دولي

فقاعة الهجرة إلى "إسرائيل"

القلم الفلسطيني




تنشر السلطات الإسرائيلية في الأيام المقبلة، تقريرها السكاني السنوي. وقد تعلن فيه أن الهجرة اليهودية إلى "إسرائيل" اجتازت هذا العام، ولأول مرّة منذ عشر سنوات، حاجز الـ20 ألفاً، وربما يصل العدد إلى 23 ألف مهاجر. إلا أن هذا يبقى أقل من التوقعات الصهيونية. والأهم من هذا، أن سلسلة من الأبحاث دلّت على فشل اندماج غالبية المهاجرين في المجتمع الإسرائيلي، وهم يواصلون العيش في مجتمعات منغلقة محافظين فيها على لغتهم وثقافتهم الأصليتين إذ شهدت الهجرة إلى "إسرائيل" منذ العام 2002 تراجعاً حاداً. ففي حين هاجر إلى "إسرائيل" من نهاية العام 1989 وحتى العام 2001 ما معدله مائة ألف مهاجر سنوياً، فإن المعدل هبط منذ العام 2002 وحتى العام 2005 إلى 23 ألفاً سنوياً. ومنذ العام 2006 وحتى العام الماضي 2014، تقلّبت الهجرة ما بين 14 ألفاً و19 ألف مهاجر. وساعد "إسرائيل" على رفع أعداد المهاجرين في العامين الأخيرين، الاعتداءات التي شهدتها فرنسا، والحرب في أوكرانيا. وحسب الإحصاءات الإسرائيلية، فإنه في العام 2014، هاجر من فرنسا 7 آلاف فرنسي، وفي أول 11 شهراً من العام 2015، هاجر قرابة 6900 فرنسي، رغم أن هدف "إسرائيل" كان استقدام 15 ألف فرنسي يهودي في هذا العام، وهذا لن يكون. يعيش في العالم حالياً، ما يزيد بقليل على 14 مليون يهودي، من بينهم 6. 3 مليون في "إسرائيل". وحسب تقارير الحركة الصهيونية، فإن أحد الأسباب الأساسية لتراجع الهجرة، هو أن 90% من أبناء الديانة اليهودية يعيشون في أوطان مستوى المعيشة فيها أعلى مما هو في "إسرائيل". إلا أن الاعتداءات التي شهدتها أوروبا، شكلت تربة خصبة للدعاية الصهيونية، لتحريض اليهود في أوطانهم على الهجرة إلى "إسرائيل"، بزعم أنها آمنة لهم. ورغم هذا، فإن هذه الدعاية لم تحقق النتائج التي توختها. ورغم الارتفاع المحدود في الهجرة، إلا أن سلسلة من التقارير، وآخرها تقرير في الأيام الأخيرة عن المهاجرين الروس، وسبقه بأيام تقرير عن المهاجرين الفرنسيين، بيّنت أن غالبية المهاجرين الساحقة يأتون لأهداف اقتصادية والبحث عن فرص حياة أخرى، فيصطدمون بواقع بائس.
ويقول بحث أن نسبة الحاصلين على شهادات أكاديمية من أبناء المهاجرين الروس في سنوات التسعينيات وما يليها، بلغت 30%، في حين أن نسبة الشهادات الأكاديمية بين أهاليهم المهاجرين التي حصلوا عليها في وطنهم، وصلت حتى 60%. كما أن أبناء المهاجرين من فرنسا تحصيلهم المدرسي أقل كثيراً من سائر اليهود، رغم أنهم جاؤوا من جهاز تعليم متطور، ما يعني أن فرص اندماجهم في الجامعات ستكون ضعيفة. وقرأنا أيضاً أن 13% من المهاجرين الروس عادوا إلى وطنهم الأصلي، رغم أن غالبيتهم ما تزال تحتفظ بالجنسية الإسرائيلية إلى جانب الروسية. وفيما يتعلق بالمهاجرين الفرنسيين، فإن نسبة عالية من العائلات ما تزال منقسمة بين الوطن الأم فرنسا، وبين "إسرائيل". ويقول بحث آخر، أن الغالبية الساحقة جداً من المهاجرين الروس لا تبدي اهتماماً بما يسمى "الثقافة اليهودية"، ولا "التاريخ اليهودي"، ولا يهمها أيضاً الانشغال بالقضايا الصهيونية. لكن الأهم، أن الغالبية الساحقة جداً من هؤلاء المهاجرين، ورغم مرور سنوات طويلة على هجرتهم، يواصلون الحفاظ على لغتهم وثقافتهم الأصلية، ويعيشون في مجتمعات شبه مغلقة، ويقلّون في الاختلاط باليهود الإسرائيليين. نستطيع الاستنتاج أن القفزة التي حققتها الهجرة اليهودية إلى "إسرائيل" في العامين الأخيرين، رغم محدوديتها، هي موجة عابرة، لن تدوم في حال تراجعت الظاهرة التي دفعتهم لأن يقعوا في مكيدة الدعاية الصهيونية. واستناداً إلى تجربة المهاجرين الروس، فمن المؤكد أن الهدوء في أوروبا في حال حصوله، سيساهم في رفع نسبة الهجرة "العكسية" من "إسرائيل"، وهي هجرة قائمة، ولا تجاهر "إسرائيل" بأرقامها الحقيقية، كي لا تبرز فشل مشروعها. ولكن حسب التقديرات السابقة، فإنه ما بين 10 آلاف إلى 12 ألفاً، يهاجرون سنوياً من "إسرائيل"، التي تبقيهم ضمن إحصاءاتها. ما يعني أن اعتماد الصهيونية على رافد الهجرة لزيادة أعداد اليهود في كيانها، سيكون خلال سنوات قليلة، غير ملموس في التقارير السكانية الإسرائيلية.
برهوم جرايسي

من نفس القسم دولي