دولي

رغم تقزيمها لحقوقنا.. يرفضها نتنياهو

القلم الفلسطيني

 

رفض رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو. المبادرة الفرنسية وبندها المتعلق بعقد مؤتمر دولي لإعادة إطلاق جهود التسوية بين الكيان والسلطة الفلسطينية، واقترح بدلًا من ذلك لقاء الرئيس محمود عباس في باريس. إذ قال نتنياهو أثناء لقائه نظيره الفرنسي مانويل فالس إن المفاوضات الثنائية هي "الطريق الوحيد للمضي قدماً في مفاوضات التسوية"، وليست "المؤتمرات الدولية على طريقة الأمم المتحدة" أو "الإملاءات الدولية" هي التي تقرر مصير الإسرائيليين والفلسطينيين. مضيفاً "سأقبل بسرور مبادرة فرنسية مع اختلاف مهم: أن الخطوة الجديدة يمكنها أن تجري في باريس، فهي ستكون مكاناً رائعاً لتوقيع اتفاق تسوية، ولكن فقط من خلال المفاوضات المباشرة. ودون تدخل هيئات دولية". من جانبه ردّ رئيس الوزراء الفرنسي (الذي زار الكيان والأراضي الفلسطينية) قائلاً: "سمعت اقتراح نتنياهو. سأتحدث إلى الرئيس فرنسوا أولاند عن الاقتراح للمساهمة في التسوية والمحادثات المباشرة، وسنقبل به".  للعلم؛ فرنسا في مبادرتها الجديدة (بعد الأولى التي طرحها ساركوزي) لم تتجاهل المطالب الإسرائيلية في تعديل الحدود، ذلك يعود إلى الموقف الفرنسي من القرار 242 الصادر عن الأمم المتحدة والذي يدعو إلى انسحاب "إسرائيل" من أراضٍ (وليس من الأراضي) فلسطينية احتلتها عام 1967، آنذاك وحين صدور القرار في المنظمة الدولية أُثيرت الفروقات بين النسخة العربية للقرار وتحديدًا القول بـ(الانسحاب من الأراضي) والنسخة باللغات الأخرى والذي جاء بـ(الانسحاب من أراضٍ). وتصاعد الجدل كثيرًا آنذاك بين الوفود العربية، وتفسير الولايات المتحدة للقرار، ومعها وقفت كل من بريطانيا وفرنسا بالطبع.  المقصود القول إن باريس تعترف بما تطالب به "إسرائيل" من تعديل للحدود، والتعديلات التي تطلبها "إسرائيل" كثيرة (مثل شهيتها لاحتلال الأراضي العربية) فهي التعديلات التي تُبقي على المستوطنات والمستوطنين، والطرق الالتفافية والجدار العازل في الضفة الغربية، أي أن الدولة الفلسطينية ستقام على أقل من 25% من مساحة الضفة الغربية بالإضافة إلى قطاع غزة، دولة بكانتونات متفرقة مقطعة الأوصال. بالطبع ليس هدف "إسرائيل" من التعديلات ما تدّعيه: المحافظة على الأمن وعدم القدرة على حماية تلك الحدود، فالصواريخ الحديثة قريبة وبعيدة المدى قادرة على الوصول إلى أي نقطة فيها، الهدف الحقيقي للدولة الصهيونية هو: التخلص من الكثافة السكانية العربية الكبيرة في منطقة المثلث في أراضي 1948 في سبيل نقاء دولتها اليهودية. يتوجب القول أيضاً... إن فرنسا اعترفت بـ"يهودية الدولة الصهيونية" وهو ما يقطع الطريق على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم وفقًا لقرار الأمم المتحدة رقم 194، الأمر الذي يشي بأن ما جاء في المبادرة الفرنسية.. في السابقة وفي الحالية: من إخضاع قضايا الخلاف بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني كحق عودة اللاجئين، والقدس (التي لن تكون أفضل حالًا من موضوع اللاجئين)، للمفاوضات بينهما.. فهذه قضايا تم حسمها إسرائيلياً.. هذا الاعتراف يقطع الطريق على كل ما طرحته في مبادرتها الجديدة!.  للعلم أيضاً؛ الرئيس أولاند ورئيس وزرائه أدانا قرار اليونسكو بخصوص الحرم القدسي "المسجد الأقصى" الشريف، الذي أصدرته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) الشهر الماضي، والذي لا يعترف بوجود أي علاقة لليهود بموقع المسجد الأقصى، وأوضحت أن استخدام هذا المصطلح هو الأصح، ورفضت المصطلح الصهيوني "جبل الهيكل"، ودعا القرار كافة الدول والأمم المتحدة، للعمل بجهد لإلزام "إسرائيل" بتطبيق القرار، وقد أشار أيضا إلى حرص "إسرائيل" على نبش المقابر القديمة المخصصة للمسلمين في القدس، وسرقة آثار منها والادعاء بأنها آثار يهودية، وهو ما أثار ثائرة المجرم نتنياهو. وكان رئيس الوزراء الصهيوني البشع ومسؤولون صهاينة آخرون قد وجهوا انتقادات شديدة لليونيسكو بعد مصادقتها على القرار، ووصف نتنياهو القرار "بأنه متعجرف ولاإنساني"... مستطرداً: "بأنه قرار ظالم آخر من قبل الأمم المتحدة، حيث تجاهلت اليونسكو الترابط التاريخي المميز لليهودية في جبل الهيكل، المكان الذي قام فيه الهيكل طوال ألف سنة، وصلى له كل يهود العالم لآلاف السنين". وفي استهزاء واضح؛ وجه نتنياهو دعوة لفريق الأمم المتحدة لزيارة الكيان لحضور "ندوة تثقيفية حول التاريخ اليهودي في القدس". جملة القول: نستغرب موافقة السلطة الفلسطينية على المبادرة من الأصل! لأن نتنياهو يريد مفاوضات تمتد عشرين عاما أخرى في ظل الاستيطان، ودون أن تسفر عن شيء سوى المراوحة في ذات المكان. رئيس الوزراء الفرنسي انسحب من وعوده، ووقف كطالب خائب أمام نتنياهو. 

القضية الأهم؛ أنه ورغم تقزيم المبادرة الفرنسية لكل حقوقنا الوطنية، رَفَضها الفاشي نتنياهو! اتعظوا يا مؤمنون، أيها الفلسطينيون والعرب، أسألكم بـالله عليكم: هل يمكن إقامة سلام مع هذه الدولة التي يعترف بعض من قادتها بفاشيتها ونازيتها؟!

 

د. فايز رشيد 

من نفس القسم دولي