دولي
المصالحة أو دونها الموت
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 03 أكتوبر 2017
نمرّ في أوضاع وظروف صعبة ربما أكثر مما يتصور البعض، ونعيش في واقع داخلي وإقليمي ودولي معقد للغاية، والأمر يحتاج إلى خطوات سريعة وعملية تساعد على تجاوز مخاطر هذه المرحلة على الوطن والقضية والشعب.
نعم المصالحة ووحدة الصف مطلب حيوي تكمن فيه الحياة لأن دونها الموت، وليس المقصود هنا هو الموت الطبيعي ولكنه الموت المعنوي لكل مكونات الحياة داخل المجتمع الفلسطيني. دون المصالحة يعني تغول العدو أكثر مما هو عليه من تغول، دون المصالحة إننا سنعيش سنوات من التيه أطول مما نتوقع، دون المصالحة سيعش عدونا سنوات عديدة في رغد وطمأنينة، لأجل ذلك كله يجب أن يدفع الجميع نحو إتمام هذه المصالحة على أكمل وجه وأفضل حال، وأن ننهي جميعا هذه السنوات السوداء في حياة الشعب الفلسطيني.
المصالحة تحتاج إلى جهد أضعاف أضعاف الانقسام، وتحتاج إلى إرادات حقيقية وصادقة، وتحتاج إلى نوايا مصحوبة بالعمل ونتائج على أرض الواقع، هذا ما نأمل أن يلمسه المواطن ليس في غزة وحدها بل وفي الضفة الغربية والشتات من حكومة رامي الحمد لله وهي قادمة إلى القطاع، كما نأمل أن نرى الجدية لدى حركة فتح في توجهاتها نحو المصالحة كما أبدت حماس جديتها في هذا السياق، ونأمل أيضا أن تتخلى القوى والفصائل الفلسطينية عن سلبيتها، وأن لا تقف موقف المتفرج، والمأمول أكثر من كل أبناء الشعب الفلسطيني الالتفاف حول المصالحة ودعمها وطي صفحات الماضي، وأن نفتح صفحة جديدة من حياتنا، ولن تكون سهلة، ولكن لو أردنا ذلك سنجد كل الوسائل المعينة عليها والقادرة على أن نخط كل ما فيه الخير لنا ولشعبنا.
المصالحة حياة إلا لمن يريد أن يبقى في الجحور متربصا ومتصيدا هنا وهناك، سواء بحسن نية أو بسوء، ومن يظن أن طريق المصالحة مفروشة بالورود لا يحسن التقدير، وعلينا أن نضع ذلك في الاعتبار، ولكن أول الطريق هو الوعي وإدراك المرحلة وما تحمله من مخاطر، هذا الوعي سيؤدي إلى الفهم، وإذا تحقق الفهم تحقق النجاح رغم الصعوبات.
يبدو أن القوى الفلسطينية وخاصة فتح وحماس وصلوا إلى مرحلة الفهم الحقيقي للمتغيرات الحادثة من حولنا، وتبين لهم أن الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني وثوابته ووجوده يتطلب الجدية في إنهاء الانقسام وتجاوز كل العقبات، وعدم التوقف أمام قضايا بعينها، وإتاحة الوقت لتجاوز كل العقبات، وعلى كل الأطراف أن تحرص (على) عدم التوقف أمام أي عقبة بل تجاوزها مع الاستمرار في البحث عن الحلول الإبداعية لنصل جميعا إلى بر الأمان.
اليوم ستكون حكومة الوفاق بيننا في قطاع غزة، وأعتقد أنها الخطوة الأولى للسير في المصالحة، هذه الحكومة القادمة إلى غزة عليها مهام كبيرة وفي نفس الوقت عليها بالصبر والتحمل للجهد الكبير الملقى على عاتقها، وفي نفس الوقت ستلقى هذه الحكومة كل تعاون من قبل الجميع على مختلف مسمياتهم للوصول إلى الهدف المنشود. ظني أن تلقى الحكومة بوزرائها كل ترحيب وتعاون، هكذا دعت حماس الجميع، هذه الحكومة ليست مستضافة في غزة بل هي جزء أصيل من شعبها سواء في غزة أو الضفة، والأمل معقودة على أول زيارة؛ لأن بها مبشرات سيقرؤها الفلسطينيون دون شرح أو تفصيل، وعليه نريد من الجميع الصدق، والبعد عن العنتريات، والتواضع في التصريحات والتعبيرات، والتأكيد على الحرص والتعاون.
الكل ينظر لنا الحبيب والعدو، ولكل منهما أمانٍ، وكل منهما ينتظر ما يريد، فلا تفتحوا للأعداء ما يمكنهم من تحقيق أمنياتهم، وكونوا كما يحب أبناء الشعب الفلسطيني بأن نكون على قلب رجل واحد، وأن نوحد صفنا ونحقق أمنيات شعبنا؛ بأن يرانا يدا واحدا نتقاسم رغيفا واحدا نتساوى في تحمل المسئوليات، فكلنا عنده ما يمكن أن يقدمه، ولدينا الكثير لو حسنت النوايا وكانت لدينا إرادة صادقة، وبهذا نكتب لأنفسنا حياة جديدة بدلا من الموت الذي كان ينتظره لنا عدونا ومن يتربص بنا.