دولي
8 حالات تفضح "فساد السلطة الفلسطينية الجمركي"
كان من المفترض أن تذهب للخزينة العامة
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 04 ديسمبر 2017
كشف تحقيق صحفي، النقاب عن إهدار أموال الخزينة العامة الفلسطينية، لمصلحة متنفذين وشخصيات عامة، على شكل إعفاءات جمركية وضريبية دون أي سند قانوني، ووثق التحقيق الاستقصائي في موقع "العربي الجديد"، منح 8 حالات حصلوا على إعفاءات جمركية وضريبية، أدت وحدها إلى إهدار مبلغ (357600 دولار)، كان من المفترض أن تذهب إلى الخزينة العامة، ويغطي هذا المبلغ، على سبيل المثال، ميزانية برنامج المساعدات النقدية الذي تقدمه وزارة التنمية الاجتماعية لـ 1670 أسرة فقيرة على شكل 214 دولاراً كل ثلاثة أشهر.
واستهل التحقيق سرد الحالات، بالناطق الرسمي باسم حركة "فتح"، أسامة فايز داود القواسمي، والذي بعث لرئيس السلطة محمود عباس، "تحية الوطن وبعد، أرجو موافقتكم على إعفائي من رسوم الجمرك للسيارة التي أنوي شراءها (...) الشكر والتقدير لسيادتكم".
كان هذا الكتاب كافياً ليحظى "القواسمي" بتوقيع الرئيس بعد خمسة أيام فقط مصحوبا بعبارة: "وزير المالية، مع الموافقة، لا مانع من الإعفاء"، بعد يومين من هذا الكتاب، وجّه رئيس ديوان الرئاسة وقتها حسين الأعرج، كتابا إلى وزير المالية، يطلب فيه الاطلاع على كتاب الرئيس وإجراء اللازم، أي تنفيذ منح الإعفاء المطلوب.
حالة القواسمي واحدة من 8 حالات وثقها التحقيق لمتنفذين حصلوا على إعفاءات جمركية وضريبية من دون سند قانوني، وبين أن الحاصلين على الإعفاءات هم، اللواء شحادة محمد مزعل إسماعيل، قائد الحرس الخاص للرئيس ومرافقه الشخصي، والذي امتلك سيارة Mercedes ML 400، وبلغت قيمة الإعفاء 68000 دولار.
ولم يكتف "شحادة" باقتناء سيارة واحدة معفاة، فكان لأحد أفراد أسرته نصيب أيضاً من سيل الإعفاءات، فامتلك سيارتين أخريين دون دفع الجمرك: BMW x5 ذات المحرك 4400 CC وAudi Q5 بين عامي 2014 و2016، وصلت قيمة الإعفاء للمركبتين إلى 82800 دولار، بحسب التحقيق.
ومن ضمن المستفيدين أيضاً من المنح غير القانونية، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب محمد صالح عريقات، إذ أعفي الشخص الثاني في المنظمة، الذي يشغل أيضاً عضوية اللجنة المركزية لحركة فتح من جمرك سيارة BMW i650 في 24 يناير/كانون الثاني 2017، وبلغت قيمة الإعفاء 47000 دولار، علماً أنه كان قد استفاد سنة 2008 من إعفاء لشراء سيارة بصفته نائباً في المجلس التشريعي.
مقربون آخرون حصلوا على إعفاءات جمركية غير قانونية، مثل منير سلامة أحمد سلامة رئيس الفريق الوطني لقاعدة البيانات في ديوان الرئاسة، إذ وجه مدير عام الجمارك كتابا له يخبره فيه، بالموافقة على منحه إعفاء جمركيا لشراء مركبة Audi Q7 في الثامن من شباط 2017، وتم تنفيذ الإعفاء بقيمة 47000 دولار.
كذلك حال السفير الفلسطيني السابق في فنلندا نبيل درويش مصطفى، االذي اشترى مركبة Audi A4 معفاة بقيمة 29000 دولار، بعد تلقيه رسالة مشابهة من مدير عام الجمارك في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول 2015.
ولم يستفد المقربون والمتنفذون السياسيون وحدهم من الإعفاءات الجمركية لشراء سيارات خاصة، فالفنان محمد جبر عبد الرحمن عساف، الفائز بلقب مسابقة "آرب آيدول" عام 2013، كان له نصيب أيضاً من الإعفاء بقيمة 30800 دولار بشرائه سيارة Audi Q5، كما سُجل في رخصة المركبة الصادرة عن وزارة النقل والمواصلات.
أكثر من ذلك، فقد استطاع اللواء شحادة ومن حصلوا من عائلته على تلك الإعفاءات وصائب عريقات ومنير سلامة، عدم تسجيل مركباتهم في وزارة النقل والمواصلات ضمن الأنظمة المتبعة لديها، وتنص تلك الأنظمة "على عدم تسجيل أو تجديد ترخيص أي مركبة حاصلة على إعفاء جمركي إلا بعد صرف لوحات تمييز تنتهي بالرقم 31، بالإضافة إلى بقية الرقم التسلسلي لتسجيل المركبة"، وذلك بهدف الالتزام بالشروط الخاصة للإعفاء الجمركي وتسهيل عمل الجهات الرقابية.
وبذلك تكون الوزارة قد خالفت الأنظمة التي حددتها بمنح مسؤولين كبار أرقاما عادية كباقي المركبات التي لم تحصل على إعفاءات من الجمارك والضرائب، وبلغ عدد المركبات المعفاة من الجمارك 10096 مركبة، بينها 1500 مركبة أعفيت ولم تحمل الرقم التمييزي، منذ مطلع عام 2006 وحتى نهاية أكتوبر 2017، وفق ما كشفه لـ"العربي الجديد" مطلع في وزارة النقل والمواصلات فضل عدم الكشف عن هويته حفاظا على أمنه الشخصي.
وحددت القوانين الخاصة بالجمارك والضرائب المعمول بها في الأراضي الفلسطينية الفئات التي يحق لها الاستفادة من الإعفاء الجمركي على السيارات، وعلى رأسهم الأشخاص ذوو الإعاقة في الأطراف السفلية، إلى جانب نواب المجلس التشريعي حيث يستطيع كل نائب الحصول على سيارة واحدة خلال فترة انتخابه.
كما أتاح القرار بقانون رقم (5) لسنة 2014 للأسرى الفلسطينيين الذين أمضوا أكثر من 20 عاماً في السجون "الإسرائيلية" شراء سيارة بلا جمارك وضرائب لمرة واحدة، وتعفى أيضاً السيارات التي تهدف إلى تشجيع الاستثمار والهيئات المحلية التي تمنح كمساعدات خارجية إلى الأجهزة الأمنية والحكومة الفلسطينية.