دولي
لا تغلقوا ملف اغتيال فقهاء فلازال للجريمة خيوط
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 19 ماي 2017
قالوا قديما (اعطي خبزك للخباز ولو أكله كله) مثل يصلح لكل زمان ومكان خاصة ونحن نتحدث في زمن التخصص والمؤسسات ، زمن العلوم والمعرفة والدراسات ، فإذا لم نحترم هذه العقول وهذه المؤسسات ونتركها تعمل وفق منظومة عمل تكاملية معرفية تعاونية، ونعمل على التدخل على قاعدة (بفهموش) نفعل كالخباز في زمن فرن الطينة وليس في زمن فرن الكهرباء أو الغاز ، فران الطينة صاحب الخبرة الطويلة لا يقدر على تشغيل فرن الغاز ولو تمكن من تشغيله لا يقدر على إدارة حركة العجين او توزيع اقراص الخبز ، لأن خبرته كانت في فرن الطين أما اليوم فالخبرة منقوصة وغير كافية لإدارة فرن الغاز أو الكهرباء. استشهد مازن فقهاء عبر جريمة اغتيال منظمة ومعقدة وبأسلوب غير تقليدي وكانت كالصاعقة على رأس الجميع ومن لحظة الاستشهاد حتى الاعلان عن كشف خيوط الجريمة والقاء القبض على الجناة استغرق الامر ثمانية واربعين يوما بواقع عمل بلغ 1152 ساعة شارك فيها العشرات إن لم يكن المئات واصلوا العمل ليل نهار بشكل فريق عمل متنوع من أجهزة الامن كل حسب تخصصه، هذا الفريق وضع نصب عينيه الوصول الى المجرمين والقاء القبض عليهم، وكون الجريمة خطيرة مست الامن العام في قطاع غزة كان التحدي أكبر، وهذا التحدي جعل المجال مفتوح لتدخل غير محمود من قبل البعض نعتقد أنه عطل عمل أهل الاختصاص واعاق سرعة الانجاز ، لأن هذا التدخل جعل العمل عشوائي غير مستند على اساليب متطورة في البحث والتحري مما ادى إلى تشعب اتجاهات التحقيق وإطالة الوقت في الكشف عن خيوط الجريمة ووضع اليد على مرتكبيها. لم يكن التدخل غير المحمود هو السبب الرئيس وإن كان الأهم وهناك أيضا اسباب أخرى منها الاحتلال وأجهزته الأمنية التي حاولت تضليل العدالة ونشر الاشاعات التي قادها الطابور الخامس والعملاء وبعض الجهلة الذي روجوا لهذه الاشاعات، صحيح أن رجال الأمن والمحققين يدركون لعبة الاحتلال ولا يلقون لها بال ولا ينظرون كثيرا إلى ما يقال عبر شبكات التواصل الاجتماعي التي سهلت ترويج الاشاعات نتيجة جعل الكثير من مستخدميها بالقواعد الأمنية والانسياق خلف الاشاعات دون تحقق من أي مصدر ، فبدلا من ان يكون هؤلاء الغيورين عامل مساعدا لسرعة كشف الجريمة شاركوا مع الاسف في ارباك المشهد وإشاعة القلق والتوتر في المجتمع وتوزيع الاتهامات في كل الاتجاهات وهم لا يدرون أنهم باتوا يساعدون مخابرات الاحتلال دون قصد في محاولة التضليل والارباك. ادرك رجال الامن منذ اللحظة الأولى لخطورة هذه الشائعات وتحركوا ولكن سرعة الانتشار وكثيرة المستخدمين لهذه الشبكات يجعل الاحاطة بها أمر غير ممكن ، ولكنها لم تشغلهم كثيرا ولكنها دفعت المستعجلين والمتدخلين يتحركون بشكل غير مدروس، وتم تدارك الامر وتحجيم حجم التدخلات ورد الأمر إلى أهل الاختصاص ليقوموا بالعمل بشكل ممنهج دون أي التفات إلا إلى اصول العمل الامني العلمي والممنهج، وتمكن اهل الاختصاص من سرعة لملمة الأوراق وإعادة ترتيبها وتشكيل الصورة من جديد بعد بعثرتها غير المقصودة، وكان ما كان من انجاز فاق التوقع وسجل عملا أمنيا متقنا اثلج صدور الملايين من الفلسطينيين والمحبين للمقاومة ، وكان الاعلان عن الكشف عن القاتل والقاء القبض عليه وعلى من شاركوا وسهلوا ارتكاب الجريمة البشعة وهم بذلك وجهوا صفعة قوية على وجه اجهزة المخابرات الصهيونية. هذا الكشف عن الجريمة والقبض على غالبية مرتكبيها إن دل فإنما يدل على عمل وجهد كبيران جدا ويؤكد على المثل الذي سقناه في بداية المقال وهو أن يترك الأمر لأهله دون أن يدفعنا المصاب مهما كان من تعطيل العمل وأن لا نتصرف كالدببة عندما ارادت أن تحمي ولدها من ذبابه فقتلته وهي تحاول ذب الذباب عن وجهه. التحية كل التحية لرجال الاجهزة الامنية الذين تمكنوا بجدارة واقتدار من الكشف عن هذه الجريمة المعقدة وغير المسبوقة واعادوا لغزة هيبة أمنها ورسخوا مرة أخرى على أمن الامن هو سيد الموقف وأن ثقة المواطن بالأجهزة الامنية عادت أكثر مما كانت عليه، شكرا لكل من وقف إلى جانب أمنه والتزم بالقواعد الامنية وحافظ على السكينة وكشف يده عن مجاراة الاشاعات والخوض فيها. كلمة أخيرة ، لم يغلق هذا الملف ويجب أن لا يغلق حتى يتم القاء القبض على كل من له صلة بالجريمة ومواصلة ملاحقة العملاء ، ثم يجب علينا كمواطنين أن نكون عيونا على أمننا ، فكل منا يكون رجل أمن لنفسه ومجتمعه.
مصطفى الصواف