دولي

فضيحة تسريب الأوقاف في القدس تحت سمع وبصر السلطة الفلسطينية والأردن

لا يجيز قانون البطريركية بيع الأوقاف وإنما يسمح بتأجيرها بهدف الاستثمار

أثارت الأنباء التي تواردت عن إبرام صفقة بيع أراضٍ وقفية تابعة إلى الكنيسة الأرثوذكسية (اليونانية) في مدينة القدس، وتقدر مساحتها بنحو 500 دونم، ونقل ملكيتها إلى الاحتلال، غضباً واستياءً فلسطينياً من هذه الصفقة، في فضيحة جديدة لبيع أراضٍ وعقارات وقفية مسيحية للاحتلال، في وقت بررت فيه اللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس عملية البيع الأخيرة هذه.

واتهم الباحث في شؤون الأوقاف الأرثوذكسية وعضو المجلس الأرثوذكسي داخل فلسطين المحتلة، أليف صباغ، السلطتين الفلسطينية والأردنية بالتغاضي عما تقوم به الزعامة الدينية لبطريركية الروم الأرثوذكس من عمليات بيع لأملاك وأراضي الأرثوذكس العرب في القدس والداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، وقال صباغ، لـ"العربي الجديد"، إنه "يفترض أن تعمل البطريركية وتمارس صلاحياتها بموجب القانون الأردني رقم 27 لعام 1958، ولكنها تفعل ما تريد من دون أي اعتبار، خصوصاً داخل إسرائيل، في حين يوجد اتفاق فلسطيني أردني، مع البطريرك ثيوفيلوس، على ألا يتدخلوا في أي صفقة يجريها داخل إسرائيل، بما في ذلك المناطق التي تسيطر عليها، أي القدس، وهذا أيضاً باعتراف فلسطيني وأردني".

ولفت إلى وجود قرار لدى البطريركية اليونانية، بعلم وموافقة ضمنية من اللجنة الملكية لشؤون الكنائس في الأردن، ومن اللجنة الرئاسية لشؤون الكنائس في السلطة الفلسطينية، بأن يتم بيع الأوقاف المؤجرة لإسرائيل بيعاً تاماً. وقال "يفترض أن تعمل البطريركية بموجب قانون البطريركية الذي لا يجيز بيع الأوقاف، وإنما يسمح بتأجيرها بهدف الاستثمار. ولكن هذا البطريرك يعمل كل ما يحلو له بغطاء سياسي فلسطيني وأردني، وأنا مسؤول عن كلامي هذا".

ورداً على سؤال لـ"العربي الجديد" حول عدم وجود تحرك للمسيحيين العرب للتصدي لهذه البيوع، قال صباغ "لا توجد لجنة عربية أرثوذكسية، وإنما توجد لجنة تنفيذية للمؤتمر الأرثوذكسي (داخل إسرائيل). لجنة يسيطر عليها مجلس الطائفة في الناصرة لمصالحه الخاصة، بغض النظر عن البيانات الرنانة التي تصدر بين الحين والآخر". وأضاف "في الضفة الغربية ينشط إخواننا لمناسبة عيد الميلاد ورأس السنة لمقاطعة البطريرك في الاحتفالات الرسمية، ولكن للأسف تقوم السلطة الفلسطينية بتهديد النشطاء، وحتى اعتقالهم، بحجة أنهم يعطلون مسيرة رسمية، والحقيقة أن البطريرك يجري صفقات هناك أيضاً". وتابع "أما في الأردن، فيقوم الأمير غازي بتهديد كل من يعارض البطريرك وصفقاته، ويقول لإخواننا هناك: البطريرك في حماية الملك، ومن يهاجمه يعرض نفسه للملاحقة. هذا هو الوضع العام للأسف، والناس محبطة من إمكانية التصدي لسياسة البطريركية اليونانية". وتعليقاً على البيان التوضيحي الذي أصدره رئيس اللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس، حنا عميرة، قال صباغ "بالنسبة إلى بيانات حنا عميرة، كلام في كلام، وأتحداهم أن يفعلوا شيئاً غير الكلام.

وعما إذا تمت هذه البيوع لجهات إسرائيلية، أكد صباغ أنه "سبق هذه البيوع صفقات تأجير لجهات إسرائيلية لمدة 49 سنة، أو 99 سنة، وانتهى العقد السابق أو اقترب من الانتهاء، علماً بأن الجهات الإسرائيلية تستهدف الأوقاف الأرثوذكسية في القدس، لأن الكنيسة تملك مساحات كبيرة في المدينة، وإسرائيل اشترت بعضها منذ عشرينيات القرن الماضي".

وفي السياق نفسه، حذر مجلس الطائفة الأرثوذكسية في الناصرة بالداخل المحتل، في بيان وصلت نسخة عنه إلى "العربي الجديد"، من أن "التفريط بأوقاف الطائفة العربية الأرثوذكسية في البلاد يعتبر جرماً بحق الإرث التاريخي والوطني في بلاد الآباء والأجداد، ولن يمرّ هذا مرّ الكرام"، مشيراً إلى أن هذا الأمر تعمل على تنفيذه جهات مأجورة ومشبوهة تعمل ضد المنفعة الوطنية، وضد الموقف الوطني الحقيقي للطائفة العربية الأرثوذكسية. وحمل البيان البطريرك ثيوفيلوس الثالث كامل المسؤولية لهذه الصفقات المرفوضة.

وقال مصدر مطلع ومسؤول، لـ"العربي الجديد"، إن جميع أعضاء اللجنة الكنسية التي أصدرت البيان التوضيحي، الذي لم يجب عن أسئلة كثيرة تتعلق بعمليات البيع والتأجير للإسرائيليين ودور البطريرك فيها، "موظفون رسميون في منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية، ويتقاضون منها رواتبهم، وبالتالي لا يتوقع من هؤلاء نشر الحقائق المتعلقة بعمليات البيع هذه، بالنظر إلى أن أي خطوة من هذا القبيل تهدد المصالح والامتيازات التي يتمتع بها هؤلاء"، عدا عن التفاهمات غير المعلنة بين السلطة الفلسطينية والأردن بخصوص دعم البطريرك لحساسية موقعه الديني والسياسي الرمزي.

أمال. ص/ الوكالات
 

من نفس القسم دولي