دولي

تفاصيل تسريب عقارات الكنيسة للاحتلال

المفتاح للسيطرة على الأقصى"صفقات مشبوهة"

صادقت ما تسمى "المحكمة المركزية" الصهيونية في القدس قبل أيام على صفقة وقعتها البطريركية الأرثوذكسية في القدس المحتلة وجمعية "عطيرت كوهانيم" الاستيطانية، تنص على بيع ثلاثة مبان تابعة للبطريركية لهذه الجمعية، وسيسمح تسريب بنايتين من أضخم المباني في البلدة القديمة (فندق "بترا" وفندق "امبريال")، على مدخل باب الخليل وكذلك عقارات استراتيجية للجمعية الاستيطانية، بتوسيع نشاطها بشكل كبير في البلدة وتهديد محيطها من المباني في الحي المسيحي "حارة النصارى".

ويتألف فندق "بترا" من أربعة طوابق، بينما يتألف فندق "امبريال" القريب منه، من طابقين كبيرين، أما البناية الثالثة فهي مسكن في شارع المعظمية في الحي الإسلامي، وتقيم فيه عائلة فلسطينية.

يذكر أن إدارتي الفندقين والعائلة الفلسطينية هم مستأجرون محميون، وسيكون على "عطيرت كوهنيم" الآن، البدء بإجراءات لإخلائهم من العقارات في ظل تواطؤ الحكومة والبلدية والقضاة في دولة الاحتلال مع المستوطنين والجمعيات الاستيطانية.

ويحذر خبير الاستيطان، رئيس دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية خليل التفكجي، من خطورة مخطط واستراتيجية صهيونية تهدف في المقام الأول للسيطرة على العقارات المحاذية لأبواب البلدة القديمة، مع تركيز واضح على أملاك الكنائس المسيحية في البلدة ومحيط المسجد الأقصى المبارك.

ويؤكد لـ"المركز الفلسطيني للإعلام"، أن الكنائس المسيحية تملك ما مساحته ٢٤٪ من البلدة القديمة، وقد تمكنت جهات استيطانية من عقد صفقات كثيرة وشراء الكثير من هذه الأملاك بصورة أصبحت تهدد مواقع ومراكز وأماكن مقدسة، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك.

وأردف قائلا: "تملك الكنيسة الارثوذكسية ٣٣٪ من إجمالي الأملاك الوقفية المسيحية في شرق وغرب مدينة القدس المحتلة، وإن أخطر التسريبات الأرثوذكسية للمستوطنين وتحديدا لـ"عطرات كوهنيم" هو "بيت المعظمية" الموجود في مدخل باب حطة، ويقع على مفترق طرق رئيسة تصل ما بين باب الأسباط وباب حطة والمسجد الأقصى وطريق الواد".

ويشير إلى أن بيت المعظمية "تابع للكنيسة الأرثوذكسية"، وكان عبارة عن بيت للقنصل اليوناني سابقاً، المحاذي للمدرسة الصلاحية مقابل ساحة باب الأسباط وباب حطة، محور حركة المصلين والمترددين على المسجد الأقصى المبارك ومدخل البلدة القديمة الوحيد من الجهة الشرقية، كما أن جزءًا من حارة باب حطة هو أحد المنافذ إلى الأقصى وبه آثار من العصر الأيوبي، كذلك يوجد في المنطقة المدرسة الصلاحية التي أنشأها صلاح الدين الأيوبي مجمعا علميًّا خرّج كثيرا من العلماء في القدس.

ولفت التفكجي إلى أن الخطورة في تسريب هذا البيت تكمن في أنه يقع في موقع استراتيجي مهم جدًّا، ويشدد على أن الأمر خطير، ويحتاج لمتابعة وطنية سريعة، قائلا: "إن الأملاك الأرثوذكسية تحديداً دون أملاك باقي الطوائف المسيحية في القدس، تتوزع في كل البلدة القديمة، وأخطرها مكاناً في الحي الإسلامي".

