دولي

انتخاب هنية رئيساً لـ"حماس": خمسة ملفات ملحّة بانتظاره

ارتياح كبير لدى جهاز الاستخبارات المصري ودوائر سياسية عدة بتوليه قيادة "حماس"

 

 

بانتخاب إسماعيل عبد السلام هنية رئيساً للمكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" للسنوات الأربع المقبلة، يكون أمام القائد الجديد للحركة مهام كبيرة، داخلية وخارجية، وملفات معقدة، أهمها العمل على تسويق وثيقة المبادئ السياسية للحركة التي أُعلنت قبل أيام من الدوحة، والتي ترغب "حماس" في أن تكون بوابتها لشطب اسمها من لوائح المنظمات الإرهابية، وممراً للاعتراف الدولي بها.

 

تحديات كبيرة

 

انتُخب هنية، المولود عام 1963 في مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة لأسرة لاجئة من "جورة عسقلان"، أمس السبت، مع 18 عضواً للمكتب السياسي الجديد للحركة، بعد أربعة أشهر من انطلاق الانتخابات لدورة 2017-2020، في كل من غزة والضفة الغربية والسجون والخارج. وأكد رئيس المكتب السياسي السابق لـ"حماس"، خالد مشعل، أنه يضع كامل ثقته في القيادة الجديدة للحركة ويصطف خلف هنية والمكتب السياسي الجديد. وجدّد مشعل، في كلمة مسجلة، تأكيد حركته على المسؤولية السابقة واللاحقة بالإفراج عن جميع الأسرى من كافة الفصائل، "وأن نجسّد الحلم الفلسطيني والمشروع الوطني بالتحرير والعودة، واستعادة كافة حقوقنا".

بالإعلان عن تولي هنية رئاسة المكتب السياسي لـ"حماس"، أسدل الستار على مرحلة الانتخابات الداخلية في الحركة، والتي تتميّز بها عن غيرها من الفصائل الفلسطينية، وأصبح رسمياً من اللحظة التي أُعلن فيها رئيساً للمكتب السياسي، مسؤولاً عن كل أجنحة الحركة ومؤسساتها ومجالسها في الداخل والخارج.

ويأتي انتخاب هنية في ظرف حسّاس للغاية بالنسبة لـ"حماس" التي تعيش في معقلها الرئيسي في غزة في ظروف معقدة وأزمات مركّبة، وأمام القادم الجديد لرئاسة الحركة فرصة لتطوير العلاقات وترتيبها بشكل يضمن إعادة الحركة للواجهة، بعد سنوات من التجاهل الرسمي العربي والدولي لها.

يحمل هنية في رئاسته للمكتب السياسي لـ"حماس" خمسة ملفات مهمة، الأول وثيقة المبادئ السياسية التي أطلقتها الحركة وأرادت من خلالها مخاطبة الغرب خصوصاً، عبر إعلانها لأول مرة بشكل مكتوب قبولها دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو/ حزيران من عام 1967، مع عدم اعترافها بشرعية إسرائيل وكيانها.

 

يعرف هنية جيداً تفاصيل الأزمات التي يعيشها مليونا فلسطيني في غزة

 

الملف الثاني، الأزمات التي تعيشها غزة، فهو القادم من القطاع لرئاسة المكتب السياسي ويعرف جيداً تفاصيل الأزمات التي يعيشها مليونا فلسطيني تحت حكم الحركة الإسلامية، ومنها سينطلق إلى الملف الثالث وهو المصالحة الداخلية مع السلطة الفلسطينية وحركة "فتح"، وهو يتمتع بعلاقة أفضل من نظرائه في "حماس" مع قيادات السلطة و"فتح".

أما الملف الرابع، فسيكون هنية مطالباً بتحسين علاقة حركته مع مصر، في ظل المتغيرات الأخيرة التي شهدتها العلاقة، وكذلك ترؤسه وفد الحركة الأخير الذي زار مصر واجتمع بمسؤوليها بعد أربع سنوات من القطيعة عقب عزل الرئيس محمد مرسي، وهو أيضاً يحظى بعلاقة جيدة مع المسؤولين المصريين.

ويبقى الملف الخامس مهماً لهنية و"حماس"، وهو تطوير علاقة حركته بإيران، بعد سنوات من الفتور عقب الثورة السورية وموقف "حماس" المؤيد لها، والرافض لدعم نظام بشار الأسد.

