دولي

"فرص" الاحتلال بإحباط الاستراتيجية الفلسطينية لتدويل الصراع

بعد تراجع مكانة القضية الفلسطينية لدى أنظمة الحكم في العالم العربي

تنطلق أوساط الصهيونية من افتراض مفاده بأن الظروف الدولية والإقليمية السائدة تسمح لدولة الاحتلال بإحباط الجهود التي يبذلها الفلسطينيون لتدويل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، وتقلّص قدرتهم على استصدار المزيد من القرارات الدولية التي تتعلق بالقضية الفلسطينية وتتعارض مع المصالح الصهيونية، ورأت دراسة صادرة عن "مركز أبحاث الأمن القومي"، ونشرها موقعه الإلكتروني، أن انتخاب دونالد ترامب، رئيساً للولايات المتحدة، وتراجع مكانة القضية الفلسطينية لدى أنظمة الحكم في العالم العربي، "نسفا بشكل جذري البيئتين الدولية والإقليمية للصراع".

وتخشى الاحتلال إمكانية أن يستجيب المجتمع الدولي لمطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بدولة مستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، خارج نطاق التفاوض المباشر بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وحسب الدراسة التي أعدها كل من مدير المركز، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية، الجنرال عاموس يادلين، والباحث في المركز كوبي ميخال، فإن إدارة ترامب باتت توفر الغطاء الذي يمنح إسرائيل هامش مناورة كبير في التعاطي مع التحرك الفلسطيني ويمكّنها من تعطيل قوة الدفع الفلسطينية على الساحة الدولية. وتضيف الدراسة أن صعود ترامب وضع حداً لاعتماد واشنطن الرواية الفلسطينية للصراع، إذ تتبنى الإدارة الأميركية الجديدة الرواية الإسرائيلية بدون تردد، وفق الدراسة. وعلى صعيد التحولات الإقليمية، لفت يادلين وميخال الأنظار إلى أن القضية الفلسطينية لم تعد، منذ سنين، على رأس أولويات "الحكام العرب الذين باتوا معنيين بمواجهة التحديات الداخلية والإقليمية التي ترافقت مع تفجر الربيع العربي، وتداعياته الجيو-استراتيجية"، بحسب تعبيرهما. ويرى الباحثان أن ما يحسّن من قدرة إسرائيل على احتواء التحرك الفلسطيني يتمثل في حقيقة أن العديد من أنظمة الحكم في العالم العربي باتت ترى في إسرائيل "حليفاً لها في مواجهة إيران وخطر الإسلام الجهادي السنّي"، وفق ما ورد في الدراسة. ويشير يادلين وميخال إلى أن الفتور الذي ساد العلاقة بين إدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، ومعظم الأنظمة العربية "المعتدلة"، دفعها أكثر للتعاون مع إسرائيل. ويعتبران أن رهان الأنظمة العربية على إسرائيل ودورها مثّل نقطة تحول نحو إعادة التوازن في مواجهة التحرك الفلسطيني في المحافل الدولية. 

وتعتبر الدراسة أن أهم المرتكزات الاستراتيجية الواجب على إسرائيل اتباعها لمواجهة تدويل الصراع، وتقليص مكانة القضية الفلسطينية، تتمثل في تكثيف وتعميق التنسيق مع إدارة ترامب واستغلال "الحزم" الذي يبديه الأخير لتجفيف منابع الدعم للرواية الفلسطينية في الساحة الدولية. وتلفت إلى أن التحرك الإسرائيلي المضاد سيستفيد من إعلان إدارة ترامب عدم استعدادها لقبول أي تحرك ضد إسرائيل في الأمم المتحدة أو من قبل اللجنة الرباعية الدولية حول الشرق الأوسط. وتعيد الدراسة للأذهان حقيقة أنه على الرغم من أن الإدارة الجديدة في واشنطن لا تحبذ التوسع في المشاريع الاستيطانية إلا أنها في الوقت نفسه لا تقبل موقف إدارة أوباما القائل إن المستوطنات تمثل عائقاً أمام تحقيق التسوية. ويدعو كل من يادلين وميخال إلى تحرك أميركي-إسرائيلي لتوفير بيئة إقليمية تساعد على تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية عربياً من خلال توفير دعم لكل من نظامي الحكم في كل من مصر والأردن بوصفهما "عنصري استقرار"، على حد الوصف الذي ورد في الدراسة. كما تعتبر الدراسة أن أحد أهداف هذا التحرك سيتمثل بمعالجة التحديات الناجمة عن تفكك الدول في المنطقة. 

وترى الدراسة أن التنسيق الإسرائيلي-الأميركي على الساحة الدولية، الهادف لإحباط أي تحرك نحو تدويل الصراع والاستعانة بالأطراف الإقليمية في إضعاف مكانة القضية الفلسطينية، يمثل الطريقة الأفضل لإقناع الفلسطينيين بالعدول عن استراتيجية التدويل، كما ورد في الدراسة.  وتلفت إلى أنه يتوجب على الولايات المتحدة وإسرائيل الإقدام على خطوات "درامتيكية" لإقناع الفلسطينيين بأن الواقع تحوّل بشكل لا يخدم مصالحهم، وذلك لإقناعهم بالتخلي عن استراتيجية التدويل. وتضيف الدراسة أن نقل عاجل وسريع للسفارة الأميركية إلى القدس يجب أن يكون على رأس هذه الخطوات. 

وتوضح أن الفلسطينيين مطالبون بعد ذلك بالموافقة على العودة للمفاوضات والاستعداد لقبول تسوية مؤقتة قبل التوافق على تسوية دائمة يمكن أن تكون ذات طابع إقليمي أو ثنائي. وتستدرك أن الفلسطينيين مطالبون قبل ذلك بمحاربة التحريض والتوقف عن تقديم دعم مالي لعائلات الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال أو الذين قتلوا في عمليات نفذت ضد إسرائيل.

أمال. ص/ الوكالات

 

من نفس القسم دولي