دولي
انتفاضة القدس والخميس الأسود على "إسرائيل"
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 20 نوفمبر 2015
ظنت "إسرائيل" مع حالة الهدوء النسبي التي شهدتها مدن ومحافظات الضفة الغربية على مدار الأيام القليلة الماضية أن الانتفاضة التي انطلقت قد هدأت وأن جذوتها بدأت تتلاشي ولهيبها بدأ ينطفئ، مخطئةً كالعادة في حساباتها وتقديراتها ونسيت أن انفجارها من جديد هو مسألة وقت، متجاهلةً جرائم وقمع جنودها ومستوطنيها بحق الشعب الفلسطيني وأطفاله وبناته وأرضه ومقدساته ناهيك عن قرارها الأخير المتمثل بإعلان الحرب على الحركة الاسلامية وحظرها وأنشطتها في الداخل الفلسطيني المحتل لينقلب السحر على الساحر في خميس أسود عليها. هي الساعات الأخيرة من يوم الخميس الأسود على الصهاينة لتشتعل الانتفاضة من جديد وتعود لها الحياة وكأنها في أشد عنفوانها، وتشتعل العمليات النوعية في قلب أكبر مدينة محتلة يتخذونها عاصمة لهم "تل أبيب" وعملية نوعية أخرى في أكبر المستوطنات "الإسرائيلية" القريبة من مدينة الخليل في الضفة الغربية المحتلة، وأدتا لمقتل أربعة صهاينة وإصابة أكثر من 10 بعمليتين منفصلتين إحداها في عملية إطلاق نار ودهس نفذها فلسطيني بـمستوطنة "غوش عتصيون" جنوب بيت لحم، والعملية الأخرى عملية طعن وقعت في مبنى تجاري في "تل أبيب"، لتسجلا انتقاما محكماً ورداً قوياً على جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني في الضفة والقدس وحتى في قلب الأراضي المحتلة عام 48. عمليات اليوم تؤكد من جديد أن كل محاولات وأد وإجهاض الانتفاضة فشلت وستفشل تحت أي ظرف كان وأنها عصية على الاحتواء وقد بدأت تتطورا وتأخذ منحاً واسلوباً جديداً، وأن المقاومة غادرت مربع ردات الفعل، إلى مربع التكتيك والعمل المقاوم المسلح، وتثبت من جديد أن كل ما حدث وسيحدث من عمليات هزّت وستهز منظومة الأمن "الإسرائيلية" وغيرت مفهومها من الأساس. عمليتا الخميس الأسود تبعث برسالة للاحتلال أن انتفاضة القدس كما بدأت بعنوانها المسجد الأقصى ومدينة القدس ها هي اليوم تستمر وتتجذر وعنوانها مدينة الخليل التي هي روح وعنوان الانتفاضة وان ارتكاب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني هو لعب بالنار لن يمر مرور الكرام، وأن هذه الجرائم لن تولد سوى مزيداً من العمليات بحق جنوده ومستوطنيه الذي حرقوا الأطفال وقتلوا الشيوخ والنساء في نابلس وجنين وقلنديا والقدس والمسجد الأقصى المبارك. ما هو مطلوب من الفلسطينيين تجاه هذه الأحداث والتطورات الأخيرة وما شاهدناه من عمليات مؤلمة للاحتلال ومع اقتراب دخول انتفاضة القدس شهرها الثالث دوراً كبيراً في إسناد أهالي الضفة الغربية والقدس وتعزيز صمودهم للحفاظ على استمرارية لهيب الانتفاضة، كما يتطلب من الفصائل الفلسطينية كافة الانخراط في انتفاضة القدس بشكل عملي والالتفاف حولها والتي أصبحت تشكل رافعة حقيقية للمشروع الوطني الفلسطيني والعمل على إشعالها أكثر في وجه المحتل وتوحيد كل الجهود في مواجهة المشروع السرطاني الاسرائيلي على أرض فلسطين. الانتفاضة الحالية بعملياتها حققت انجازات كبيرة وأعادت للقضية الفلسطينية وزنها وصدارتها رغم كثرة التطورات على الساحات العربية والعالمية الغربية، والمطلوب استمرارها وتحشيد كل الجهود والطاقات لإشعالها في ساحات القدس وكل مدن الضفة الغربية المحتلة، سيما وأن آخر إحصائيات للانتفاضة منذ انطلاقتها تشير إلى أنها سجلت 17 قتيلا "إسرائيليا" وجرح عشرات بأعنف عمليات منذ 9 أعوام في حين أصيب عشرات "الإسرائيليين" بجراح مختلفة بعضهم في حال الخطر ما زالوا يرقدوا في المشافي "الإسرائيلي". الأولوية الآن وبعد هذه التطورات والعمليات التي أوجعت الاحتلال وجعلت قادته تجتمع من أجل عمليتين منفذيها من مدينة الخليل، لتدعو الفلسطينيين وفصائل المقاومة للعمل على ضرورة التركيز على استمرار الانتفاضة ودعمها بكافة الأشكال والأساليب والوسائل، فما حققته إنجاز حيوي قادر ويساعد في بناء استراتيجية وطنية قادرة على مواجهة الاحتلال وجعل كل أيامه لونها أسود حتى يرحل عن كل شبر احتله من أرض فلسطين ويعود من حيث أتى من أمريكا وروسيا وفرنسا وغيرها، وهذا بالإضافة إلى أنها تتطلب دعماً عربيا سريعا ًواحتضاناً لهذه الانتفاضة واستحقاقاتها، وموقفاً حاسماً وقوياً وواضحاً من العالمين العربي والإسلامي سيما وأن انطلقت من ساحات المسجد الأقصى الذي يجسد القضية المركزية لأحرار العالم العربي والإسلامي.
شرحبيل الغريب