دولي

استراتيجية الجيش الإسرائيلي.. أعداء وحروب ومخاطر

القلم الفلسطيني



للمرة الأولى في تاريخه، أصدر الجيش الإسرائيلي في أوت الماضي، استراتيجيته العسكرية، التي حملت توقيع قائد هيئة أركانه "غادي آيزنكوت"، واستعرضت كيفية رد الجيش الإسرائيلي في حال نشوب أي مواجهة.
وهي الوثيقة التي تضمنت أيضا العديد من النقاط منها علاقة الجيش بالمستوى السياسي، وتحديد العدو الرئيسي لـإسرائيل حاليا، وغيرها من النقاط التي تحدد استراتيجية الجيش في الفترة المقبلة.

محاور الاستراتيجية

حددت الوثيقة الأهداف العليا لإسرائيل، بالحفاظ على وجودها، وسلامة حدودها، وأمنها، وطابعها اليهودي، وحصانة اقتصادها، والارتقاء بها على المستوى الإقليمي والدولي من خلال السعي للسلام مع الجيران العرب.
وشملت الوثيقة الإسرائيلية خارطة التهديدات على إسرائيل، من دول بعيدة كـإيران، وقريبة كـلبنان، ومن دول وصفت بالفاشلة وتسير نحو التفكك كـسوريا، ومنظمات سياسية عسكرية كحركة حماس وحزب الله، وأخرى غير مرتبطة بدول بعينها أو غير معروفة المعالم كتنظيم الدولة والجهاد العالمي.
تناولت الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية طبيعة السلوك الأمني والعسكري في حالات الهدوء، من خلال مواصلة أذرع الأمن لعملها الموحد بهدف المس بالمنظمات المسلحة، وإبعاد خطرها، وتقوية الردع عبر خلق حالة من التهديد المتواصل والموثوق، وفي حالة الحرب والطوارئ على الجيش العمل السريع على إبعاد ودفع الأخطار، من خلال تقليل الضرر اللاحق بإسرائيل، وتقوية الردع على المستوى الإقليمي.

التغذية الراجعة

يمكن اعتبار استراتيجية الجيش الإسرائيلي الجديدة نوعا من التغذية الراجعة للجيش الإسرائيلي في مواجهاته العسكرية الأخيرة، حيث بات يرى تضاؤل خطر المواجهة مع دول معادية، أمام تعاظم قوة منظمات إسلامية تعمل في بيئة صعبة التعقيد وداخل التجمعات السكنية، في حين تطمح هذه المنظمات لإقامة سلطات مستقلة في ظل تضاؤل مخاطر الغزو البري لإسرائيل، إلا من بعض العمليات المحدودة والهادفة لتنفيذ العمليات والحرب الإعلامية، وفق ما ورد في استراتيجية الجيش.
ولذلك فقد شملت التحديات التي أوردتها الوثيقة المترجمة ارتفاع نسبة التهديد للعمق الإسرائيلي عبر صواريخ قصيرة وبعيدة المدى بدقة وبدون دقة، في محاولة لخلق تحد استراتيجي عبر تشويش الحياة العامة والاقتصاد، من خلال الحفاظ على مصادر إطلاق النار بالتمويه والتورية في التجمعات السكنية للحد من قدرة الجيش على المناورة، ومحاولات سلب الجيش بعضا من تفوقه العسكري البري والجوي والبحري عبر معدات وأسلحة تحد من قدرته على المناورة، وتنتقص من تفوقه في الميدان، ومضاعفة خسائر المدنيين والجيش، وزيادة الضغط الاستراتيجي على "إسرائيل".

الرد الفلسطيني

تلقف الفلسطينيون -ولا سيما صناع القرار السياسي والعسكري- وثيقة الجيش الإسرائيلي المنشورة، لا سيما وقد صدرت خلال أقل من عام من انتهاء حرب غزة الأخيرة 2014، التي اعتمدت عليها الوثيقة كثيرا في تحديد معالم الرد الإسرائيلي القادم خلال أي مواجهة عسكرية.
المقاومة الفلسطينية تعتقد أن الرد الناجع على مثل هذه الوثيقة العسكرية الإسرائيلية يتمثل بمزيد من الاستعدادات التي تزايدت بعد الحرب الأخيرة بصورة لا تخطئها العين، حيث يمكن رؤية بوادر الجيش القادم، فالمقاومة تعزز معسكرات تدريب في كل مدينة في قطاع غزة، تصل مساحة بعضها عشرين دونما، والنشطاء الجدد -كما المخضرمون- المنضمون لكتائب القسام، يتوجهون عدة أيام لمعسكرات التدريب العملي على عمليات إطلاق النار، والقذائف الصاروخية، وإعداد العبوات الناسفة، حيث تستمر فترة تدريب "المبتدئين" شهرا، وفترة المتقدم ثلاثة أشهر، والمدرِّبون نشطاء كبار في التنظيم، مروا بدورات عسكرية في الخارج.
أخيرا.. فإن النتيجة النهائية لأي مواجهة عسكرية قادمة هي المقررة، وليس مثل هذه الوثيقة، على أهميتها، لأن النتيجة المباشرة لحرب غزة الأخيرة أكدت وجود ردع متبادل بين إسرائيل وحماس، الأولى علقت في تعادل عسكري مع الثانية، وهذا فشل ذريع، يُعدّ في نظر كثير من الإسرائيليين أخطر من الهزيمة المعلنة، ورفع الراية البيضاء.

فما حدث مع الجيش الإسرائيلي في حرب غزة 2014، حدث مع الأميركيين في فيتنام والصومال والعراق، والفرنسيين في الجزائر، والإسرائيليين في لبنان، والروس في أفغانستان، وهذا ما سيحدث معهم مرة أخرى، صحيح أن لدى الإسرائيليين قوة فتاكة، لكنهم لا يمكن أن يستخدموا معظمها، وحتى لو استعملوها فثمة شك في نجاحها


عدنان أبو عامر

من نفس القسم دولي