دولي

إسرائيل: اتجاه نحو التهدئة؟

القلم الفلسطيني

على الرغم من تواصل الاعتداءات الإسرائيلية على المواطنين الفلسطينيين، وتحديداً في قطاع غزة، التي أدت الى إصابة أكثر من ثلاثة آلاف فلسطيني بين جريح وشهيد، ومن تصريحات إسرائيلية قبل أيام تؤكد أن "صبر" إسرائيل بدأ ينفد، بسبب استمرار إطلاق الصواريخ من غزة والتي بلغ عددها وفق المصادر الإسرائيلية منذ الأربعاء الماضي أكثر من 25 صاروخا منها 14 تجاوزت الحدود وأسقطت من القبة الحديدية أو سقطت في مناطق مفتوحة، وواحد فقط سقط في سديروت وهو العدد الأكبر من الصواريخ الذى تطلق منذ معركة العصف المأكول 2014، إلا أن إسرائيل تسعى نحو التهدئة على ما يبدو.

إن التصريحات الأخيرة لوزير الجيش ليبرمان من سديروت (14-12-2017) التى قال فيها "إن إطلاق الصواريخ من القطاع لا يتعلق بالردع الإسرائيلي، إنما بالصراعات الفلسطينية الداخلية بين الأجنحة والمنظمات المختلفة"، قد أظهرت نوعا من أنواع التبرير أو الاعتذار عن عدم رد الجيش بصورة أكثر قوة على استمرار إطلاق الصواريخ من وجهة نظر بعض الإسرائيليين، وتحديدا قادة جمهور مستوطنات غلاف غزة، الذين -وعلى حد وصفهم- قد ضاقوا ذرعا من تدهور أوضاعهم الاقتصادية والنفسية.

ما زال ليبرمان يعتقد أو يسوق لجمهوره أنه يعتقد بأن قوة الردع الإسرائيلية ما زالت فاعلة بشكل كبير، وتؤثر في قرار حماس بعدم المشاركة بنفسها في إطلاق الصواريخ ، فحماس برأيه "مردوعة" وتخشى من ردة الفعل الإسرائيلي المدمرة، مع أن الكثير من الخبراء الإسرائيليين يعتقدون أن سماح حماس بإطلاق الصواريخ، من خلال عدم بذلها جهودا كافية لوقف إطلاقها، إنما يدل على ثقة حماس المتزايدة بنفسها وبقدراتها، وخاصة في ظل الأجواء التي خلقها إعلان ترمب بأن القدس عاصمة "إسرائيل". 

يمكن القول بأن أكثر ما تخشاه المؤسستان الأمنية والسياسية في "إسرائيل" هو النتائج المحتملة من التقاء عاملين خطيرين وهما -الطاقة التي فجرها ترمب بإعلانه المشؤوم في نفوس الشعب الفلسطيني وتحديداً في قطاع غزة، والتي ظهرت بوضوح في الحشد الهائل والمتميز في حفل انطلاقة حماس الـ 30 في غزة ونابلس، ثم حالة الركود في المصالحة التي تسبب استمرار المعاناة الإنسانية لسكان القطاع، إن التقاء هذين العاملين قد يتسبب بحرب لا يريدها الطرفان.

يؤكد المراقبون العسكريون في "إسرائيل" ومنهم نير دفوري مراسل قناة 13 أن الاستخبارات العسكرية لاحظت في الأيام الأخيرة قيام حماس بخطوات وإجراءات استعدادا لحرب محتملة قريبة مع "إسرائيل"، مما زاد من حجم المخاوف الإسرائيلية وجعلها تتوجه برسائل تهدئة من خلال أطراف متعددة ومنها المصريون من أجل تجاوز الأزمة الحالية، وامتصاص الغضب الفلسطيني بعد قرار ترمب المشؤوم.

وأخيرا يمكن القول بأن "إسرائيل" تخشى أن يتغلب عامل التصعيد ضد الاعتداءات الإسرائيلية على عوامل الكبح والضبط التي تفرضها المصالحة والحرص الحمساوي على احتجاجات شعبية لا عسكرية ضد إعلان ترمب في قرار حماس، وذلك في ظل إصرار السلطة الفلسطينية على عدم التقدم في موضوع المصالحة، لذا بدأت "إسرائيل" التحرك للتهدئة ولكن هذا لا يضمن النوايا الإسرائيلية.

 

عبد الناصر عيسى

 

من نفس القسم دولي