دولي
عباس والتشريعي. الشرعية لمن؟
**القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 21 ديسمبر 2016
بدأ الصراع الفتحاوي الداخلي بين رئيس السلطة محمود عباس والمفصول من حركة فتح النائب محمد دحلان يأخذ منحى جديداً وتطوراً خطيراً، حيث قام السيد محمود عباس مؤخراً بسلسلة من الإجراءات التي طالت نواب فتح في المجلس التشريعي والذي يعتبرهم خصوماً له، كان آخرها قرارات بفصل نواب ثم رفع الحصانة البرلمانية عن خمسة وهم محمد دحلان ونجاة أبو بكر وناصر جمعة وجمال الطيراوي وشامي الشامي، وفض اعتصامهم والاعتداء عليهم داخل الصليب الأحمر أول أمس في مدينة رام الله.
من حق أي فلسطيني حريص على وطنه وقضيته أن يتساءل، في ظل هذا الصراع المحتدم والذي بدأ يمس ليس أعضاء المجلس التشريعي فحسب بل السلطة التشريعية بأكملها، ويفتح الباب أمام ممارسة دكتاتورية منقطعة النظير في ظل محاولة إلغاء كينونة المجلس التشريعي، ما هو موقف المجلس التشريعي من مثل هذه القرارات والتي قد تبدو في ظاهرها صراعا فتحاويا داخليا، ولكن في باطنها تخفي نوايا قد تعصف بالنظام السياسي الفلسطيني برمته، وتكرس حالة التفرد بالقرار الفلسطيني؟ هل يتمكن السيد عباس من إلهاء الحالة الفلسطينية من خلال عقد لقاء هنا وهناك بذريعة المصالحة؟ إن القانون الفلسطيني يؤكد بشكل لا لبس فيه بأن رفع الحصانة البرلمانية عن أي نائب لا تجوز بأي حال من الأحوال إلا بموافقة ثلثي أعضاء المجلس، ولا يمكن رفعها بطريقة أخرى، وأي تصرف مشابه لذلك هو انتهاك واضح وصارخ للقانون الأساسي، وأسوق بعض المواد القانونية التي تبين القول الفصل في جدل الشرعيات كما يلي: نصت المادة (51) من القانون الأساسي على: "يقبل المجلس استقالة أعضائه، ويضع نظامه الداخلي، وقواعد مساءلة أعضائه، بما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون الأساسي والمبادئ الدستورية العامة، وله وحده المحافظة على النظام والأمن أثناء جلساته، أو أعمال لجانه، وليس لرجال الأمن التواجد في أرجائه إلا بناء على طلب رئيس المجلس أو رئيس اللجنة على حسب الأحوال".
ونصت المادة (53) من القانون الأساسي وعلى وجه الخصوص في الفقرة الرابعة منها، على أن: "لا يجوز لعضو المجلس التشريعي التنازل عن الحصانة من غير إذن مسبق من المجلس، ولا تسقط الحصانة بانتهاء العضوية وذلك في الحدود التي كانت تشملها مدة العضوية". وينص القانون الأساسي في المادة 36 على أن مدة رئاسة السلطة الفلسطينية هي أربع سنوات فقط، وبالتالي فإن الانتخابات الرئاسية جرت في 9/1/2005م وتنتهي بموجب نص القانون في 8/1/2009م. وردّت المادة (47) مكرر من القانون الأساسي على اللغط الذي يدور عن عدم شرعية المجلس التشريعي، حيث نصت على "تنتهي مدة ولاية المجلس التشريعي القائم عند أداء أعضاء المجلس الجديد المنتخب اليمين الدستورية".
لقد نظمت المادة (96) من النظام الداخلي للمجلس التشريعي إجراءات رفع الحصانة عن عضو المجلس التشريعي، كما يلي: يقدم طلب رفع الحصانة خطياً من قبل النائب العام إلى رئيس المجلس التشريعي مرفقاً بمذكرة تشتمل على نوع الجرم ومكانه وزمانه والأدلة التي تستلزم اتخاذ إجراءات قانونية. يحيل رئيس المجلس طلب رفع الحصانة البرلمانية إلى اللجنة القانونية، ويُعلِم المجلس بذلك. تبحث اللجنة القانونية الطلب وتقدم تقريرها إلى المجلس، ويأخذ المجلس قراره برفع الحصانة البرلمانية بأغلبية الثلثين. لقد شكّل موقف المجلس التشريعي والذي يمثل أغلبيته نواب كتلة التغيير والإصلاح، من استنكار القرار والتأكيد على عدم قانونيته، انحيازاً للقانون رغم الخصومة السياسية مع الأعضاء الذين طالهم هذا القرار، على نقيض ما يقوم به رئيس السلطة الذي رغم انتهاء ولايته حسب القانون إلا أنه على استعداد لأن يضرب القانون الفلسطيني بعرض الحائط في سبيل المناكفة السياسية وتحقيق مآرب شخصية ضد خصومه السياسيين.
وفي تقديري أنه قد حان الوقت ليفعل المجلس التشريعي ويلتئم كافة أعضائه لمواجهة أي عبث بالقانون الفلسطيني واغتصاب السلطات وحماية مبدأ سيادة القانون، الذي يعد أساس عمل المجلس التشريعي، وعقد جلسة برلمانية عاجلة بمشاركة غزة والضفة من كافة الكتل والقوائم والمستقلين لمناقشة التداعيات الخطيرة لهذا القرار، وسبل مواجهته، والتوقيع على عريضة قانونية ضده تسجل في تاريخ المجلس التشريعي، فهذا أبلغ رد على السؤال (الشرعية لمن؟).
م. محمد رضوان