دولي
الانتخابات البلدية؛ أجواء ضبابية وخيارات ناقصة
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 05 أوت 2016
حين قررت قيادة السلطة في الضفة إجراء الانتخابات المحلية (موعدها بعد شهرين من الآن) يبدو أنها كانت تراهن على أمرين: الأول أن تقاطع حماس الانتخابات في الضفة ترشيحاً وتصويتاً كما فعلت قبل أربعة أعوام، وهو ما يعني تأمين فوز سهل لحركة فتح، والثاني أن تمنع حماس في غزة تنظيم الانتخابات البلدية فيها، وهو ما سيوفر لحركة فتح وسلطتها زخماً دعائياً لفكرة أنها راعية الديمقراطية مقابل حماس المتنكرة لاستحقاقاتها.
غير أن التعاطي الإيجابي لحركة حماس مع الأمر فاجأ السلطة كما يبدو وأربك بعض حساباتها كون حركة فتح تعاني من ترهل تنظيمي وسياسي ووطني، لأن قوام وجودها في الضفة بات يعتمد فقط على ذراعها الأمنية التي نراها تحضر في كل منافسة انتخابية وتبذل جهوداً ترغيبية وترهيبية مختلفة في أي انتخابات بهدف تفويز فتح حتى لو كانت بمستوى انتخابات نادٍ رياضي. أما في غزة فثمة انقسام حاد وواضح بين تياري عباس ودحلان، وهو ما يمكن أن يؤثر على حظوظ الحركة في الانتخابات هناك.
ومع هذا، فلا يمكن الادعاء بأن حماس بدورها تعيش أوضاعاً مريحة وأنها ستمتلك فرص منافسة مكافئة لبقية الفصائل، فإن كانت أوضاع غزة المستقرة أمنياً تساعد الحركة على تشكيل قوائمها بكل سهولة وتنظيم حملة دعائية دون عوائق، إلا أن عامل الحصار ليس في صالح الحركة في غزة، خصوصاً مع وجود قطاع عريض من الجمهور يحكم على الظاهر فقط ولا يعبأ كثيراً بإدراك خلفيات الحصار وأهداف الجهات الممكّنة له.
أما في الضفة فليس بمقدور الحركة خوض الانتخابات عبر قوائم صريحة باسمها (على غرار ما حدث عام 2005) فإن كان الاحتلال قد غض الطرف قليلاً عن نشاط الحركة الانتخابي المحلي والتشريعي حينها على أمل ترويضها فإنه الآن قد وعى الدرس جيداً وأيقن أن الحركة ليست بصدد التخلي عن خيارها المقاوم الذي ما يزال يتصدر أولوية اهتمامها، وقد ضاعف الاحتلال من استهدافه للحركة خلال السنوات العشر الأخيرة إلى درجة باتت فيها كل مظاهر نشاط الحركة عرضة للملاحقة والتصفية حتى لو كانت دعوية أو إغاثية أو نقابية بحتة. فكيف حين يضاف لذلك ملاحقة مماثلة من أجهزة السلطة الأمنية لم تتوقف يوماً وليست بوارد التوقف، بل نراها تعتمد معايير الاحتلال ذاتها في استهداف نشاط حماس؟
إن التوافق على كفاءات مهنية وإدارية تحظى بقبول عام يبدو خياراً مناسباً لإدارة البلديات، خصوصاً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار عامل الاحتلال وقيود المانحين والبيئة الأمنية الصعبة، إلا أنه من الصعب توقّع هكذا توافقات في ظل التفرد الذي تمارسه قيادة فتح بهدف إقصاء خصومها، وفي ظل انتهازية بعض الفصائل الصغيرة التي تتركز غاياتها في تحسين حظوظها الانتخابية فقط بالاستفادة من مآزق وأزمات غيرها.
وفي كل الأحوال، ليس لنا أن نتوقع نتائج كبيرة بعد هذه الانتخابات، لا على الصعيد السياسي ولا على صعيد الخدمات، فقد تكون الانتخابات محطة لتأزيم المشهد وليس لحلحلة قضية الانقسام، أما العامل الخدماتي فسيظل محكوماً بسقف محدد مهما كانت هوية الفائز، لأننا قبل كل شيء في وطن محتل، وأما اتجاهات النتائج فلن تعطي مؤشراً واضحاً للمتابعين حول المزاج العام، فليست القناعات السياسية وحدها من تتحكم في خيارات الناخبين هنا. بل ينبغي توقّع وضعاً في غاية المأساوية إن تم الانتقال نحو مرحلة الانتخابات التشريعية والرئاسية وفق الآلية ذاتها، وفي ظل الأوضاع المأزومة وغير المتغيرة الحالية.
لمى خاطر