدمير الذي لحق بهذا القطاع.

ويؤّكد نوفل، أنّ عام 2017 شهد تراجعًا حادًّا في أسعار السلع، نتيجة عدم قدرة البائعين على تصريف بضائعهم، فيما ظهر أنّ جزءًا من التجار عليهم قضايا مالية، ومنهم من هو معتقل في السجون، وتوقع الخبراء الاقتصاديون، أنّ يزداد الواقع الاقتصادي سوءًا في ظل عدم توفر حلول في الأفق.

ويقول نوفل: "وفق التقديرات التي أفصح عنها جهاز الإحصاء المركزي وسلطة النقد، هي توقعات سلبية في معدلات النمو الاقتصادي سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، ولكن الأخيرة تتأثر أكثر بحكم الحصار والإجراءات العقابية"، ويحذّر نوفل، من أن يطال الحصار الضفة الغربية، ويضيف: "الاحتلال يمعن في حصار الضفة؛ حيث إنّ الهبة الشعبية الحالية ستضع الاحتلال أمام مجموعة من العقوبات التي سيفرضها على الاقتصاد في الضفة، والتي من ضمنها منع العمال في داخل الاقتصاد "الإسرائيلي" والتلكؤ في توريد مستحقات السلطة الفلسطينية في مجال عوائد الضرائب".

القسم الدولي

 

من نفس القسم دولي