الوطن

أحزاب الموالاة والمعارضة تنتهج الخطاب الأمني والتخويفي قبل التشريعيات

بن يونس، حنون، ولد عباس، أويحيى، غول ومقري على درب واحد

 

رزاقي: الأحزاب تستنسخ خطابها الأمني والاقتصادي من السلطة
العمال: استمرارية مؤسسات الدولة مرتبطة بالوضع الأمني والاقتصادي
حمس: خطابنا ينقل معطيات الحكومة في البرلمان والمستقبل يخيفنا
 
 
وجدت معظم أحزاب الساحة الوطنية نفسها "تسير في درب استنساخ خطابات السلطة للمرحلة الحالية"، في قراءتها للأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، قبيل تشريعيات 4 ماي المقبل. وذهبت تصريحات زعماء الأحزاب السياسية من الموالاة والمعارضة معا في اتجاه واحد، على غرار لويزة حنون وبن يونس ومقري وغول وحتى ولد عباس وأويحيى، واعتبر مراقبون أن "الأحزاب كلها تستنسخ خطاب السلطة بأشكال مختلفة لكنه يصب في اتجاه واحد"، في حين بررت بعض الأحزاب توجهاتها وخطابها بأنه "ليس تخويفيا أو تسويدا للوضع، بل تحذيري لتجنب الأسوأ"، فهل على المواطن والناخبين "الاقتناع بتوجهات الأحزاب وخطاباتها أم الاقتناع بالحاجة إلى التغيير عبر الصناديق؟"، يقول متابعون.
 
ففي قراءة سطحية لتصريحات زعماء الأحزاب السياسية (المعارضة والموالاة) خلال خرجاتهم قبيل انطلاق الحملات الانتخابية المقررة في 9 أفريل، أبرز الأمين العام للأفلان (حزب الأغلبية)، جمال ولد عباس، عداء واتهامات بالجملة ضد حزب الأرندي (حزب الموالاة) وزعيمه أحمد أويحيى (مدير ديوان رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة)، فيما تقاطعت تصريحات عمارة بن يونس (الأمبيا) وعمار غول (تاج) مع تصريحات لويزة حنون (العمال) وعبد الرزاق مقري (حمس)، وكانت تصريحات بن يونس وغول "الأكثر إثارة" خصوصا أن كليهما أبرز اندفاعا وكلمات "فيها نوع من التهديد"، حسب محللين، وهو "انزلاق لا يجب أن تقف معه وزارة الداخلية وهيئة دربال مكتوفي الأيدي دون تسجيل ملاحظات بشأن هذه التصريحات". وسألت "الرائد" بعض هذه الأحزاب عن "شكل خطابهم قبيل انطلاق الحملة الانتخابية للتشريعيات وحقيقة قراءتهم للأوضاع الحالية في البلد وتوعية المواطن بضرورة المشاركة بقوة في الانتخابات".
 
حزب العمال: استمرارية مؤسسات الدولة مرتبطة بالوضع الأمني والاقتصادي
 
فمن جانب حزب العمال، اعتبر القيادي جلول جودي أن "خطاب الحزب لا يرتكز فقط على الجانب الأمني والتخويف من الأخطار الخارجية، بل هو متوازن بين الأمني والاقتصادي والاجتماعي". وأضاف: "لما نرى خطورة تهدد أمن البلاد نحذر منها"، وأضاف: "نحن لم نتخل عن الجانب الاقتصادي والاجتماعي لأنهما يمثلان استمرارية الدولة واستمرارية المؤسسات"، مضيفا: "سترون البرنامج الانتخابي للحزب قريبا وهو لا يهمل أي جانب من الجوانب". وفي السياق ذاته، قال جودي: "الوضع الاقتصادي له أهمية كبيرة وقصوى في استمرارية الدولة لأنه مرتبط بالجانب الاجتماعي، والأخير له انعكاسات على الحياة السياسية"، معتبرا أن "خطاب الحزب حول الوضع الأمني هو طبيعي نظرا لما يجري في العالم ودول الجوار، وهو تحذير من المخاطر المتربصة بأسمى شيء لدى كل المواطنين وهو السيادة".
وعن تقاطع خطابات الحزب مع خطاب الأفلان وحمس والأرندي وبن يونس، رغم أنهم بتوجهات مختلفة جذريا، ذكر جودي أن "حزب العمال يثبت الأوضاع الحالية للبلد نظرا لسياسات الأحزاب التي قادت الحكومة وتحوز أغلبية برلمانية"، مضيفا: "هذه الأحزاب هي من تتحمل المسؤولية وهي المتسبب في الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتدهور، ونحن من جانبنا نبلغ المواطن بحقيقة هذه السياسات الخاطئة". وأضاف: "من صادق على قوانين المالية السابقة وقانون التقاعد هم المتسبب في التدهور والأزمة، وخطابنا واضح لأنه يفضحهم أمام المواطن".
 
