دولي

صفقة التبادل المحتملة بين حماس والمحتل: قراءة في الفرص والمعوّقات

يراهن الاحتلال على مفاعيل الحصار والدور المصري لإبداء مرونة على مواقفها من الصفقة

قدم قادة حركة "حماس" ومسؤولون إسرائيليون معلومات وتقديرات متضاربة حول فرص توصل الطرفين لصفقة تبادل أسرى، فقد ألمح رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، في خطابه الأخير إلى حدوث تطورات إيجابية على صعيد الصفقة، عندما قال: "إن عملية تحرير الأسرى الفلسطينيين من داخل السجون الإسرائيلية باتت أقرب من أي وقت".

لكن في المقابل، فإن وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، لا ينفي فقط حدوث تقدم في الجهود الهادفة للتوصل للصفقة، بل يزعم عدم وجود اتصالات مع الحركة بهذا الشأن.  وتبدو تصريحات ليبرمان بمثابة تذاكٍ، ذلك أن إسرائيل لا تجري اتصالات مباشرة مع حركة "حماس" بشأن التوصل لصفقة تبادل الأسرى، لكنها كلفت أطرافاً أخرى بالتباحث مع "حماس" حول ظروف وشروط هذه الصفقة. 

 وعلمت "العربي الجديد" أن كبار قادة جهاز الاستخبارات العامة المصرية طرحوا موضوع الجنود الأسرى الإسرائيليين خلال سلسلة اللقاءات التي جمعتهم بقادة "حماس" الذين زاروا القاهرة أخيراً. وتبين أن الجانب المصري لم يطرح هذه القضية بشكل عرضي وهامشي، بل استحوذت على مساحة كبيرة من تلك اللقاءات. 

ونظراً لطابع العلاقة والتنسيق الوثيق بين إسرائيل والنظام المصري الحالي، إلى جانب تجربة القاهرة في التوسط بين "حماس" وإسرائيل في صفقة "وفاء الأحرار"، التي أفرجت الحركة بموجبها عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط مقابل إفراج إسرائيل عن ألف أسير فلسطيني، لا يمكن الافتراض أن المستويات الأمنية المصرية طرحت القضية بدون التنسيق المسبق مع تل أبيب. وبخلاف ما صدر عن ليبرمان، فقد أشار معلق الشؤون الاستخبارية في "معاريف" يوسي ميلمان، ومعلق الشؤون العسكرية في صحيفة "يسرائيل هيوم"، يوآف ليمور، إلى أنه قد صدرت "تلميحات" عن أوساط رسمية إسرائيلية بشأن إجراء اتصالات بهدف إنجاز الصفقة.

وقد لفت ميلمان إلى أنه إلى جانب الاستخبارات المصرية، فإن أجهزة استخبارات أجنبية أخرى تؤدي دوراً في محاولة التوصل للصفقة. وتدل تجربة الماضي على أن الاستخبارات الألمانية نشطت بشكل كبير في التوسط بين حماس وإسرائيل ومهدت جهودها للتوصل لصفقة "وفاء الأحرار".

 لكن هناك ما يدلل على أنه على الرغم من الجهود المصرية المكثفة، فإن الهوة بين مواقف الطرفين تقلّص من فرص إنجاز الصفقة في الوقت الحالي. ووفقاً لما كشفته صحيفة "معاريف" قبل يومين، فإن على رأس نقاط الخلاف التي تعوق التوصل للاتفاق مطالبة "حماس" بأن تدفع إسرائيل "ثمناً"، مقابل الكشف عن معلومات عن أوضاع وحالة الجنود الأسرى.

ومن ناحية نظرية، فإن هناك عوائق تقلص فرص التوصل إلى صفقة في الوقت الحالي، من أبرزها البيئة السياسية الداخلية في إسرائيل تحدّ من فرص التوصل للصفقة. وإلى جانب اعتراض ممثلي حزب "البيت اليهودي" في الحكومة والبرلمان، فإن معظم وزراء الليكود يعارضون أيضاً أن يتم الإفراج عن عدد كبير من الأسرى في إطار أية صفقة.

ويرى وزراء اليمين الإسرائيلي أن الإفراج عن عدد كبير من الأسرى سيمسّ بقوة الردع الإسرائيلي، وسيحفز الفلسطينيين على اعتماد عمليات الخطف كوسيلة لتحرير أسراهم. ويسوغ هؤلاء الوزراء حججهم بالزعم إن اثنين من الأسرى الأربعة، وهما الجنديان هدار غولدين وشاؤول أرون قد قتلا في الحرب، وبالتالي فإن حركة حماس تملك جثتيهما فقط، الأمر الذي لا يستدعي أن يتم دفع ثمن كبير لقاء الجثتين.

في المقابل، فإن عوائل الجنود الأسرى قد كثفت من أنشطتها الاحتجاجية على تعاطي دوائر صنع القرار مع هذا الملف. وقد اهتمت وسائل الإعلام الإسرائيلية بمنح تغطية متزايدة للأنشطة الاحتجاجية، ولا سيما مع تعمد عوائل الأسرى عرقلة اجتماعات لجان نيابية داخل الكنيست، والتشويش على مداخلات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. لكن حتى الآن، فإن حراك هذه العائلات لم يحدث تغييراً جذرياً على توجهات الرأي العام الإسرائيلي، كما فعل في حينه الحراك الذي قادته ونظمته عائلة شاليط.

من الواضح أن إسرائيل تراهن على مفاعيل الحصار والدور المصري وإمكانية إسهامه في إقناع "حماس" بإبداء مرونة على مواقفها من الصفقة. لكن على الرغم من أن حركة حماس لم تعلن مطالبها للتوصل للصفقة، فإنه يمكن القول إن الحركة لن تكون مستعدة للتوقيع على صفقة ما لم تسفر عن تحرير، على الأقل، نفس العدد من الأسرى الذين تم إطلاق سراحهم في "وفاء الأحرار".

أمال. ص/ الوكالات

 

من نفس القسم دولي