دولي
صفقة لوأد الوطنية الفلسطينية
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 29 ماي 2019
مع انشغال السياسيين والإعلاميين والخبراء بتفاصيل الخطة الأميركية للشرق الأوسط وتسريباتها، بات واضحا أن الهدف الرئيس للخطة هو وأد الحركة الوطنية الفلسطينية، وتطلعات الشعب الفلسطيني.
وقد تبيّنت مؤشرات هذا الهدف الأميركي الإسرائيلي، في الأيام الأولى لإدارة دونالد ترامب، ولكن لا أحد اهتم بها.
عندما رشحت الأمانة العامة للأمم المتحدة رئيس الحكومة الفلسطينية الأسبق، سلام فياض، مبعوثاً لها إلى ليبيا، خرجت ممثلة واشنطن في الأمم المتحدة، نيكي هيلي، واعترضت على القرار.
وفي تفسيرها المكتوب للرفض، قالت "إن الولايات المتحدة لم تعترف بدولة فلسطين، ولذلك لن تقبل إرسال ما يحمله التعيين من إشارة أممية".
وأضافت "من الآن فصاعداً، لن تكتفي الولايات المتحدة بالأقوال، بل ستدعمها بالأعمال دعما لحلفائها". والمعني ليس حلفاء بالجمع، بل حليف واحد، هو إسرائيل.
كلنا نعرف أن الولايات المتحدة تتخذ القرار تلو القرار المناهض، وبشكل مفضوح، لأي شأن أو رمز له معنى للشعب الفلسطيني وتطلعاته الوطنية، فوقف الدعم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة كان بغرض إضعاف أهم عنصرين من ثوابت القضية الفلسطينية.
وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن جاء رفضا للتدرج الأميركي، منذ الاتصال المباشر مع منظمة التحرير عام 1988 في تونس، وثم استضافة الرئيس ياسر عرفات في البيت الأبيض للتوقيع على اتفاق المبادئ وتبادل الاعتراف مع إسرائيل. كما أن القرارات الإسرائيلية والأميركية، بعدم دفع مخصصات للأسرى وأهالي الشهداء، كان محورا مهما من هذه الحرب الظالمة على الشعب الفلسطيني وحركته الوطنية.
أما قرار الولايات المتحدة أخيراً عقد مؤتمر اقتصادي في البحرين، في 25 و26 يونيو/
"ورشة البحرين أمر ينذر بالعودة إلى ما قبل الاعتراف العربي بالمنظمة ممثلاً للشعب الفلسطيني في مؤتمر القمة في الرباط عام 1974" حزيران المقبل، ودعوة وزراء مالية عرب وأجانب إليه، من دون دعوة الجانب الفلسطيني، أو التنسيق مع القيادة الفلسطينية، فإن الأمر ينذر بالعودة إلى ما قبل الاعتراف العربي بالمنظمة ممثلاً للشعب الفلسطيني في مؤتمر القمة في الرباط عام 1974.
وينطبق الأمر على قرار الخارجية الأميركية رفض تأشيرة دخول لعضو اللجنة التنفيذية للمنظمة، حنان عشراوي، للولايات المتحدة، فهو يعكس المحاولة الاستراتيجية الأميركية/ الإسرائيلية معارضة أي شأن يتعلق بالحركة الوطنية للشعب الفلسطيني.
وهذه 233 تغريدة لرجل ترامب الأول في موضوع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، المتصهين جيسون غرينبلات، في شهري مارس/ آذار وإبريل/ نيسان، 79% منها دعماً لإسرائيل ومعارضة للشعب الفلسطيني ولحركته الوطنية، كما لحركة حماس.
وفي بعضها، يتلذذ غرينبلات بإهانة القيادات الفلسطينية، وحتى الرموز الوطنية، مثل الشهيد خليل الوزير (أبو جهاد).
ويتبين ممن يتابعهم غرينبلات أنه لا يتابع خارج الشخصيات الأميركية سوى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وسفيره في واشنطن والسفارة الإسرائيلية في الولايات المتحدة.
كما يتابع تغريدات الملك عبد الله الثاني ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي.
وليست فكرة استبدال منظمة التحرير والقيادات الفلسطينية الحالية بزعماء عرب أو شخصيات فلسطينية جديدة، بل هي فكرة قديمة فشلت عندما جرّبها الإسرائيليون بروابط القرى في عام 1979.
وستفشل مرة أخرى، إذا ما حاول الأميركيون العمل بها، ولن تجد الولايات المتحدة فلسطينيا ذا شأن أو عربياً مستعدا أن يمثل الشعب الفلسطيني، ويوافق على أي تنازلاتٍ في أمور وطنية فلسطينية.
قد تكون هناك مشكلات وخلافات عميقة في كيانات وفصائل في الشعب الفلسطيني، إلا أن عدم التنازل عن الثوابت الوطنية الفلسطينية أمر لا خلاف عليه بين فئات الشعب الفلسطيني، الرسمية والشعبية.
داود كتّاب