دولي

كوشنر إذ يكشف خطة سيده.. ترمب أم نتنياهو!!

القلم الفلسطيني

نادراً ما يتحدث صهر ترمب -كوشنر- لوسائل الإعلام، لكنه فعل ذلك عشية بدء جولته الخليجية، بصحبة زميله الصهيوني المتطرف -جرينبلات- لترويج الخطة التي تُنسب لسيده -ترمب- والتي عُرفت بـ «صفقة القرن»، والتي زار خلالها تركيا أيضاً.

في المقابلة مع «سكاي نيوز»، قال كوشنر، إن الوضع الذي يتم التفاوض بشأنه «لم يتغير كثيراً» خلال السنوات الـ 25 الأخيرة، مضيفاً: «ما حاولنا فعله هو صياغة حلول تكون واقعية وعادلة لهذه القضايا في عام 2019، من شأنها أن تسمح للناس بعيش حياة أفضل».

أما مبادئ الخطة -كما قال- فهي أربعة: «حرية الفرص، وحرية الدين والعبادة بغضّ النظر عن معتقداتهم، الاحترام، وأخيراً الأمن».وعن أسباب عدم التوصل لحل سابقاً، قال كوشنر: «لم نتمكن من إقناع الشعبين بتقديم تنازلات، لذلك لم نركّز كثيراً على القضايا رغم تعمّقنا فيها، بل على ما يمنع الشعب الفلسطيني من الاستفادة من قدراته الكاملة، وما يمنع الشعب الإسرائيلي من الاندماج بشكل ملائم في المنطقة بأكملها».

ثم ركّز على البعد الاقتصادي للخطة، بالقول: «لا أعتقد أن الأثر الاقتصادي للخطة سيقتصر على الإسرائيليين والفلسطينيين فقط، بل سيشمل المنطقة برمّتها، بما في ذلك الأردن ومصر ولبنان».وأضاف: «الخطة مفصّلة جداً، وتركّز على ترسيم الحدود وحلّ قضايا الوضع النهائي، لكن الهدف من حلّ قضية الحدود هو القضاء على هذه الحدود، وإذا تمكنّا من إزالة الحدود وإحلال السلام بعيداً عن الترهيب، يمكن أن يضمن ذلك التدفق الحر للناس والسلع، ويؤدي ذلك إلى إيجاد فرص جديدة».

الحق أن كوشنر قد بدأ يفهم جوهر الخطة، التي قرأها على ما يبدو عليه مراراً معلمه نتنياهو، والتي لم يعُد هناك خلاف -حتى في أوساط المحللين الصهاينة- على أنها هي ذاتها خطة «السلام الاقتصادي» التي طرحها نتنياهو قبل سنوات طويلة.

الجديد الذي يظهر في الخطة هو الأمل في جعلها صيغة نهائية بدل أن تكون مؤقتة، كما طرحها شارون عام 2000، بمسمى «الحل الانتقالي بعيد المدى»، وكما طرحها شيمون بيريز بمسمى «الدولة المؤقتة»، وكما طرحها نتنياهو نفسه بمسمى «السلام الاقتصادي».

هذا البعد تكشفه تلك الفقرة الغامضة نوعاً ما في كلام كوشنر، بجانب فقرة أخرى عن حرية العبادة، حيث يقول: «الخطة مفصّلة جداً، وتركّز على ترسيم الحدود وحلّ قضايا الوضع النهائي، لكن الهدف من حلّ قضية الحدود هو القضاء على هذه الحدود، وإذا تمكنّا من إزالة الحدود وإحلال السلام بعيداً عن الترهيب، يمكن أن يضمن ذلك التدفق الحرّ للناس والسلع، ويؤدي ذلك إلى إيجاد فرص جديدة».

النتيجة بحسب هذا الكلام، هي أن السكان الفلسطينيين سيبقون تحت ولاية السلطة من دون ترسيم للحدود «يأمل سادة الصفقة في فرض الحل بالترتيب مع الأردن»، حتى لا يضطر الصهاينة للتنازل عن أي شبر من «يهودا والسامرة»، بما ينسف روايتهم للصراع، والسيادة كلها للكيان الصهيوني، بما في ذلك على "القدس الشرقية"، وما تبقى قضايا اقتصادية لشراء صمت الفلسطينيين -مع مصر والأردن ولبنان- وفق تسريب «نيويورك تايمز». وحين يأتي كوشنر إلى الخليج لترويج الخطة، فهذا يعني أن على العرب أن يبصموا على تصفية القضية، ويدفعوا ثمن التصفية في آن.

