دولي

القدس تستنفر الجهود العربية والدولية لمنع الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل

أبو الغيط طالب واشنطن بالامتناع عن أية مبادرات تفضي إلى تغيير وضعية القدس

حماس تدعو لـ"جمعة غضب" من أجل القدس

الاتحاد الأوروبي: لن ننقل سفارتنا إلى القدس

 

لا يزال تردد الرئيس الاميركي دونالد ترامب وتأجيل قرار نقل سفارة بلاده إلى القدس أو الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل المحتلة سيد الموقف، هذا التردد ارتدّ بدوره سلباً على الإدارة الأميركية وقرارات رئيسها المتسرعة، فحصدت رفضاً عربياً ودولياً استنفر التصاريح المنددة والمحذرة من مغبة الإقدام على هكذا خطوة قد تقضي على جهود السلام، أو ما تبقى منها.

فقد كشفت الرئاسة الفلسطينية أنها تدرس المطالبة بعقد قمة عربية طارئة وعاجلة، إذا ما تمت الخطوة الأميركية بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، أو نقل السفارة إليها. وشدد الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية "وفا"، على خطورة هذه الخطوة، وأنها تتطلب أن يتحمل الجميع مسؤولياته، تجاه أي مساس بالقدس عاصمة دولة فلسطين، كما أوردت "وفا" أنه "جرى اتصال هاتفي بين الرئيس محمود عباس، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، جرى خلاله مناقشة اتصالات الأخير وجهوده مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حول ما يتردد عن الخطوة الأميركية. إذ ثمن عباس جهود ماكرون، وموقف فرنسا الساعي للوصول إلى سلام عادل، وتحقيق الاستقرار في المنطقة.

كما أجرى الرئيس عباس، اتصالا هاتفيا بترامب، بحث معه خلاله الخطوة الأميركية، بحسب عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية، أحمد مجدلاني الذي قال إن عباس بحث مع ترامب عصر الثلاثاء، "الاعتراف الأميركي المحتمل بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها"، من دون ذكر مزيد من التفاصيل.

بيان الرئاسة الفلسطينية، تزامن مع ما أعلنته أيضا قوى وطنية وإسلامية فلسطينية عن أيام تصعيد وغضب شعبي شامل، تبدأ غداً الأربعاء وتستمر حتى الجمعة، في كل أنحاء الأراضي الفلسطينية، في ظل الحديث عن نقل السفارة الأميركية إلى القدس، أو الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

وأكدت القوى في بيان، أن التجمع سيكون في مراكز المدن، والاعتصام أمام السفارات والقنصليات الأميركية، كما أعلنت عن مسيرة مركزية يوم غد الخميس الساعة 12 ظهرا، وسط رام الله، إضافة إلى دعوتها إلى تركيز المساجد والكنائس على تأكيد رفض الشعب الفلسطيني مسلمين ومسيحيين، للسياسة الأميركية المعادية، والرفض القاطع لنقل السفارة الأميركية إلى القدس.

وعقدت القوى والفصائل الوطنية والإسلامية، في مقر التعبئة والتنظيم لحركة "فتح"، في رام الله، اجتماعا طارئا، ناقشت فيه الموقف الأميركي المعادي لحقوق الشعب الفلسطيني، والمخالف للشرعية الدولية وللقانون الدولي والذي يتبنى مواقف الاحتلال، خصوصا المتعلقة بنقل السفارة.

وشددت على أن هذا الإجراء سوف يفتح الأبواب على مصراعيها للمواجهة سياسياً وميدانياً، وعلى كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية، لأن القدس خط أحمر لدى الشعوب العربية والإسلامية، ولدى معظم دول العالم المحبة للسلام والملتزمة بالقانون الدولي والشرعية الدولية.

