دولي
ماذا تنتظر إسرائيل من جنرالها أفيف كوخافي؟
يواجه تحدي اهتزاز الأوضاع في الضفة
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 16 جانفي 2019
يمر تعيين قادة الجيوش ورؤساء الأركان عادة، في مختلف بلدان العالم، مرور الكرام بطقوس رسمية لا تأخذ مساحة كبيرة في إعلام وحياة السكان. لكن الأمر يختلف في إسرائيل كلياً، سواء بفعل تشابك الأمن بالسياسة، أم ببساطة لمجرد كون الدولة الإسرائيلية قامت بقوة السلاح على أنقاض شعب كامل، أمسى بعد المعارك خارج وطنه، ولم يبقَ في الوطن منه سوى شظايا شعب لا يتجاوز عددهم الـ130 ألف نسمة في الجليل والمثلث والنقب. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فبعد العام 1967 وقع ما تبقّى من الوطن تحت الاحتلال الإسرائيلي، فزادت أهمية القوة العسكرية اللازمة إسرائيلياً لتثبيت عملية السلب الأولى، وتثبيت نتيجة الاحتلال الثاني.
وتصاعدت أهمية الجنرال لدى الاحتلال ودوره باعتباره من يمثّل أكثر من أي شيء آخر "البقرة المقدسة" في إسرائيل. يفسر هذا كله، مقروناً بالتربية الإسرائيلية على تمجيد القوة العسكرية، وواقع الاحتلال المستمر، الاحتفاء منقطع النظير بكل رئيس أركان ينهي منصبه في "ظروف طبيعية" من دون أن يضطر للإقالة من منصبه، كما في المهرجان الإعلامي والسياسي والاجتماعي المصاحب لتعيين الجنرال أفيف كوخافي رئيساً للأركان الـ22 لجيش الاحتلال، مع ثرثرة إسرائيلية إعلامية وسياسية حول سجل سلفه غادي أيزنكوت، وما هو متوقع من الجنرال الجديد.
واختصر رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، المطلوب من كوخافي بقوله في مراسم ترقيته الرسمية: "إن المهمة الملقاة على عاتقك هي ضمان أن ينفذ الجيش المهام المطلوبة منه. الهدف واحد، هو ضمان تفوقنا على أعدائنا وزيادة الفجوة النوعية بيننا وبينهم. سنعمل بداية على تعزيز ومراكمة قوتنا الهجومية، ونضمن ضربة هجومية قاضية ضد أعداء قريبين وأعداء بعيدين".
• قوة برية لضمان "الحسم"
يشهد جيش الاحتلال، في السنوات الأخيرة، جدلاً حول دلالات ومعاني الانتصار في المعركة ومفهوم مصطلح "الحسم"، كأحد الملفات الحارقة التي ثارت في إسرائيل في تقييمها للعدوان الأخير على قطاع غزة عام 2014 "الجرف الصامد"، وهل أن الحسم والانتصار "الواضح" الذي ميّز الحروب السابقة يمكن تكراره في الحروب المقبلة. ويرتبط هذا الجدل باستراتيجية الجيش الأخيرة التي وضعها أيزنكوت، وتقوم على الاستعداد في حرب مقبلة لضربات قوية تدمج ضربات من عدة أسلحة، مع أولوية لضربات ثقيلة من الجو، لكن مصحوبة بحرب برية، مع وجوب تحديد ما هو مطلوب من الجيش في الحرب المقبلة. وبالتالي ينبغي مواصلة بحث وفحص ادعاءات مفوض شكاوى الجنود، الجنرال احتياط يتسحاق بريك، الذي قرر في تقرير رسمي أن الجيش ليس جاهزاً للحرب المقبلة، لا سيما ما يتعلق بوضع سلاح المدفعية والمدرعات، وبالتالي على كوخافي أن يحدد ما هو المطلوب من الجيوش البرية، وفحص جهوزية الأسلحة والعتاد.
• مواجهة "حماس"
سيكون هذا الملف الأكثر سخونة، فيما ترى ورقة مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي أن حركة "حماس" غير معنية بمواجهة عسكرية. مع ذلك، فإن السنوات الأخيرة شهدت تراجعاً وتآكلاً في قوة الردع الإسرائيلية. وإذا كان هذا غير كافٍ، فسيكون على كوخافي أن يعمل في ظل ضبابية وعدم وضوح في استراتيجية إسرائيل تجاه "حماس"، وهل هذه الاستراتيجية تشمل إسقاط حكم الحركة أم إدارة النزاع معها، في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة من جهة، واستمرار الحصار، والانشقاق الفلسطيني الداخلي من جهة ثانية. هذا الوضع يلزم، من وجهة نظر المركز، أن تتوفر لجيش الاحتلال خطة عملياتية تبرر نجاعتها ثمن اعتمادها وتطبيقها في حالة المواجهة العسكرية، وتضمن ردع "حماس" لفترة طويلة، وتمس بالحركة، خصوصاً ذراعها العسكرية.
• منع تدهور أوضاع الضفة
تدعو الورقة إلى مواصلة السياسة الحالية، على ضوء حالة الاستقرار في الضفة الغربية المحتلة، ولكن في ظل غياب أفق أو خيار سياسي، فعلى الجيش أن يستعد بأفضل شكل ممكن لإمكانية اهتزاز الأوضاع وانهيار الأوضاع الأمنية. وتوصي الورقة بتجهيز خيار لسيناريو رحيل أو نهاية عهد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وما قد يتبع ذلك من حرب وراثة على الحكم في السلطة، قد يصاحبها انهيار منظومة التنسيق الأمني بين قوات الاحتلال والأجهزة الأمنية الفلسطينية.
• المحافظة على ثقة الجمهور بالجيش
تزداد أهمية هذا التحدي في ظل المعركة الانتخابية الإسرائيلية، وعدم تورع قادة أحزاب، أبرزهم وزير الأمن السابق أفيغدور ليبرمان، وزعيم حزب "اليمين الجديد" نفتالي بينت، عن مهاجمة قادة الجيش، ولا سيما أيزنكوت، والتشكيك في صدقية اعتباراتهم وقراراتهم، خصوصاً في ما يتعلق بموقف قادة جيش الاحتلال طيلة العام 2018 برفض شن حرب واسعة النطاق على غزة ورفض مقترحات إعادة احتلال القطاع من جديد.