دولي

ضم الضفة الغربية.. أهداف وغايات

القلم الفلسطيني

 

ما أعلنته وزيرة القضاء الإسرائيلية اييلت شكيد، دفع مشروع ما يسمى بـ"قانون المعايير" لتطبيق القانون الساري في (إسرائيل) على المستوطنين في الضفة الغربية، ويعني القانون ضم الضفة الغربية عمليًا (لإسرائيل)، وهذا ليس بجديد فمنذ عام 1967م عملت حكومات (إسرائيل) جاهدةً على بناء وتوسيع المستوطنات، سواء من حيث توسيع رقعتها أو زيادة عدد سكانها للسيطرة التامة والكاملة على الضفة.  ويعيش اليوم أكثر 400،000 مستوطن يحملون الجنسية الإسرائيلية، في مستوطنات الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، بواسطة آلية قضائية بروقراطية معقدة، استولت (إسرائيل) على حوالي %50 من مساحة الضفة الغربية، وكان هذا بالأساس لبناء المستوطنات وتحضير احتياط في حالة ضرورة توسيعها. الإعلان عن الأراضي كأراضي دولة وتسجيلها على هذا الأساس، هي الطريقة المركزية للاستيلاء على الأراضي منذ عام 1979م واستند على تطبيق قانون الأراضي العثماني من عام 1858م، الذي كان ساري المفعول عشية الاحتلال. طرق أخرى اتبعتها (إسرائيل) للاستيلاء على الأراضي، والتي تستند إلى أساس قضائي، هي طريقة إعلانها مناطق عسكرية، إعلانها "ممتلكات متروكة" أو "أملاك غائبين" ومن ثم مصادرتها، بالإضافة إلى ذلك، ساعدت (إسرائيل) مواطنين أفرادا على شراء أراضٍ في السوق الحرة. الاستيلاء على الأراضي تم بمخالفة القوانين الأساسية لأي إجراء عادل. حيث في الكثير من الأحيان لم يعرف الفلسطينيون أن أراضيهم قد تم تسجيلها على اسم دولة الاحتلال الإسرائيلية، ولما عرفوا بذلك كان موعد تقديم الاعتراض متأخراً، بل وواجب الإثبات وقع دائماً على الفلسطينيين الذين يدعون بأن الأراضي ملك لهم، ولو نجح صاحب الأرض بإثبات ملكيته للأرض، في بعض الأحيان تسجل الأرض باسم الدولة بادعاء أن هذه الأرض قد تم تسليمها للمستوطنة "بحسن نية". وكان للمحكمة العليا الإسرائيلية دور في تشريع الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين، وساعدت بخلق رداء قانوني لهذه الإجراءات مثل "أراضي الدولة" أو "الاحتياجات العسكرية الملحة" تهدف لإقامة المستوطنات وطبقت معظم القوانين الإسرائيلية على المستوطنات والمستوطنين، وبهذا ضمتهما، عملياً، لدولة (إسرائيل). هذا على الرغم من أن الضفة الغربية، رسمياً ليست جزءاً من (إسرائيل) والقانون الساري بها هو القانون الأردني والعسكري.  الحكم المحلي في المستوطنات يعمل على غرار الحكم المحلي داخل (إسرائيل) ويعمل بصورة مشابهة، ويتجاهل القانون الأردني الذي من المفروض أن يكون هو الساري في الضفة الغربية. هنالك 23 سلطة محلية يهودية في مناطق الضفة الغربية: ثلاث بلديات، 14 مجلسا محليا وستة مجالس إقليمية، يقع تحت سلطتها 106 مستوطنات معترف بها كبلدان منفصلة. بالإضافة إلى ذلك بنيت 12 مستوطنة في المناطق التي ضمت إلى القدس عام 1967م، وعلى هذه المستوطنات يسري القانون الإسرائيلي بشكل رسمي. وعملت حكومات (إسرائيل)، وما زالت هذه الأيام على اتباع سياسة منهجية مشجعة لهجرة المواطنين الإسرائيليين إلى الضفة الغربية. من أجل ذلك، قامت هذه الحكومات بمنح مكافآت ومحفزات اقتصادية مباشرة للمواطنين أو للسلطات المحلية اليهودية، ذلك من أجل رفع مستوى حياة هؤلاء المواطنين بغرض تشجيع الهجرة للمستوطنات في الضفة الغربية، والتي باتت معرّفة كمناطق أفضلية قومية (مناطق تطوير) "أ" أو "ب" بموجب اتفاق أوسلو. وهذا التعريف يضم المستوطنين، مواطنين إسرائيليين يعملون في المستوطنات أو استثمروا بها، هؤلاء يتمتعون بمكافآت مالية كبيرة. ست وزارات تقوم بمنح هذه المكافآت، وزارة الإسكان (قروض كبيرة لمشتري الشقق، جزء من القروض يتحول إلى منحة)، مديرية إدارة أراضي الدولة (تخفيض كبير بإيجار الأراضي). وزارة التربية (محفزات للمعلمين، إعفاء من دفع قسط التعليم في رياض الأطفال وسفريات مجانية للمدارس)، وزارة الصناعة والتجارة (منح للمستثمرين، بنى تحتية لمناطق صناعية الخ ...). وزارة العمل والرفاه (محفزات للباحثين الاجتماعيين) ووزارة المالية (تخفيضات في ضريبة الدخل للأفراد والشركات). أعتقد أن الغاية من تطبيق ما يسمى بـ"قانون المعايير" الذي تسعى به (إسرائيل) لذرائع أمنية حسب تعبيرها، إلى تحويل ضم الضفة الغربية المحتلة أو تحويل جزء كبير من أراضيها للمنطقة "ج" لتكون تحت السيطرة الإسرائيلية، أي أن المسألة سياسية لكن بطريقة التفافية غير مباشرة تهدف إلى إجهاض الانتفاضة الثالثة التي أنهكته واستنزفت قوتها المادية والمعنوية وحصرتها في زاوية الحيرة والقلق النفسي وفقدان السيطرة الأمنية أمام تحدي جيل فلسطيني حاول الاحتلال طوال عقود تطويعه بكل الوسائل لكن انتفاضة القدس أثبتت فشله تماما. 

 

 

د. أيمن أبو ناهية

من نفس القسم دولي