ودعت الفصائل جماهير الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، إلى أوسع تحرك شعبي لمواجهة ورفض محاولة نقل السفارة أو الاعتراف بالقدس كعاصمة لدولة إسرائيل، مؤكدة حق الشعب الفلسطيني والأمة باستخدام كل الوسائل القانونية والدبلوماسية على مستوى المؤسسات الشرعية الدولية بما فيها: محكمة العدل الدولية والمكونات والمؤسسات القضائية الأخرى، مستندة إلى أن الإجراء الأميركي يشكل مخالفة صريحة وواضحة لقرارات الشرعية الدولية، خاصة القرارات 252، و478 و476، التي تؤكد أن كافة الإجراءات التي قام بها الاحتلال في القدس باطلة ولاغية.

إلى ذلك أيضاً، حذر مجلس الجامعة العربية، الولايات المتحدة من الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وذكّر أن هذا الموقف سيمثل "اعتداء صريحاً على الأمة العربية".

وقال المجلس، في بيان بعد اجتماع غير عادي على مستوى المندوبين في مقر الجامعة بالقاهرة: "أي اعتراف بمدينة القدس عاصمة لدولة الاحتلال، أو إنشاء أي بعثة دبلوماسية في القدس أو نقلها إلى المدينة، اعتداء صريح على الأمة العربية، وحقوق الشعب الفلسطيني وجميع المسلمين والمسيحيين، وانتهاك خطير للقانون الدولي"، وأضاف البيان أن من شأن الاعتراف غير القانوني بالقدس عاصمة لإسرائيل، أن ينسف فرص السلام وحل الدولتين وتعزيز التطرف والعنف.

وطالب المجلس الولايات المتحدة وجميع الدول بالالتزام بكافة قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن المتعلقة بالقدس ومبادئ القانون الدولي التي "تعتبر كل الإجراءات والقوانين الإسرائيلية المستهدفة تغيير الوضع القانوني والتاريخي لمدينة القدس الشرقية ومقدساتها وهويتها وتركيبتها الديمغرافية، لاغية وباطلة".

ودعا الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، الولايات المتحدة إلى الامتناع عن أية مبادرات من شأنها أن تفضي إلى تغيير وضعية القدس القانونية والسياسية. وقال في مستهل اجتماع الجامعة إن مثل هذا "الإجراء الخطير ستكون له عواقب وتداعيات". أضاف أن "العبث بمصير القدس، بما لها من مكانة في قلب كل العرب، من شأنه تأجيج مشاعر التطرف ونعرات العنف والعداء والكراهية في العالمين العربي والإسلامي".

السعودية بدورها قالت إنها تأمل في ألا تعترف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل، محذرة من أن مثل هذا القرار ستكون له "تداعيات بالغة الخطورة واستفزاز لمشاعر المسلمين كافة". وقال مصدر سعودي رسمي رفض الكشف عن اسمه، في بيان أنه لا بد من أن تأخذ "الإدارة الأميركية في الحسبان العواقب البالغة السلبية لهذه الخطوة وأمل المملكة العربية السعودية في عدم اتخاذها لكي لا تؤثر على قدرة الولايات المتحدة على مواصلة مساعيها في الوصول إلى حل عادل للقضية الفلسطينية".

وطالب مندوب مصر في الجامعة ياسر العطوي، الولايات المتحدة "بعدم اتخاذ أية خطوات أحادية الجانب تؤثر على مسار التسوية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وتضع عقبات أمام عملية السلام".

أما أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، فقال إن القدس في قلب كل قطري وعربي ومسلم، معتبرا أن خطوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المرتقبة، إذا ما تمت، هي غاية في الخطورة.

وخلال استقبال السفير الفلسطيني في الدوحة منير غنام، أشار الشيخ تميم إلى أنه يجري اتصالات مع الإدارة الأميركية، ليحذر من خطورة الإجراء الأميركي، مشددا على ضرورة عقد قمة حول القدس المحتلة، لوضع الجميع أمام مسؤولياته تجاه المدينة المقدسة، مؤكدا جاهزية قطر للقيام بكل ما يطلب منها بهذا الشأن.

