دولي

البلدة القديمة بالخليل في قبضة المستوطنين بهذا القرار

سيكون للقرار الصهيوني انعكاسات خطيرة على نحو أربعين ألف فلسطيني

"إنه أخطر قرار اتخذته سلطات الاحتلال بحق الخليل منذ عام 1967م.. لن نعترف بهذا القرار وسنواجهه دوليًّا وأمام الأمم المتحدة!!".. بهذه الكلمات رد تيسير أبو اسنينة، رئيس بلدية الخليل، على قرار سلطات الاحتلال الصهيوني السماح للمستوطنين في قلب مدينة الخليل بتشكيل مجلس بلدي لإدارة شؤونهم بعد أن كانت هذه الصلاحيات بيد بلدية الخليل فقط.

وقال أبو اسنينة، في حديث صحفي "إن مدينة الخليل ستبقى وحدة واحدة رغم كل القرارات العنصرية الظالمة، والخليل مدينة عربية إسلامية غير قابلة للتهويد، والقرار الذي اتخذه وزير الحرب الصهيوني بالسماح للمستوطنين بتشكيل مجلس بلدي يدير شؤونهم داخل الخليل، قرار خاطئ وخطير جدًّا لن نسلم به أبدًا، وسنواجهه في كل المنتديات، لا سيما الأمم المتحدة التي أقرت أن الخليل مدينة تراث عالمي، وهي مدينة عربية إسلامية فلسطينية، وهذا يعني أن على الأمم المتحده وحكوماتها حماية الشعب الفلسطيني وتراثه ومقدساته؛ لأنها باتت تشكل إرثًا ترائيًّا عالميًّا".

وقرار تشكيل مجلس بلدي أو إداري للمستوطنين في قلب الخليل يرسخ وجود الاستيطان ويشرعنه في الخليل، وسيكون له انعكاسات خطيرة على نحو أربعين ألف فلسطيني يسكنون في البلدة القديمة من الخليل وفي المنطقة الجنوبية.

وهذا القرار العنصري يشير بنصه، وبحسب الخرائط المرفقة، أنه سيقدم خدماته إلى الأحياء الممتدة على المساحة القائمة ما بين 21 حاجزًا عسكريًّا صهيونيًّا، وستشمل الخدمات المقدمة من المجلس الجديد المستوطنين والفلسطينيين؛ حيث يبلغ عدد الفلسطينيين في تلك المنطقة نحو أربعين ألفا بحسب تقارير محافظة الخليل، فيما يبلغ عدد المستوطنين نحو 450 مستوطنًا مسلحًا، و200 طالب متدين، و150 من التلاميذ وطلبة المدارس، وهنا تكمن مخاطر القرار، كما يصف العديد من السياسيين والحقوقيين أن هذا المجلس سيشمل الفلسطينيين بخدماته، أي سيقوم رسميًّا بإلغاء دور بلدية الخليل.

وعدّ الدكتور خالد فهد القواسمي، عضو مجلس بلدية الخليل ووزير الحكم المحلي الأسبق، أن هذا القرار الصهيوني هو نسف لاتفاق الخليل الموقع عام 1997م الذي ينص على سيطرة كاملة إدارية للفلسطينيين على جميع أرجاء مدينة الخليل، وصلاحيات مطلقة لبلدية الخليل على أحياء ومناطق المدينة كافة حتى المواقع الاستيطانية.

 

بسط نفوذ المستوطنين

 

من جانبه، عدّ عبد الهادي حنتش المختص في شؤون الاستيطان، أن مخاطر عديدة ينطوي عليها هذا القرار، أهمها أن بلدية المستوطنين الجديدة ستبسط نفوذها على أرجاء المنطقة الجنوبية المعروفة بمنطقة  (C)، وستصبح قرارات البناء وتراخيصها وتزويد المنازل الفلسطينية بالكهرباء والماء بأوامر من بلدية المستوطنين، مضيفًا أن سجل أراضي المنطقة الجنوبية والبلدة القديمة سيصبح بيد المستوطنين.

وأضاف حنتش: "لقد بدأت بوادر الهيمنة الاستيطانية على الكثير من المناطق الفلسطينية داخل البلدة القديمة عبر تغيير أسمائها من فلسطينية إلى عبرية، وتغيير اللوحات القائمة على مداخل الشوارع والأحياء".

وحذر هشام الشرباتي، الباحث في شؤون الاستيطان، من مخاطر مشروع المجلس البلدي الاستيطاني في قلب الخليل، قائلاً: "إن ما يسعى له المستوطنون بعد هذا القرار الجائر أن يكون لبلديتهم الصلاحيات في امتلاك العقارات أو مصادرتها، تحت حجة الخدمات العامة، وفرض ضرائب باهظة على الفلسطينيين مثل ضريبة المباني (الأرنونا) وضرائب تراخيص عالية جدًّا كما يحصل في القدس المحتلة، وهدم للأبنية التي تبنى بلا تراخيص كما يجرى في سلوان وغيرها".

وأضاف الشرباتي: "وفق هذا القرار ستكون مناطق عدة تحت هيمنة وسيطرة المستوطنين، وهي: منطقة السهلة، ومنطقة الحرم، والبلدة القديمة كاملة بحاراتها الداخلية، وشارع الشهداء، وتل الرميدة، ومنطقة الكرنتينا، وقبة جانب، وحارة قيطون، ومنطقة أبو الريش، وحارة جابر، ووادي النصارى ووادي الحصين والكسارة، وجبل جوهر، وباب الزاوية، وأول طريق بئر السبع، وبركة السلطان والمدرسة الإبراهيمية وغيرها كثير".

 

الفصائل تحذر

 

وقد نددت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بالقرار؛ حيث قال الناطق باسمها عبد اللطيف القانوع، في تصريح صحفي: إن منح المستوطنين تشكيل مجلس لإدارة شؤونهم وتوفير الخدمات البلدية لهم في مدينة الخليل سابقة خطيرة، وتجاوز للخطوط الحمر، محملاً الاحتلال النتائج المترتبة على ذلك.

وطالب القانوع المجتمع الدولي والمؤسسات الأممية بتحمل مسؤولياتها، ومغادرة مربع الصمت، والضغط على الاحتلال لوقف جرائمه وانتهاكاته، داعيًا شعبنا بمكوناته وشرائحه كافة إلى التصدي لمخططات الاحتلال ومواجهة قراراته بكل الإمكانات والوسائل.

كما استنكرت حركتا "فتح" و"المبادرة الفلسطينية"، وفصائل فلسطينية أخرى قرار حكومة الاحتلال، وعدّوه سابقة خطيرة ونسفًا للاتفاقيات الموقعة، "بل نسفًا لمسيرة السلام برمتها".

القسم الدولي

 

من نفس القسم دولي