دولي

ذريعة العملية لاستهداف الأقصى.. تذكير ضروري

القلم الفلسطيني

 لم يتردد البعض في جعل عملية الأقصى يوم الجمعة بمثابة ذريعة لاستهداف الأقصى، كأن الوضع قبلها كان على ما يرام، وهي التي منحت الغزاة ذريعة لاستهداف المسجد، وعموم "القدس الشرقية"، في تجاهل أعمى، أو مقصود لحقيقة ما يجري للمدينة وأقصاها ومقدساتها منذ 5 عقود.

لذلك كله وجب تذكير هؤلاء بأن مسلسل استهداف المدينة ومقدساتها لم يبدأ من لحظة منع الصلاة فيه لأول مرة يوم الجمعة، بسبب العملية، وإنما هو ممتد منذ خمسة عقود، ولن يتوقف حتى يحقق الصهاينة أهدافهم، ممثلة في تهويد المدينة وبناء هيكلهم المزعوم على أنقاض الأقصى؛ إذا استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، كما أنه لولا المقاومة لكان مسلسل التهويد أسرع بكثير مما كان عليه.

يعرف الصهاينة كيف يديرون معاركهم بالتدريج، وهم منذ الاحتلال الثاني عام 67، يفرضون الوقائع في المدينة؛ بتهجير أهلها، وفرض وقائع أخرى تخص المربع المقدس، بالقضم والحفريات وعموم مسلسل التهويد.

نهاية أيلول من العام 2000، اندلعت واحدة من أهم مراحل النضال الفلسطيني، باسم انتفاضة الأقصى؛ رداً على زيارة شارون التي جاءت لتأكيد حق اليهود في المسجد، ومنذ تشرين الثاني 2015، تتواصل انتفاضة أخرى باسم القدس قدمت 337 شهيداً إلى الآن، وذلك رداً على مسلسل التهويد والاستيطان، ولولا السياسة الفلسطينية الرسمية التي يعرفها الجميع، وبؤس الوضع العربي والإقليمي، لكانت مسيرتها (أي انتفاضة القدس) أقوى من انتفاضة الأقصى. ومرة أخرى نؤكد، أن المقاومة تعطل عمليات الاستهداف، ولا تسرّعها كما يزعم البعض.

لو تتبعنا مسلسل التهويد الذي تواجهه المدينة المقدسة، لطالت هذه السطور، لكنه مسلسل يعرفه الجميع، وإذا أردنا نقل تصريحات ساسة العدو بشأن المدينة وأقصاها، فهي أكثر من أن تحصى، وهي تؤكد أن الموقف الصهيوني منها هو ذاته؛ من آباء الصهاينة الذين قال كبيرهم (بن غوريون): «لا معنى لإسرائيل بدون القدس، ولا معنى للقدس بدون الهيكل»، وحتى نتنياهو، وسائر فريقه اليميني المتطرف، وصولاً إلى البقية الذين لا يختلف رأيهم كثيراً عن المتطرفين (ألم يقل «الحمامة» يوسي بيلين: إن الهيكل بالنسبة لليهود كما الكعبة للمسلمين؟!).

هذه البقعة المقدسة هي العنوان الأبرز لديمومة الصراع؛ إذ لا وجود لزعيم صهيوني يتخلى عنها، وفي المقابل؛ لا وجود لعربي أو فلسطيني يفعل ذلك أيضاً، ومن يفعل، سيكون عنواناً للخيانة، ولن يركن أحد لموقفه بأي حال.

من يقرأ سورة الإسراء، سيرى الإعجاز القرآني في أوضح تجلياته، فهو يتحدث عن أقلية كانت عند نزول الآيات ضعيفة مستضعفة، لكنه يتنبأ بأنها ستفسد في الأرض مرتين، وستعلو علواً كبيراً، فهل ثمة أقلية في التاريخ علت مثل هذا العلو الذي عليه الصهاينة الآن؟ وهل حدث في التاريخ المكتوب للبشرية أن كانت أقلية «أكثر نفيراً» من الصهاينة هذه الأيام؟ ألا تطلب أهم دول العالم ودهم، بما في ذلك أكثرها تناقضاً فيما بينها؟!

لكنها (أي الآيات)، تبشرنا أيضاً بما بعد ذلك العلو، وهو قادم بإذن الله، ففي تلك الأرض المقدسة، أناس لن يبيعوا مقدساتهم، ولن يخذلوا أقصاهم، والشبان الثلاثة الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية، هم دليل على ذلك، وقبلهم كل شهداء انتفاضتي الأقصى والقدس. كما أن هذه الأمة التي تقرأ كتاب ربها، وقدمت في سبيل حريتها ملايين الشهداء والمهجرين والمعتقلين، لن تخذل قدسها وأقصاها بإذن الله. هذه ليست أوهاما، بل هي حقائق واقعة، ومن يعرف هذه الأمة، ويقرأ تاريخها جيداً، سيدرك ذلك.

ياسر الزعاترة
 

من نفس القسم دولي