دولي

"الجدار الإسمنتي".. هل يشعل الحرب أم يرمم قوة الردع؟

خبراء اعتبرواها تأكيد على وجود قلق حقيقي لدى الاحتلال

في خطوة تبدو كأنها صاعق يوشك أن يفجّر الأوضاع في قطاع غزة، يسابق الجيش الإسرائيلي الزمن من أجل بناء جدار إسمنتي على طول الحدود مع قطاع غزة، وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية: إنّ الجيش الإسرائيلي شرع في إقامة جدار على طول الخط الزائل مع غزة بتكلفة تفوق 3 مليارات شيكل، يتعمق في باطن الأرض عدة أمتار ويرتفع عنها ستة أمتار؛ بهدف التقليل من خطر الأنفاق الهجومية الواصلة إلى الداخل المحتل.

أما صحيفة "هآرتس" فقالت في عددها الصادر يوم الخميس الماضي: إن الأشهر الأخيرة شهدت تغييرات في المنطقة الحدودية؛ حيث أقيمت مصانع للإسمنت، واستجلب عمال من خارج البلاد، في حين تعمل شركات على تسوية المنطقة الحدودية، إضافة إلى إقامة أكوام ترابية لتحجب العمال العاملين في المنطقة.

بدورها حذّرت فصائل المقاومة الفلسطينية في تصريحات صحفية الاحتلال الإسرائيلي، من مغبة الإقدام على سياسة فرض الأمر الواقع على الحدود مع قطاع غزة، في إشارة إلى رفضها بناء جدار اسمنتي على طول الحدود.

من جهته عدّ الخبير والمحلل العسكري واصف عريقات بناء الجيش الإسرائيلي الجدار الاسمنتي محاولة لتطمين الإسرائيليين سواء كانوا في الداخل أو للمستوطنين القريبين على "غلاف غزة"، موضحاً وجود قلق حقيقي من قضية الأنفاق وعدم القدرة على اكتشافها.

وقال عريقات لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": إن رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو يمر بأزمة كبيرة مع تحالفه، وكذلك ملاحقته من المحاكم الإسرائيلية حول قضايا الفساد، مشيراً إلى أنه يحاول تصعيد الموقف للهروب من قضايا الفساد ومن يريد الإطاحة به من الحكم، وأيضاً لتعزيز معنويات الجبهة الداخلية.

وأوضح المحلل العسكري أن أي مواجهة قادمة تعتمد على تقدير موقف المقاومة الفلسطينية للأحداث ودراسة معمقة إذا ما تصدت لهذا الجدار، مشدّدًا على ضرورة وجود تقدير موقف فلسطيني موحد لمعرفة سبل المواجهة.

وعدّ عريقات مبادرة كتائب عز الدين القسام الأخيرة بإحداث فراغ سياسي وأمني في غزة جزءًا من المشهد العام، وله علاقة بما يحدث على الأرض، مؤكداً أنها ستطبق هذه المبادرة في حال وجدت تهديدا ببناء الجدار الأرضي الذي يهدف لمحاصرة أنفاقها على الحدود.

من جهته أوضح الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب، أن الأصوات في الأوساط السياسية والأمنية الإسرائيلية التي نادت مؤخراً بضرورة زيادة قوة الردع، ترجمت بإنشاء عوائق فوق الأرض وتحتها على الحدود مع قطاع غزة، في إشارة إلى الجدار الإسمنتي.

وأوضح خلال حديثه لـ"المركز الفلسطيني للإعلام"، أن "إسرائيل" وعلى الرغم من تطوراتها التقنية دولةً نوويةً، وأنها من أقوى الدول في مجال السلاح، إلا أنها غير قادرة وعاجزة عن مواجهة وسائل قتالية بدائية، عادًّا إياه شكلًا من أشكال إبداع المقاومة في التصدي للحروب الإسرائيلية.

وحول ما يتداوله الإعلام الإسرائيلي عن أن هذا الجدار يقرب المسافة لحرب جديدة، أكد أن المسؤولين الإسرائيليين يستبعدون الحرب؛ في محاولة لإرباك المقاومة الفلسطينية، مطالباً المقاومة والجمهور الفلسطيني بضرورة الاستعداد لأي مواجهة قادمة.

وقال المحلل السياسي: إن الأسلحة الحديثة والتقنية التي تملكها المنظومة الإسرائيلية فقدت ذكاءها، مقابل إبداعات المقاتل الفلسطيني التي تحددها الإمكانيات، وظروف توازن قوى لم يعد فيها للأسلحة الحديثة دور كبير إلاّ بقدرٍ محدود يهدف إلى التدمير، وليس بالضرورة إلى الانتصار في الحرب.

وكان الخبير العسكري الإسرائيلي بصحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل تنبأ باندلاع حرب جديدة مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في قطاع غزة، عاداً أن خطة بناء جدار تحت الأرض قد تمثل شرارة المواجهة، بينما تستعد "إسرائيل" بتدريبات مكثفة على القتال في الأنفاق والشوارع.

ولا تزال الخيارات مفتوحة على مصراعيها من المقاومة الفلسطينية حول إمكانية التصدي "للعائق الجديد" (الجدار الإسمنتي)، كما تصدت لنظام "القبة الحديدية"، وأثبتت فشلها خلال العدوان الأخير على القطاع.

ومن القبة الحديدية إلى العائق الجديد تبقى "إسرائيل" رهينة لإبداعات المقاومة الفلسطينية وذكائها، التي أثبتت أن التقنيات التقليدية بإمكانها أن تقف حائلاً أمام التقنيات الحديثة.

أمال. ص/الوكالات

 

من نفس القسم دولي