تحالف حمس: لا نسود الوضع بل ننقل معطيات الحكومة ونخوف من المستقبل
 
أما تحالف حركة حمس مع جبهة التغيير، فاعتبر القيادي نعمان لعور أن "حمس لا تسود الوضع بل تقول الصدق وفق معطيات قدمتها الحكومة أمام النواب في عدة مناسبات وهي ليست مزايدات"، مضيفا: "الأزمة الاقتصادية والمالية وما يتبعها من أزمة اجتماعية، هو واقع وليس تهديدا أو مزايدات للأمور الراهنة". وأضاف: "كلام الوزراء في البرلمان نحن ننقله للمواطن حتى لا نعطي أملا كاذبا، وهذا ليس تسويدا لأننا مع ذلك نقدم البدائل لتجنب الأسوأ". وحذر نعمان لعور من المزايدات: "هذه قضية دولة وشعب وليست قضية سلطة وأحزاب، لأن الأزمة التي تصيب البلد ستغرقنا جميعا، لذلك من واجبنا أن نقول الحقيقة ونهيئ الشعب للمستقبل"، مضيفا: "إخفاء الحقيقة هو مخادعة وكذب على المواطن، لذلك خطابنا ليس تطمينيا أو لضرب السلطة".
وعن تقاطع خطاب الموالاة والمعارضة في التركيز على التخويف من الوضع الاقتصادي والأمني، قال نعمان لعور: "نحن نحذر السلطة من تأزيم الوضع عبر التلاعب بالصندوق والسقوط في المتاهات، وهو ما قد يؤدي إلى تفجير الوضع"، مضيفا: "الانزلاقات تحدث عندما لا تقدر السلطة خطورة المحافظة على الوضع ورفض التغيير وتتصرف دون حكمة". وأضاف نعمان لعور: "صحيح أن الوضع الأمني ليس مستقرا على الحدود والمنطقة، لكنه ليس خطابا تخويفيا مثلما تفعله السلطة، فالسلطة تحاول الإبقاء على الوضع كما هو، ونحن نريد التحسيس بخطورة التلاعب ورفض خيار الشعب"، مختتما: "برنامجنا يرتكز على عدة ملفات أهمها الهوية والوضع الاقتصادي والاجتماعي وكذا الحكومة لتصحيح السياسات".
 
رزاقي: الأحزاب لا تملك برنامجا بل تستنسخ خطاب السلطة 
 
ومن جانب آخر، فاعتبر المحلل السياسي، عبد العالي رزاقي، أن "الأحزاب كلها لا تملك برنامج دولة، وكل ما تقترحه وما تقوله هو استنساخ لما تفعله السلطة وخطاباتها". وأضاف: "هؤلاء الأحزاب يريدون تأكيد ما يجري على لسان السلطة من تخويف وأحيانا أخرى طمأنة حتى ترضى عنهم، لكن في الحقيقة هم لا يقدمون البدائل ولا يملكون برامج واضحة لتجاوز الأزمة". وذكر رزاقي أن "خطابات التخويف والتسويد ليست برامج، وعندما يغلب هذا الأسلوب في معالجة الأزمات يكون خلفية لدولة الاستبداد". وعن تقاطع تصريحات المعارضة والموالاة في هذه المرحلة قبيل أيام عن انطلاق الحملة الانتخابية، قال الأستاذ رزاقي: "الدستور الحالي ألغى أحزاب المعارضة وأحزاب الموالاة، لأنه لا يوجد تداول على السلطة مؤسس دستوريا، لذلك كل الأحزاب الموجودة في السلطة وغيرها لا تملك برنامجا لتطبقه سواء في البرلمان أو الحكومة"، مضيفا: "لدينا أغلبية استشارية وأقلية لها حقوق محصورة، فكيف لها أن تنتج خطابا وبرنامجا غير استنساخ ما يجري في السلطة".
وعن قراءته لتأثيرات خطاب الأحزاب على توجهات المواطنين خلال تشريعيات 4 ماي المقبل، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر-3 أن "الوضع الاقتصادي والاجتماعي في الجزائر في حالة أزمة وهي لا تجد حلولا لها في الآجال القريبة نظرا لتدهور مقوماتها والبنى التحتية"، من هنا، يضيف، "لا يمكن للطبقة السياسية أن تقدم بدائل غير خطابات التهديد والتخويف". واعتبر رزاقي أن "الأحزاب تحاول الوصول إلى البرلمان بأي طريقة من أجل مصالح مالية لدعم ميزانيتها، لكن الواقع يقول أن التغيير والبديل غير موجود"، مختتما: "هذه الخطابات لا تستطيع هيئة دربال مراقبتها أو إعذار الأحزاب بشأنها".
 
يونس بن شلابي

من نفس القسم الوطن