في ملف وثيقة الحركة، اعتبر هنية أكثر من مرة أنّ وثيقة "حماس" السياسية ليست تنازلاً عن استراتيجيات الحركة الإسلامية، بل موضحة وكاشفة للميثاق الذي صيغ قبل أكثر من ثلاثة عقود. أما في ملف المصالحة الفلسطينية، فقد كان هنية دائماً يبدي الحرص على ضرورة إنهاء الانقسام وإتمام المصالحة الفلسطينية، ولم يسجل عليه أن دخل سجالاً إعلامياً مع قادة "فتح".

وعن مصر، قال هنية أكثر من مرة، عقب زيارة وفد برئاسته للقاهرة بعد القطيعة، إنّ غزة لن تكون عاملاً ضارباً للأمن القومي المصري في سيناء، وإنها لم ولن تتدخل في الشأن المصري، وتريد المحافظة على الدور المصري في الملفات الفلسطينية. وقد تكون تصريحاته تجاه مصر أخيراً عاملاً لتسهيل مهمته لإعادة العلاقة بين القاهرة و"حماس".

ويبقى الملف الأصعب بالنسبة لهنية، عودة العلاقات مع إيران، فهي القضية التي يظهر بشكل واضح وجود خلافات وتباينات بين قيادات الحركة حولها، بين مؤيّد لإعادتها ورافض تماماً لأي علاقة مع إيران في ظل مواقفها الأخيرة واستمرارها في التغول على الثورة السورية ودعمها المطلق للنظام السوري. لكن مهمة إعادة العلاقات مع إيران، تزداد تعقيداً بالنسبة لـ"حماس" مع استمرار طهران في هجومها السياسي والإعلامي على السعودية، والتي تطمح الحركة الإسلامية على الدوام إلى تطوير علاقتها بها.

 

 

شخصية هادئة

 

وعُرفت عن هنية خطاباته الحماسية والفعالة، ويوم اختير رئيساً للحكومة الفلسطينية أطلق شعاره المعروف: "لن نعترف، لن نعترف، لن نعترف بإسرائيل"، وحينها هددته إسرائيل علانية بالاغتيال إذا لم تفرج "حماس" عن الجندي المعتقل لديها جلعاد شاليط.

داخل "حماس"، هناك إجماع على هنية، قلّ نظيره بين قيادات الحركة في غزة والضفة والخارج والسجون، وانتخابه في هذا الوقت الحساس يضع مسؤوليات جساماً على الرجل الذي يعرف بهدوئه، ويبتعد كثيراً عن السجالات الإعلامية والتراشق الذي يحدث دائماً بين حركته و"فتح".

ومن المتوقع أنّ يقيم هنية في العاصمة القطرية الدوحة، لسهولة تواصله مع الخارج انطلاقاً منها، وحينها سيكون في مأمن من الاغتيال الإسرائيلي، إذ لا يزال على قائمة المطلوبين لتل أبيب بغرض التصفية. وفي هذا السياق، كشفت مصادر في معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة، لـ"العربي الجديد"، أن هنية أنهى إجراءات عبوره، وفي طريقه إلى القاهرة، تمهيداً لسفره إلى الدوحة.

 

ارتياح كبير لدى جهاز الاستخبارات المصري ودوائر سياسية عدة بتولي هنية قيادة "حماس"

 

يأتي هذا في الوقت الذي قالت فيه مصادر مصرية، وثيقة الصلة بدوائر صناعة القرار، لـ"العربي الجديد"، إن هناك ارتياحاً كبيراً، لدى جهاز الاستخبارات المصري، ودوائر سياسية عدة بتولي هنية قيادة "حماس"، مؤكدة أنه شخصية تلقى قبولاً في دوائر القرار المصري، وكشفت المصادر أن قيادات في الاستخبارات المصرية، طالبت في وقت سابق بأن يؤدي هنية دوراً أكبر في ملف العلاقات بين الطرفين، نظراً لطبيعته الشخصية وتمتعه باحترام وتقدير كبيرين من الدوائر الرسمية.

في السياق، أشارت مصادر من حركة "حماس" إلى أن هنية سيجري عدداً من الزيارات الخارجية، عقب توليه مهام منصبه رسمياً، موضحة أنه من المقرر أن يزور تونس وتركيا، في وقت لاحق. وكشفت أن هنية سيلتقي مسؤولاً مصرياً، خلال توجّهه من معبر رفح لمطار القاهرة، قبل التوجه إلى الدوحة.

 

 

أمال. ص/ الوكالات

من نفس القسم دولي