دولي
يوم الأرض .. يوم كل يوم
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 02 أفريل 2017
كان الحدث جللاً والخطب عظيماً، عندما أقدمت عصابات الغدر الصهيونية في 30 آذار 1976م على مصادرة أراض فلسطينية عنوة وقتلت ستة من الفلسطينيين، حيث اندلعت مواجهات بين الفلسطينيين والصهاينة امتدت من الجليل حتى النقب، وأصبح هذا اليوم يمثل انتكاسة في حياة الفلسطينيين، الذين احيوا هذا اليوم على مدار عشرات السنوات بالاشتباك مع الاحتلال والإضراب وإلقاء الخطب وتنظيم الندوات للحديث عن «الجريمة». أما الآن فكل يوم نشهد يوم ارض جديد, فالاحتلال لا يتوقف للحظة عن مصادرة الأرض والبناء عليها, وإقامة عشرات آلاف الوحدات الاستيطانية في كل جزء من ارض فلسطين, وكأن الجريمة التي نفذها الصهاينة عام 1976م أصبحت اليوم مشروعة, ولم تعد مصادرة الأراضي الفلسطينية تعني السلطة الفلسطينية من قريب أو بعيد, ورئيس السلطة محمود عباس أعلن بوضوح تنازله عن بيته وأرضه في صفد, والرسميون العرب يتباحثون في تبادل الأراضي مع الكيان الصهيوني, والتخلي عن فلسطين التاريخية, ويقدمون المبادرات التي تقبل بأقل القليل وتفرط في حقوق الفلسطينيين, والعالم اجمع يحمي إسرائيل ويساندها, بل ويتنصل من القرارات الدولية لصالح الفلسطينيين والتي تم إقرارها من المجتمع الدولي نفسه. نتنياهو وحكومته يتفاخرون كل يوم وفي كل لحظة بتكثيف البناء الاستيطاني, ويتوعدون بالمزيد, بينما رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس, يشحذ ويتوسل للعالم من اجل إقامة دولة فلسطينية «مسخ» على مساحة 22% من فلسطين التاريخية, ويستعطف المستشارة الألمانية انجيلا ميركل, انه قبل بدولة فلسطينية على مساحة 22% من فلسطين التاريخية, مما يعني انه قبل بمصادرة الأرض, وبسياسة إسرائيل المبنية على زيادة الاستيطان على حساب إل 22% من الأراضي الفلسطينية, بل والأخطر من ذلك انه في ظل رفض إسرائيل لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على مساحة 22% من الأراضي الفلسطينية, وطرح كونفدرالية مع الأردن في الضفة, ومع مصر في غزة, وحكم ذاتي أو اقل تمنحه إسرائيل للفلسطينيين, وبالفعل هناك تفكير ودراسة من السلطة وبعض الدول العربية المنشغلة بأزماتها وأوضاعها الداخلية, للقبول بأي شيء تعرضه «إسرائيل» على الفلسطينيين, مهما كان بخسا أو مجحفا بحق الفلسطينيين, فهم ينظرون لإسرائيل على أنها أسطورة ولا يمكن ان تهزم أو تنكسر, وأنها محمية أمريكية لا يمكن المساس بها. واحد وأربعون عاما على ذكرى يوم الأرض، والأرض لا زالت تصادر وتسرق وعلى مرأى ومسمع من العالم اجمع، والذي لا يحرك ساكنا، ولا يصرخ في وجه الاحتلال، واحد وأربعين عاما والأرض تسرق وتسفك الدماء وتنتهك الحرمات، والقمة العربية المنعقدة في الأردن على مسافة 45 كيلو مترا من المسجد الأقصى المبارك، والذي يسيطر عليه الاحتلال وتنتهك حرماته ليل نهار, ويعتقل سدنته وحراسه, دون ان يحرك زعماء 22 دولة عربية ساكنا, أو يدافعوا عن حرمته, ويجابهوا سياسة الاحتلال الهادفة لهدمه وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه. أكاد اجزم لو ان احد الزعماء وقف على قبة القمة واخرج المنظار الذي في جيب أحد حراسه لشاهد قبة الصخرة وخيوطها الذهبية من مكانه, لكنه لا يستطيع ان يخطو إليه خطوة واحدة, دون ان يدفع الثمن مسبقا للاحتلال, بالتطبيع والقبول بالسلام الإسرائيلي, والتبادل المشترك في كل المجالات, والبحث عن أعداء جدد مشتركين, واعتبار إسرائيل حليفا استراتيجيا, إنها قمة تصيبنا بالإحباط, وتذكرنا بالواقع العربي المؤسف والضحل الذي نعيش, وتنبئ بمستقبل عربي مظلم وقاتم ليس له حدود . في ذكرى يوم الأرض, ونحن نعيش أيام استشهاد القائد القسامي البطل مازن فقها, والشهيد الطفل محمد حطاب «وحيد أمه», والفتي يوسف أبو عاذرة, نؤكد انه لا سبيل أمام شعبنا الفلسطيني إلا المضي في طريق الجهاد والمقاومة, فهو السبيل الوحيد الذي نستطيع من خلاله ان نحقق المكاسب الحقيقية لشعبنا وقضيتنا, لن تكسرنا سياسة الاحتلال القائمة على القتل وارتكاب المجازر والاغتيال, بل ستزيدنا قوة وصلابة وإصرار على المضي بانتفاضتنا المباركة «انتفاضة القدس», والتغلب على كل العقبات التي توضع أمامها, فالشعب الفلسطيني قادر على المضي قدما بانتفاضته, حتى يصل إلى أهدافه, ويدحر الاحتلال عن أرضه المغتصبة, فيوم الأرض يمثل يوما وطنيا للفلسطينيين, لتجديد العهد والبيعة مع الله, على التمسك بالأرض الفلسطينية كاملة من نهرها إلى بحرها, دون التخلي عن أي شبر منها, مهما بلغ حجم التضحيات, ومهما تآمر المتآمرون على فلسطين وقضيتها, ان يوم الأرض أصبح يوما متكررا في حياة الفلسطينيين, لان مصادرة الأرض لا تتوقف, وأجدادنا, أورثونا الثورة على الظلم, وتصدوا بصدورهم العارية وفؤوسهم ومناجلهم لقطعان المستوطنين والعصابات الصهيونية, وفي سبيل ذلك قدموا أرواحهم واغلى ما يملكون, نحن اليوم مطالبون بالمضي في نفس الطريق, والدفاع عن الأرض, والتصدي للاستيطان, لا تتوقفوا أمام تغول الاحتلال, ولا المساندة الدولية اللامحدودة له, ولا الخذلان العربي, ولا تتوقفوا مع التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال, ولا تهاوي العصا السلطوية فوق رؤوس الفلسطينيين المنتفضين, كونوا حريصين على الاشتباك دائما مع الاحتلال فأجدادنا علمونا ذلك, ويوم الأرض يستحق ان نحييه بانتفاضتنا وحجارتنا وبندقيتنا وحزامنا الناسف, فطوبى لكل فلسطيني يحمل سلاحه في يوم الأرض ليسيء به وجه بني صهيون.
خالد صادق