دولي

العبر من استشهاد ملحم

القلم الفلسطيني



أثبتت عملية الشهيد نشأت ملحم؛ أن فلسطينيي أل 48 هم كنز استراتيجي للمقاومة ولانتفاضة القدس؛ يمكن لهم أن يوجعوا الاحتلال أكثر من الضفة؛ كونهم متواجدون كل لحظة في قلب دولة الاحتلال؛ بينما غزة على طرف دولة الاحتلال، والضفة ملامسة للمستوطنات والحواجز؛ وصار يصعب كل يوم يمر في انتفاضة القدس؛ أن تجد ولو مستوطن واحد يتجول في الضفة؛ كما كان قبل الانتفاضة؛ أو حتى جنود؛ إلا وتجدهم متحصنين وفي أقوى وأعلى درجات الترقب والحذر. إذا كان فلسطيني واحد من 48 استطاع أن يوجع الاحتلال بهذا القدر؛ فكيف إذا تبعه عدد آخر ولو قليل من فلسطينيي أل 48؟! كان يأمل كل فلسطيني؛ أن ينجح الشهيد نشأت ملحم بطل عملية "ديزنغوف" وسط تل الربيع "تل ابيب" والتي قتل فيها جنديين وأصاب أربعة بجراح خطرة جدا؛ أن يختفي أطول وقت ممكن عن عيون مخابرات الاحتلال والمتعاونين معها؛ لكن شاء الله تعالى لحكمة ما؛ أن يجعل الشهيد دولة الاحتلال تقف على أعصابها طيلة ثمانية أيام، ويستشهد وهو ضاغطا على زناد بندقيته؛ ليصبح رمزا وملهما؛ لمن يأتي بعده من رجال المقاومة. كل حادثة استشهاد أو عملية ناجحة، أو حتى عملية فشلت ولم تخرج للنور؛ يجب أخذ واستسقاء العبر والدروس منها؛ بتكرار الناجح منها وتطويره، والتعلم من الأخطاء أن وجدت وعدم تكرارها؛ حتى تنجح المقاومة في مواصلة عملياتها وأن توجع الاحتلال أكثر.
لا يجب أن يمر أي حدث مقاوم في مقارعة الاحتلال؛ دون دراسة انعكاساته بشكل جيد من قبل مسئولي المقاومة، وبأسلوب علمي بعيدا عن العواطف الجياشه والتضحيات التي قد يصفها المثبطين والمنهزمين نفسيا؛ بالمجانية. سواء صحت رواية الاحتلال في كيفية الوصول للشهيد ملحم أم لا ؛ فان كل أجهزة الاتصال الحديثة من هواتف وشبكة الكترونية "انترنت"، وغيرها من طرق التواصل الحديثة، هي مراقبة والكل يعرف ذلك، ولكن برغم المعرفة المسبقة؛ فان خطأ استخدامها يتكرر من قبل قلة من رجال المقاومة مما يسهل على مخابرات الاحتلال الوصول إليهم.
نشر التوعية هو واجب قادة الفصائل؛ ونشر أخطاء دارجة وقع فيها أسرى من باب التوعية هو أمر ملح، ومطلوب كل وقت؛ وللأسف تكتفي القوى والفصائل ببيانات ضعيفة وشحيحة حول ذلك، وما زالت التوعية الأمنية للمقاومة لا تصل للحد الأدنى المطلوب بدليل كثرة الأخطاء التي توصل لعناصر المقاومة؛ وليس بشطارة الاحتلال. فرحة الاحتلال باستشهاد البطل نشأت ملحم؛ كونه كان خطر داهم في أية لحظة يمكن له أن يكرر عمليته؛ ولكن بمنظور الربح والخسارة المجردة فان الشهيد خسر الاحتلال عددا من جنوده؛ عدا عن الجرحى، وعدا عن الضغط النفسي والخسائر المادية الأخرى التي كلفت الاحتلال كثيرا؛ فالفرحة الحقيقية هي للشهيد وللمقاومة؛ والفرحة الكاذبة من نصيب دولة الاحتلال الظالمة. ويكفي أن الشهيد ملحم ذكر الاحتلال بالوجع والألم عبر عملية "ديزنغوف" الملعب المفضل للشهيد يحيى عياش سابقا؛ وهو بداية للانهيار النفسي الكامل لدولة الاحتلال لاحقا؛ فكل احتلال منطقيا؛ يجب ألا ينام بهدوء وطمأنينة ما دام يصر على احتلاله وظلمة لشعب كامل بقتله وتهجيره. ما عاد الاحتلال رخيصا في الشهر الرابع لانتفاضة القدس؛ وكل عملية للمقاومة تقرب من وقت زوال الاحتلال، وكل شهيد يسقط هو في سجل الخالدين والشهداء الأبرار عند رب العالمين؛ وليس في سجلات البشر. في المصلحة؛ مقاومة تستقي الدروس والعبر من أخطائها، وتطور نفسها على الدوام؛ لا يمكن لها أن تهزم؛ وإنما تنجح في الوصول لأهدافها لاحقا؛ بالتخلص من الاحتلال حتى لو طال الوقت أو ارتفعت فاتورة التحرير.
خالد معالي

من نفس القسم دولي