دولي

عندما يخادع نتنياهو نفسه

القلم الفلسطيني

قطعة نقدية أثرية عثرت عليها فتاة قبل عشرة أيام صوّرتها الصحف الصهيونية (كون الكتابة عليها بالعبرية) بكونها أثراً يهودياً. وادعى البروفيسور زوهر عومر من جامعة بار ايلان أنها عملة من فئة "نصف شيكل" وتعود إلى أيام التمرد اليهودي ضد الرومان في فترة "الهيكل الثاني". ونشرت وسائل الإعلام بالعبرية والإنجليزية هذا "الاكتشاف"، وفي أعقاب ذلك سارع نتنياهو لاستغلال الفرصة ناشراً الصورة على صفحته وكتب إنها "قطعة نقدية تعود إلى ألفي سنة وكانت تستخدم في أيام "الهيكل الثاني" كنصف شيكل. وبعد عدة أيام تبين أنها ليست أكثر من تذكار للأطفال وتم صكها بمبادرة من متحف "إسرائيل" قبل حوالى 20 سنة.

نتنياهو الذي يحاول البحث عن أثر قديم، يثبت أن اليهود عاشوا في فلسطين، وكان لهم هيكلهم الأول ثم الثاني، كان سعيداً بالعثور على القطعة النقدية لأن ذلك يبرر ادعاءاته الكاذبة وأضاليل دولته حول فلسطين، كما يبرر المسوغات الصهيونية لتكريس الاحتلال والتهرب من الاعتراف بالحقوق الفلسطينية. وقال إن "هذا الاكتشاف المؤثر هو دليل آخر على الارتباط العميق بين شعب "إسرائيل" وبلاده - القدس، والهيكل ومستوطنات يهودا والسامرة". لكنها فرحة ما تمت فقد اكتشف موظفو "متحف إسرائيل" أنها لا عملة قديمة ولا من يحزنون، إنما نسخة تم صكها على قطعة حديثة العهد كما يبدو قبل 15 أو 20 سنة بمبادرة من المتحف كجزء من الإرشاد الذي يقدمه المتحف للأطفال، وتم في حينه تقديم وتوزيع مئات القطع التي تم صكها. وقام محرر صفحة نتنياهو على الفيسبوك بإزالة المنشور الذي وضعه نتنياهو "إلى أن يتم فحص الموضوع". كما أعلن نتنياهو أنه لن يخلي مستوطنات الضفة الغربية. فخلال احتفال أقيم في مستوطنة بركان قال "نحن هنا لكي نبقى إلى الأبد، وإنه لن يتم اقتلاع مستوطنات في أرض "إسرائيل". ومضى في تصريحات ديماغوجية زاعما بشكل مبطن أن "إسرائيل" انسحبت بالكامل من غزة، وأن الأخيرة غير محاصرة.

على صعيد آخر، كشفت مصادر إعلامية صهيونية أن القمة التي جمعت نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل أسبوعين شهدت وراء الكواليس حالة من التوتر والغضب، وألمحت المصادر إلى أن القمة فشلت "إسرائيلياً"، وأن روسيا كانت صارمة ومتشددة بمواقفها حيال ما يحصل في سوريا ووقف إطلاق النار في الجنوب السوري والوجود الإيراني. وتحت عنوان "بوتين لا يفضل "إسرائيل" "كتب شيمون شيفر مقالا في (يديعوت أحرونوت 29 أغسطس/ آب الماضي) استعرض من خلاله كواليس القمة التي جمعت نتنياهو وبوتين في مدينة سوتشي الروسية. لافتاً إلى أن القمة كانت فاشلة من ناحية "إسرائيلية". ولفت المحلل السياسي إلى أن نتنياهو سعى جاهداً من أجل إقناع الرئيس الروسي بأن الوجود الإيراني في سوريا يشكل خطراً استراتيجياً ووجودياً على "إسرائيل" بيد أن جهوده تكللت بالفشل. منوها بأن موقف بوتين هذا كان صادما بالنسبة لنتنياهو.

على ما يبدو فإن نتنياهو يخادع نفسه في ثلاث قضايا مهمة: القطعة النقدية التي تبين أنها "فالصو". نتنياهو لم يقرأ اعتراف أبو الآثار "الإسرائيلي" "إسرائيل" فلنكشتاين من جامعة "تل أبيب" بعدم وجود أي صلة لليهود بالقدس. جاء ذلك خلال تقرير نشرته مجلة جيروزاليم ريبورت "الإسرائيلية" منذ بضعة أشهر توضح فيه وجهة نظر فلنكشتاين الذي أكد أن علماء الآثار اليهود لم يعثروا على شواهد تاريخية أو أثرية تدعم بعض القصص الواردة في التوراة كقصة انتصار يوشع بن نون على كنعان. وشكك فلنكشتاين في قصة داود الشخصية التوراتية الأكثر ارتباطاً بالقدس حسب المعتقدات اليهودية، فهو يؤكد أنه لا يوجد أساس أو شاهد إثبات تاريخي على اتخاذ اليهود للقدس عاصمةً لهم وأنه سيأتي من صلبهم من يشرف على بناء ما يسمى ب (الهيكل الثالث)، وأنه لا وجود لمملكتي يهودا و"إسرائيل" وأن الاعتقاد بوجود المملكتين هو وهم وخيال. في نفس السياق يأتي اعتراف عالم الآثار اليهودي رفائيل غرينبرغ كما البروفيسور يوني مزراحي. القضية الثانية التي يخادع فيها نتنياهو نفسه تتمثل بحصار غزة! فالقطاع ما زال محاصراً. أما حول قمة نتنياهو - بوتين فلنحل رئيس الوزراء الصهيوني إلى مقالة شيفر.

فايز رشيد
 

من نفس القسم دولي