المعلومات المتوفرة أنه لم يلقَ استجابة خلال جولته، فلا أحد يرغب في حرق نفسه أمام الأمة، مع أن حدوث ذلك لن يغير في النتيجة، حيث سيذهب هو وسيده وخطتهما، وسيبقى الصراع قائماً حتى يُكنس الغزاة من فلسطين، وإن كان من الصعب حدوث ذلك قبل أن تصحّح البوصلة الفلسطينية مع قيادة أخرى تؤمن بالمقاومة، أو بانفجار يفرض عليها التغير أو التنحي، لكن الشعب الفلسطيني لم يتوقف عن مفاجأة الجميع بمقاومته وصموده، ومن ورائه أمة لا تعرف الاستسلام.

رغم انعقاده تحت عنوان "القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين" لم يلتفت الكثير من المثقفين والسياسيين إلى انطلاق أعمال المؤتمر التاسع والعشرين لاتحاد البرلمانيين العرب، وذلك لأن القليل من البرلمانات العربية تمثل إرادة الجماهير العربية، والقليل منها عبر نسبة الحسم من خلال انتخابات برلمانية حرة نزيهة، ومن هذه البرلمانات الممثلة في لقاء عمان، برلمان دولة فلسطين، حيث غاب ممثلو المجلس التشريعي المنتخب بشكل ديمقراطي عن حضور جلسات البرلمانيين العرب، وحل محلهم من هو ليس منتخباً بشكل ديمقراطي، لتنضم فلسطين إلى بقية الدول والممالك العربية التي يتم فيها تعيين البرلمانيين من خلال التزكية، والتوصية الحزبية، ورضا الحاكم، وموافقة السلطات التنفيذية ورجال المخابرات.لما سبق لم ينته الكثير من الإعلاميين إلى انطلاق أعمال البرلمانيين العرب في عمان إلا بعد أن ارتفعت وتيرة الخلاف حول البيان الختامي، وتحديد مفهوم التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، فما كان من البديهيات قبل زمن، صار بحاجة إلى توافق في هذا الزمن، ولاسيما بعد انعكاس المتغيرات الإقليمية على الوعي الرسمي العربي الذي بات يحتكم لمفهوم العلاقة مع إسرائيل من الزاوية المنحرفة للمصالح المشبوهة، والتي لم تعد ترى بإسرائيل العدو المركزي لشعوب الأمة العربية والإسلامية قبل أن يكون مغتصباً لأرض فلسطين.

لقد اختلف البرلمانيون العرب في بيانهم الختامي على فقرة تدعو إلى وقف التطبيع مع إسرائيل، ووقف كافة أشكال التقارب معها، هذه الفقرة لم تعجب ممثلي البرلمان المصري والسعودي والإماراتي، وطالبوا مجتمعين بشطبها، وطالبوا بأن تقتصر الدعوة على وقف التطبيع بين الشعوب العربية وإسرائيل، دون إلزام للحكومات العربية بذلك.

لقد حسم النقاش في هذه الأمر رئيس الاتحاد البرلماني العربي رئيس مجلس النواب الأردني، المهندس عاطف الطراونة، حين رفض مطلب السعودية والإمارات ومصر وتمسك ببند رفض التطبيع مع إسرائيل بمفهومه العربي الشامل، وأصر على بقاء البند الذي يقول: من أهم خطوات دعم الأشقاء الفلسطينيين وقف كافة أشكال التقارب والتطبيع مع المحتل الإسرائيلي؛ وعليه ندعو إلى موقف حازم وثابت، يصد كل أبواب التطبيع مع إسرائيل.فهل ستلتزم الحكومات العربية بقرار البرلمانات العربية؟ وهل ستلتزم الحكومات المصرية والأردنية والفلسطينية، وهي الحكومات التي لها علاقات دبلوماسية وسياسية وأمنية مع الإسرائيليين؟ أم ستضرب هذه الحكومات عرض الحائط بقرار البرلمانيين العرب؟

من المفارقات التي تستوجب المتابعة في هذا الشأن؛ أن وفد السلطة الفلسطينية قد انضم إلى وفد البرلمانيين السوريين واللبنانيين في مطالبته بإبقاء بند رفض التطبيع على حاله دون تغيير، فهل يستطيع الوفد الفلسطيني أن يلزم السلطة بوقف كافة أشكال التقارب واللقاء والتطبيع مع المحتل الإسرائيلي؟ هل يستطيع أن يكون حازماً وثابتاً على موقفه كما جاء في البيان.

ياسر الزعاترة

 

من نفس القسم دولي