وبين أن بيت المعظمية سرِّب إلى الجمعية الاستيطانية "عطرات كوهنيم" في العام ٢٠٠٤، وصودق على هذه الصفقة في الأسبوع الماضي، ويقول: إن هذه الصفقة المشبوهة لها دلالات خطيرة وواضحة وتستوجب التحرك السريع؛ فما حدث في المسجد الأقصى من اقتحام وإغلاق يومين متواصلين، ومحاولة إغلاق باب حطة ومنع دخول المصلين منه، ثم محاولة الجانب الصهيوني السيطرة والاستيلاء على مفاتيح هذا الباب، يعكس توجها صهيونيا واضحا بالسيطرة عليه.

ويضيف: "إن هذا يدل على أن هناك سيناريو مبيتا ومخططا له بصورة مدروسة في موقع استراتيجي قريب جداً من المسجد الأقصى المبارك"، ولفت إلى أن الجمعية الاستيطانية "عطرات كوهنيم" تخطط لفتح بيت المعظمية واستغلاله ضمن نشاطاتها الاستيطانية في البلدة القديمة؛ ما سيكون له انعكاسات وعامل توتر في البلدة.

وأفاد أن المنزل تسكنه عائلة فلسطينية منذ العهد الأردني، وهي محمية بموجب القانون، بيد أن هذه الجمعية الاستيطانية لها سوابق خطيرة في تهجير المقدسيين، وقال: "إن معالم المخطط الذي وضع مطلع السبعينيات والثمانينيات بدأت تظهر في ظل العمل السري والصفقات المشبوهة ومحاولات الجمعيات الاستيطانية التغلغل في أحياء البلدة القديمة، وخصوصاً في الحي الإسلامي ومحيط المسجد الأقصى المبارك، وأبواب المدينة العتيقة".

ويضيف: "كانت البداية الاستيلاء على منازل في باب الساهرة في مطلع الثمانينيات بحجة أنها تعود لـ"أملاك غائبين"، وبعدها في منطقة الواد، ثم تسريب عقارات لـ"عطرات كوهنيم"، و"شفو بنيم" و"جمعية "شفو لشوناه"، ثم في ساحة عمر بن الخطاب في باب الخليل ضمن استراتيجية تبناها الاحتلال بعد قرار ما يسمى بـ(توحيد القدس)، الهدف الرئيس منها السيطرة على المداخل والمخارج الرئيسة في البلدة القديمة لإحكام السيطرة عليها في ظل الزحف الاستيطاني على الحي الإسلامي ومحيط المسجد الأقصى".

ومضى التفكجي يقول: "إن السعي الصهيوني الرسمي والاستيطاني كان باتجاه الكنيسة الأرثوذكسية لأنها تملك ٥٦٪ من الأملاك المسيحية في البلدة القديمة، وهي كنيسة غير معربة يسيطر عليها (المجمع /المقدس السنودس) من رجال الدين اليونانيين، فجاءت النكبات عبر التأجير طويل الأمد (٩٩ عاماً) للكثير من الأوقاف المسيحية للجهات الرسمية الصهيونية وجمعيات استيطانية، ثم التطور الخطير بالبيع الرسمي للعقارات والأراضي الوقفية المسيحية بحجة الأزمة المالية في البطريريكة الأرثوذكسية.

ويشير إلى أن التسريب وبيع العقارات الوقفية المسيحية، لم يقتصر على القدس القديمة وغرب القدس؛ بل تعداها إلى مدينة يافا ورحافيا وفي قيصاريا، ما يعني أن الكنيسة اليونانية الارثوذكسية لا تقيم للصراع الوطني الفلسطيني مع الاحتلال أي وزن، بل تركز على ما تدعي أنها تعيش أزمة مالية لا نعلم سببها، وأين تذهب بكل هذه الأموال، وعلى ماذا تنفقها؟.

أمال. ص/الوكالات

 

من نفس القسم دولي