دولي

للعلم فقط.. القدس لا تزال محتلة

القلم الفلسطيني

 

تمر ذكرى نكبة فلسطين كل عام والعرب منشغلون بحروبهم الداخلية ومشاكلهم الاجتماعية، وتنافسهم بالشرف العظيم، ولا أدري هل هناك شرف أشرف من القدس الشريف الذي تركه غالبية العرب بعد أن خضب أهلنا، آباؤنا، أجدادنا، وعسكرنا بدمائهم الزكية ثراه ودافعوا عنه بأرواحهم، ثم بعد ذلك كله استطاع الصهاينة أن يرتعوا بالمدينة المقدسة كقطعان الوحوش، ليلوثوا ثراه الطاهر ويدنسوا المسجد الأقصى، ويشردوا أهل القدس الذين ما انفكوا يدافعون عنه بأبسط ما يمتلكون، منذ أن كانت سلطة بريطانيا العظمى تحكم بالإعدام والسجن على من تجد بحوزته سلاحاً نارياً أو رصاصة، فكانت عشائر شرق الأردن والقبائل العربية تمدهم بالسلاح والعتاد وفي المعارك بالرجال، ولكن ها قد تغير الحال ومات الرجال. إن الكيان الإسرائيلي يحتفل بذكرى استقلاله، وهذا لا يستوي مع العقل؛ فهم غزاة، يخططون لإنهاء الوجود الفلسطيني على أرض فلسطين التاريخية خارج حدود 67 بعد أن تهوّد القدس كاملة وترحّل أهلها إلى مدينة "السلام" التي تنوي "إسرائيل" بناءها في حدود سلطة رام الله، وتؤسس لعالم جديد يسمى "إسرائيل" التاريخية، تحدها دويلة معصوبة العينيين مكتوفة اليدين منكفأة على جارتها الشرقية الأردن التاريخية، أي أن ما كانوا يسمونها الضفة الغربية ستصبح ملحقاً جغرافياً وديمغرافياً للأردن بعد أن تقطع أوصال فلسطين، ليرمى قطاع غزة إلى مصر، وهذا ما يسمى الخطة 2020. المصيبة الكبرى اليوم هي في النكبة الثانية؛ فالقدس الشريف يعاني أهله خاصة في البلدة القديمة من سوء الأوضاع المعيشية والتضييق والآفات الاجتماعية ما سيجعلهم يكفرون بفضاء الكرة الأرضية، فيما العرب يلهثون لتحقيق سلام مع "تل أبيب" تحقيقا للراحة الأبدية للشعب المزيف الهجين المجموع من أصقاع العالم، فينعم اللص بالأمن، ويبقى صاحب الأرض مشرداً، فيما المسجد الأقصى اليوم مهدد بالانهيار، وتظهر الصور الملتقطة من تحته كيف أن الحفريات الإسرائيلية أفرغت الأرض تحته تماماً وبات طائراً في الهواء، لا يحميه سوى الله تعالى.

 الخطة 2020 تهدف إلى تفريغ مدينة القدس من أهلها العرب مسلميهم ومسيحييهم، وهذا استوجب على "إسرائيل" الانخراط في مخطط تم تنفيذه على مراحل تقوم مؤسسات الكيان الإسرائيلي بالعمل عليه على الأرض، وتبقى السلطة السياسية تناور وتفاوض وتشن الحروب وتعقد الاتفاقات بعيداً عن ميدان المعركة الحقيقية، حتى اختنقت القدس بالمستعمرات الاستيطانية وبالجدار من الخارج، ومن الداخل وصلت الأمور في المدينة المقدسة إلى أوضاع كارثية حسب آخر شاهد مقدسي نقل لي شخصياً الوضع هناك. عندما تعتمد "إسرائيل" خطتها فيما تسميه "مدينة السلام" والتي تتكون من 350 ألف وحدة سكنية ممولة من حكومات غربية لنقل المقدسيين لها، لتضم "القدس الشرقية" وتضع حدها الشرقي ولو مؤقتاً على حدود دولة منزوعة السلاح، ستقذف بها في وجه الأردن الذي يعاني اليوم من انفجار سكاني فضلاً عن مليون ونصف لاجئ سوري، ولم تعد موارده تحمل فاتورة احتياجاته أو يتحمل زيادة في أعداد الراكبين على ظهره، خاصة بعدما أصبح الخناق يطبق على ميزانياتها أكثر وأكثر لأسباب وبلا أسباب. يجب أن يبدأ التحرك الفعلي وعلى أرض الواقع وبمختلف الطرق والخيارات لنجدة مدينة القدس التي أشبعناها كذباً ونفاقاً وتزلفا أسميناه تمجيداً لها ووعيداً لمن سيقترب منها، ثم صرف العرب مليارات الدولارات على حديد صدئ وأسلحة استخدمناها فقط ضد بعضنا بعضاً، وتنازلنا مستسلمين عن حقنا في القدس الشريف دون رعاية لكرامتنا وعهدنا مع الله، ويجب أن تسقط جميع الخيارات ويبقى خيار الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الموحدة، وأن يوقع على وثيقة تأسيسها بالدم إن لزم الأمر، وأن يشطب مصطلح الضفة الغربية من أذهان الأجيال ليعود اسم فلسطين مستقرّاً كما كان وتكثيف الدعم المالي والمعنوي للشعب الفلسطيني ليبقى على أرضه. إن الصمت العربي والفقاعات الإعلامية والتصريحات الممجوجة التي يطلقها وزراء خارجية العرب، في ظل حصار الشعب الفلسطيني وتمويته والمساعدة في تهويد القدس وترك الشعب الفلسطيني ضحية للسياسات الإرهابية الإسرائيلية، لهو عار علينا، ويجب رفع الصوت عالياً لتأكيد حق العودة لجميع الفلسطينيين، فيما لو جردوه من حق العودة ووطّنوه في البلدان المجاورة، لن يكون سوى مزايدات الدّلّالات في أسواق النخاسة السياسية.. فالله الله في قدسكم ومسجدكم الأقصى وكنيسة المهد في "بيت لحمكم"، فإن معركتنا الحقيقية هي في فلسطين ولا مكان غيرها.

فايز الفايز 

من نفس القسم دولي