دولي

تواصل المطاردة الإسرائيلية الساخنة في الضفة الغربية

القلم الفلسطيني

 

يعيش الفلسطينيون والإسرائيليون خلافاً حول "المطاردة الساخنة" للجيش الإسرائيلي بمناطق "أ" بالضفة الغربية للمطلوبين الفلسطينيين، وفيما يطالب الأمن الفلسطيني باستلام المعلومات الأمنية من الإسرائيليين، والقيام باعتقال وملاحقة أولئك المطلوبين، ترفض "إسرائيل" ذلك، وتطالب بأن تقوم بنفسها بالملاحقة، والسلطة باتت تخشى على ضياع ما تبقى من هيبتها وسيادتها في الضفة الغربية. لقد استغل الجيش الإسرائيلي اندلاع الانتفاضة منذ أكتوبر 2015، وتوسع رقعة العمليات الفلسطينية ضد الإسرائيليين، وسقوط 33 قتيلاً إسرائيلياً وإصابة أكثر من 250 آخرين، لاستباحة كافة مناطق الضفة الغربية، بدعوى المطاردة الساخنة للمطلوبين الأمنيين الفلسطينيين، دون تمييز بين مناطق "أ، ب، ج"، التي بدأتها "إسرائيل" عقب تنفيذها لعملية السور الواقي بالضفة الغربية عام 2002 عقب اندلاع العمليات الاستشهادية للفصائل الفلسطينية عامي 2001-2002 داخل "إسرائيل"، التي قتلت وأصابت مئات الإسرائيليين. فيما أكدت "إسرائيل" أن حرية عمل الجيش الإسرائيلي في مناطق "أ" أمر مقدس، ما يعني إفساح المجال للجيش لدخول كافة مناطق الضفة الغربية دون تمييز بين تقسيمات "أ، ب، ج"، وهددت أوساطا شريكة في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي بزعزعة أركانه إذا تم تقليص عمليات الجيش في هذه المناطق، لأن سيطرته عليها ضمانة لأمن "إسرائيل". يكمن هدف "إسرائيل" من المطاردة الساخنة بمناطق "أ" بالضفة في ملاحقة واعتقال المطلوبين أمنياً لـ"إسرائيل"، ممن يخططون لتنفيذ عمليات مسلحة ضدها، وتشبههم المخابرات الإسرائيلية بـ"القنبلة المتكتكة" التي قد لا تحتمل إجراء التنسيق مع الأمن الفلسطيني لاعتقالهم، ما يستغرق بعض الوقت، وينجح المطلوب في التخفي عن عيون الأمن الفلسطيني، وتنفيذ هجمته، وقد اعتقلت "إسرائيل" 3 آلاف فلسطيني بين أكتوبر ومارس. تصر "إسرائيل" على استمرار المطاردة الساخنة للفلسطينيين بمناطق "أ"، رغم تأكيد قادة عسكريين إسرائيليين أن السلطة الفلسطينية تعزّز نشاطاتها ضد منفذي العمليات فيها، وإذا كانت "إسرائيل" منذ اندلاع موجة العمليات أكتوبر الماضي مسئولة عن 85% من مكافحتها في الضفة الغربية، فيما تؤدي السلطة الفلسطينية دورا بنسبة 15%، فإن المعادلة تغيرت منذ مارس الماضي، حيث تقوم السلطة بـ40% من النشاطات الأمنية لملاحقة منفذي العمليات، و"إسرائيل" تقوم بنشاطات أمنية وعسكرية في الضفة الغربية بنسبة 60%، ومع ذلك فإن "إسرائيل" كما يبدو لا تثق إلا في قواتها الأمنية لحفظ أمنها، مع اعتمادها في كثير من الأحيان (على أجهزة السلطة). تعتبر المطاردة الساخنة موضوعا قديما جديدا لم يتغير عند الإسرائيليين، ورغم أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية تقدم خدمات واضحة للأمن الإسرائيلي، لكن الجيش الإسرائيلي لا يثق أحياناً بالمعلومات التي تقدمها له، مما يضطره لدخول مناطق "أ" مباشرة، ويقضي على ما تبقى من هيبة شكلية للسلطة الفلسطينية في الضفة، ويجعلها حريصة فقط على إبقاء شبكة مصالحها مع الإسرائيليين لصالح بعض المتنفذين في السلطة الفلسطينية دون علاقة بالقضية الوطنية الفلسطينية. إن دخول الانتفاضة شهرها السابع، ومواصلة الجيش الإسرائيلي اجتياحه لمناطق "أ"، يطرح علامات استفهام حول مصير المفاوضات الأمنية للجانبين منذ مارس الماضي، حول إعادة انتشار إسرائيلية من مدن فلسطينية، كرام الله وأريحا، لكن استمرار المطاردة الساخنة قد يشير لرغبة إسرائيلية باقتطاع بعض أراضي الضفة، وإبقاء سيطرتها الأمنية عليها بأسماء مختلفة، كمناطق أمنية، التدخل الساخن، حماية المستوطنات. مع العلم أن المطاردة الساخنة مسألة ثابتة في النهج العسكري الإسرائيلي، وهناك قناعات فلسطينية متفاوتة أنها تتم بالتنسيق مع الأمن الفلسطيني، وهذا التنسيق يزداد يوماً بعد يوم، بإحباط العمليات الفدائية، وتبادل اعتقال المقاومين الفلسطينيين بين أجهزة أمن الجانبين، مما يشير لعدم جدية السلطة الفلسطينية في تحذيراتها بوقف التنسيق الأمني، ويمنح "إسرائيل" الغطاء الأمني في مطارداتها الساخنة ضد الفلسطينيين. من الناحية العملية، يبدو أن الجيش الإسرائيلي يدخل مناطق "أ" كما يشاء، وينفذ فيها مطاردات ساخنة، وأحياناً يبلغ السلطة الفلسطينية، ويطلب منها معلومات أمنية عن بعض المجموعات المسلحة، ثم ينسحب من المنطقة بعد إلقاء القبض على المطلوبين الأمنيين له، كما يحصل بمدن الخليل ونابلس وجنين ورام الله، بعد اعتقال من يريد من المطلوبين. وربما أن استمرار "إسرائيل" بالمطاردة الساخنة يلبي لها القبول الشعبي بين الإسرائيليين، ويمنحها الحصول على معلومات أمنية دقيقة وكثيفة عن الضفة أكثر من الأمن الفلسطيني، وهي تفضل وجود أجهزتها الأمنية بجانب نظيرتها الفلسطينية في الوقت ذاته داخل الضفة، لحفظ الأمن بنسبة كام

 

د. عدنان أبو عامر

من نفس القسم دولي