دولي

اللاجئون ليسوا بضاعة في شركة الأونروا

القلم الفلسطيني




إن المتابع لطبيعة العلاقة بين وكالة "الأونروا" واللاجئين الفلسطينيين في لبنان يُشبّهها بـ "الشركة والبضاعة"، فسلوك "الأونروا" يُشير إلى أن الوكالة تمارس دور "الشركة" التي تستخدم اللاجئين الفلسطينيين كـ "بضاعة" عندها! وهذا تشبيه نأسف أن نستخدمه ولكن هذا هو الواقع المأساوي الذي وصلنا إليه من خلال الأداء السيئ للأونروا مع اللاجئين الفلسطينيين. لا شك أن السياسة التي تنتهجها وكالة "الأونروا" حالياً مع اللاجئين الفلسطينيين، قائمة على مبدأ الربح والخسارة وليست قائمة على مبدأ الخدمة الجيدة والأداء الجيد، والذي من الطبيعي أن تكون العلاقة قائمة على المبدأ الثاني وليس العكس. فمن المؤسف أن تكون الوكالة الأممية ذات المعايير العالمية المصممّة وفق مبادئ حقوق الإنسان والكرامة والعدالة الاجتماعية؛ أن يكون سلوكها مع اللاجئين الفلسطينيين بهذا الشكل اللاإنساني واللاأخلاقي وأبعد ما يكون عن مبادئ حقوق الإنسان وحقوق اللاجئين على وجه الخصوص. أن وكالة "الأونروا" أُنشأت بقرار أممي لغرض محدد وهو تقديم الخدمات الإغاثية والتعليمية والصحية والتشغيلية وتحسين ظروف العيش للاجئين الفلسطينيين في أماكن لجوئهم لحين العودة الكريمة إلى ديارهم وممتلكاتهم الأصلية في فلسطين. وما دامت العودة للاجئين غير مُنجزة بعد، فتبقى "الأونروا" مسؤولة مباشرةً في تقديم الخدمات للاجئين بكافة أشكالها بل ويجب تحسينها وزيادتها لتتلاءم مع مستوى الحاجة والواقع الاقتصادي والاجتماعي الصعب الذي يعيشه اللاجئون. ولكن، خلال السنوات التي أعقبت توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993 م، بدأت وكالة "الأونروا" في سياسة تقليص الخدمات بشكل تدريجي وصولاً إلى المرحلة الحالية التي تجرّأ مفوضها العام بيير كرينبول للحديث عن إمكانية إنهاء عمل "الأونروا" في حال استمر العجز المالي لميزانية الأونروا بهذا الشكل، واتخذ وقتها حزمة من الإجراءات والقرارات الجائرة بحق اللاجئين الفلسطينيين، والتي جاءت على شكل تقليصات في الخدمات الأساسية على صعيدي ملف التعليم وملف الصحة وخدمات أخرى طالت أهلنا اللاجئين من سورية إلى لبنان. الغريب في الأمر، أن وكالة "الأونروا" تعتبر هذه الإجراءات تأتي من باب الإصلاح والتطوير في برامج عملها ومستوى خدماتها، وأنها تعتقد بحنكة مفوضها العام والمدراء العامين للأونروا استطاعت أن تسد العجز المالي الحالي، وأن تتجاوز مرحلة الخطر! وتظن أيضاً أن هذه القرارات جاءت لمصلحة اللاجئين والحفاظ على مستقبل الوكالة في تقديم الخدمات لهم! ولكن حقيقة الأمر، أن إدارة "الأونروا" تعاملت مع اللاجئين كأنهم "بضاعة" في "شركتها" تنقص من الخدمات المقدّمة لهم كيف تشاء دون مراعاة لواقعهم ومستقبلهم الاقتصادي والاجتماعي الصعب، فاستهترت بالمستقبل التعليمي لأبناء اللاجئين وقراراتها على مستوى هذا الملف جاءت تدميرية بكافة المقاييس التربوية والتعليمية. وتُكمل "الأونروا" مع بداية عام 2016 استهتارها بحياة وأرواح اللاجئين الفلسطينيين وتجعلهم عرضة للتسول في الشوارع لسد فاتورة علاجهم في المستشفيات. لذلك، أصبح لزاماً على اللاجئين الفلسطينيين في مختلف أماكن لجوئهم عموماً وفي لبنان خصوصاً؛ أن يستنفروا كل طاقاتهم وإمكاناتهم لتصحيح الخلل في مفهوم العلاقة القائم بينهم وبين وكالة "الأونروا"، ويدفعوا باتجاه إجبار وكالة "الأونروا" على الاستجابة لمطالبهم واستعادة حقوقهم كاملة ورفض كل أشكال التقليصات في الخدمات المقدّمة لهم. وهذا لا يتحقق إلاً من خلال الحراك الشعبي الفلسطيني الموّحد والمستمر بشكل تصاعدي وصولاً إلى تحقيق المطالب، وإعادة الاعتبار للاجئ الفلسطيني وكرامته.

سامي حمود

من نفس القسم دولي