دولي
قانون الجرائم الإلكترونية يصادر الحريات
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 19 جولية 2017
قبل أيام صادق السيد محمود عباس علي القرار بقانون بشأن الجرائم الإلكترونية وهذا القرار أعده مجلس وزراء حكومة الحمد الله ورفعه للسيد محمود عباس للمصادقة عليه.
أولاً: إن المتفحص للجانب القانوني يجد أن المجلس التشريعي الفلسطيني هو الجهة المسؤولة عن إصدار التشريعات وإصدار السيد محمود عباس لهذا القرار يعد باطلاً من الناحية القانونية، لأن عباس انتهت ولايته في 9-1-2009، واستناداً للقانون الأساسي الفلسطيني فإن المادة 43 نصت علي "عدم جواز إصدار الرئيس لقرارات بقانون إلا في حالات الضرورة القصوى التي لا تحتمل تأجيل أو تأخير علي أن يتم عرضها علي المجلس التشريعي في أول جلسة له" ، وبناء علي ما سبق يتضح لنا أن القرار بقانون بشأن الجرائم الإلكترونية الصادر عن السيد محمود عباس باطل قانونياً.
ثانياً: إن مضمون المواد و النصوص الواردة في القرار شملت مواد تشمل خطورة تخالف القانون الأساسي وتخالف قوانين حرية التعبير وتمس بحرية الرأي، والخطورة تكمن في أن هذا القرار بقانون تم بدون إشراك أي جهة في المجتمع المدني أو هيئات حقوقية أو نقابية، فعند تفحص المواد الواردة في القرار نجد في ثناياها التلبيس والتدليس واعتماد الحجج الملتوية و كبح لحرية الرأي والتعبير ضمن سلسلة من المواد التي تفرض الوصاية علي الحريات، ومصادرة للحقوق، يهدفون من وراء ذلك ترسيخ مغالطات السلطة التنفيذية وتغولها علي السلطات الأخرى في انزلاقات تضليلية وتمويهية هدفها السيطرة وقمع الحريات وتعزيز الصوت الواحد للسلطة التنفيذية والأجهزة الأمنية.
ومن جهة أخري يتضمن القرار بقانون بشأن الجرائم الإلكترونية الصادر عن السيد محمود عباس أحكام تنطوي على خطورة على الحريات في إطلاق العنان للأجهزة الأمنية بإغلاق المواقع الإلكترونية التي تتبني روايتهم ورؤيتهم، إضافة لحبس المعارضين وتغريمهم مالياً وفق ما نص عليه القرار من أحكام وعقوبات.
ثالثاً: يسمح هذا القرار للسلطات الأمنية تقييد حرية حق وصول الجماهير للمعلومات وذلك من خلال اعتماد مصطلحات فضفاضة مثل تهديد الأمن العام، تهديد سلامة الدولة، إضعاف الشعور الوطني، وهذه كلها مسميات واسعة تحتمل التأويلات والتفسيرات المختلفةـ فيمكن أن يؤول أي لفظ لمعني مخالف للمقصد الأساسي له وكذلك إلباس الحق صفة الباطل وأن تعتمد التفسير السيئ وتعاقب علي ذلك كل من يختلف مع الجهات الرسمية والأجهزة الأمنية.
رابعاً: إن هذا القرار بقانون سيترتب عليه آثار أمنية واقتصادية تضر بالدولة، بداية فإن التشديد والترهيب الذي تحمله مواد هذا القرار ستدفع الجمهور إلي العزوف عن الاشتراك في الشركات الفلسطينية للإنترنت وتكنولوجيا المعلومات ومزودي الإنترنت الفلسطينيين لأن هذا القرار يستوجب علي هذه الجهات تقديم معلومات عن مستخدميهم للجهات الأمنية، وكذلك السماح للأجهزة الأمنية بمتابعة معلومات وخصوصيات الجمهور عبر شبكة الإنترنت، مما سيؤدي للجوء الجمهور للشركات التابعة لدولة الاحتلال للاستفادة من خدماتها، وهنا برز الخطر الأمني حيث يصبح المستخدم الفلسطيني لدي شركات دولة الاحتلال الإلكترونية صيد سهل وهدف للإسقاط والمتابعة الأمنية، إضافة لما سبق فان هنالك أثر مالي واقتصادي سيئ لعزوف الجمهور الفلسطيني عن استخدام الشركات الوطنية الفلسطينية.
خامساً: حق الحصول والوصول للمعلومات حق أصيل ويعد أهم ركائز الحرية في الدول الديمقراطية، فكيف لنا أن نفسر ونتفهم هذا القرار الذي يحمل في ثناياه مواد تعارض هذا الحق، ومن أمثلة ذلك الهامة والخطيرة قيام سلطة رام الله بإغلاق عدد من المواقع والمنصات الإعلامية الوطنية و حجبها في الضفة الغربية، واعتقال عدد من الصحفيين والإعلاميين بالضفة الغربية بحجج واهنة، وترهيبهم بالقبضة الأمنية.
سادساً: ينبغي علي المؤسسات الحقوقية والنقابية وهيئات المجتمع المدني الاعتراض علي قرار السيد محمود عباس بشأن الجرائم الإلكترونية كونه باطل قانوناً ويصادر الحريات شكلاً ومضموناً، وكذلك ضرورة العمل علي تعطيل تطبيقه لمخالفته للقانون الأساسي الفلسطيني، وكونه باطل قانوناً، ولأنه يحمل العديد من المواد المموهة التي تحتمل التدليس والتأويل وفق رغبة السلطات، وفي ذلك مغالطات عظيمة ومصادرة للحريات.
مصطفي شاهين