وفي بغداد، قال رئيس الوزراء حيدر العبادي إن حكومته تعارض احتمال نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس، وحذر من تبعات هذا القرار، كما حذر رئيس الحكومة اللبناينة سعد الحريري، من الخطوة، معتبرا أنها غير مسبوقة. وخلال مداخلة له في جلسة مجلس الوزراء، قال الحريري: "نحن أمام تطور غير مسبوق في المنطقة.. الإدارة الأميركية على مشارف إعلان القدس عاصمة لإسرائيل.. هذا التطور ستكون له انعكاسات (لم يحددها)" بحسب بيان للمكتب الإعلامي للحكومة.

خارجيا، قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني، إن "أي تصرف من شأنه تقويض" جهود السلام الرامية لإقامة دولتين منفصلتين للإسرائيليين والفلسطينيين "يجب تفاديه تماما".

 

موغيريني: أي تصرف من شأنه تقويض جهود السلام الرامية لإقامة دولتين منفصلتين للإسرائيليين والفلسطينيين يجب تفاديه تماماً

 

موغيريني التي كانت تتحدث وهي تقف بجوار وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون قالت: "يتعين إيجاد سبيل من خلال المفاوضات لحل مسألة وضع القدس عاصمة مستقبلية للدولتين"، مؤكدة دعم الاتحاد الأوروبي لجهود كسر جمود محادثات السلام، وتابعت أن وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي (عددها 28 دولة) سيبحثون المسألة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بروكسل الاثنين المقبل، على أن يعقدوا اجتماعاً مماثلاً مع الرئيس عباس أوائل العام المقبل.

وبدوره، كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن تركيا قد تصل الى حدّ قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، إذا اعترفت الولايات المتحدة رسميا بالقدس عاصمة لها، في خطوة وصفها بأنها "خط أحمر" بالنسبة للمسلمين، وقال في اجتماع برلماني لحزبه "العدالة والتنمية" الحاكم: "أيها السيد ترامب، القدس خط أحمر بالنسبة للمسلمين. إن اتخاذ قرار يدعم إسرائيل في حين ما زالت جروح المجتمع الفلسطيني تنزف يمثل انتهاكا للقانون الدولي". أضاف "قد يصل الأمر إلى حد قطع العلاقات التركية مع إسرائيل. وأنا أحذر الولايات المتحدة من أن تتخذ هذه الخطوة التي ستعمق المشكلات في المنطقة".

 

أردوغان: أحذر الولايات المتحدة من أن تتخذ هذه الخطوة التي ستعمق المشكلات في المنطقة

 

ولم يصدر رد فعل فوري من المتحدثين باسم الحكومة الإسرائيلية، لكن وزير التعليم نفتالي بينيت الشريك البارز في الحكومة الائتلافية ضرب بتصريحات أردوغان عرض الحائط، وقال "سيكون هناك دائما من ينتقد، لكن في نهاية المطاف فإن وجود قدس موحدة أفضل من تعاطف أردوغان"، ويدرس ترامب ما إذا كان سيعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل لكنه لم يتخذ قرارا بعد، وذلك حسب ما أفاد صهره جاريد كوشنر. 

وتعتبر إسرائيل كل القدس عاصمة لها بينما يريد الفلسطينيون الشطر الشرقي منها عاصمة لأي دولة لهم في المستقبل. وطوال عقود كانت السياسة الأميركية عدم إصدار حكم بشأن المطلبين حتى يتفق الطرفان على وضع القدس في تسوية للصراع بينهما.

واحتلت إسرائيل القدس الشرقية في حرب عام 1967. وضمتها بعد ذلك معلنة المدينة بأسرها عاصمة لها في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي. ويريد الفلسطينيون القدس عاصمة لدولتهم المستقبلية.

 

من نفس القسم دولي