دولي

نتنياهو يشتري الوقت بـ"الهدوء الوهمي" في انتظار الجولة المقبلة

إسرائيل مصممة على عدم التسليم بمعادلات حماس الجديدة

يعكس تعبير "الهدوء الوهمي" الذي استخدمه القائد السابق للمنطقة الوسطى (أي الضفة الغربية المحتلة) في جيش الاحتلال، الجنرال غادي شامني، حالة الإرباك السائدة في صفوف القيادة السياسية في إسرائيل على نحو خاص، بفعل الحسابات الحزبية والانتخابية التي تتحكم على ما يبدو في امتناع رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، رغم مزايدات وزراء في الكابينيت السياسي والأمني، عن شن هجوم واسع النطاق على قطاع غزة.

تراكمت اعترافات إسرائيلية بأن خيارات الاحتلال في مواجهة ما يحدث على الحدود الشرقية مع قطاع غزة، منذ بدء مسيرات العودة قبل 135 يوماً، باتت محدودة للغاية، وهي رغم محدوديتها مرتبطة أيضا بحسابات حزبية داخلية. ووفقاً لمختلف التحليلات الإسرائيلية، في الأيام الماضية، وتصريحات مختلفة لقادة عسكريين على مدار الفترة الأخيرة، فإن حكومة الاحتلال بين خيارين رئيسيين، إما التسليم بالمعادلة الجديدة لحركة "حماس": القصف يقابل بالقصف، والتسليم بجولات تصعيد عسكرية محدودة القوة والمدة الزمنية، أو الذهاب باتجاه الخيار العسكري الأوسع لشن حرب شاملة على القطاع ضمن خطة لإعادة احتلاله خلال أيام وفق خطط معدة وجاهزة، ولكن دون تصور لما سيأتي بعد هذا الاحتلال وما يفرضه على دولة الاحتلال من إدارة شؤون القطاع كله.

ويبدو تكرار الحديث عن هذه السيناريوهات مؤشراً إضافياً لحالة البلبلة الإسرائيلية، ومحاولة من المستويين العسكري والسياسي للتصدي للانتقادات الداخلية في إسرائيل التي ترتفع أخيراً، سواء من داخل اليمين الإسرائيلي نفسه الذي يطالب بالحسم العسكري والقضاء على "حماس" ووقف ما سمّاه الوزير من حزب "البيت اليهودي"، أوري أريئيل، في حديث مع الإذاعة الإسرائيلية أمس، استمرار تآكل قوة الردع الإسرائيلية، علماً بأن الجيش، بحسب قوله، يملك القوة والقدرة على تنفيذ كل ما يطلبه منه المستوى السياسي، في إشارة من أريئيل إلى غياب الإرادة عند نتنياهو. ويشكل هذا الغياب عملياً ركناً أساسياً في محاولة فهم السياسة الإسرائيلية الحالية تجاه غزة، خصوصاً وأن الجيش، الذي اعتاد اليمين مطالبة مختلف الحكومات الإسرائيلية بتمكينه من النصر، يعلن مراراً أنه مستعد لكل الاحتمالات والسيناريوهات في حال تم تكليفه بالمهام المطلوبة، وهو ما يزيد من حالة الإرباك لدى المستوى السياسي، ولا سيما رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير أمنه، أفيغدور ليبرمان، الذي كان توعد قبل انضمامه للحكومة، في مايو/أيار 2017، أنه تكفيه 48 ساعة لتصفية إسماعيل هنية.

وترتبط هذه التقديرات بالحسابات الداخلية الحزبية لنتنياهو وفرص بقائه في الحكم، في حال تبكير موعد الانتخابات العامة في إسرائيل، التي تشير تقديرات أولية إلى احتمال إجرائها في مارس/آذار من العام المقبل، بدلاً من موعدها الأصلي في نوفمبر/تشرين الثاني 2019. وتتماشى هذه التقديرات مع تصورات حكومة نتنياهو الحالية، التي تقوم من وجهة نظر الأخير على وجوب المحافظة على الوضع القائم، ما دام البديل هو اجتياح بري شامل لغزة وتوريط الجيش في معارك ضارية في قلب بيئة حضرية مأهولة بالسكان. ويخشى نتنياهو من خوض غمار حرب جديدة لا تنتهي بتقويض حركة "حماس"، أو يتخللها سقوط عدد كبير من القتلى في صفوف الإسرائيليين، وهو ما بات يؤرقه، خصوصاً وأن صورته باعتباره "قوياً في مواجهة الإرهاب" باتت تتآكل في نظر الجمهور الإسرائيلي، الذي بلغ أوجه في إعلان رؤساء عدد من المستوطنات الإسرائيلية في محيط غزة علناً عن خيبة أملهم من نتائج المواجهة الأخيرة مع "حماس"، وعدم حسم المعركة، وبالتالي مطالبتهم الحكومة بالاتجاه نحو تهدئة بعيدة المدى تضمن عدم تجدد جولات التصعيد العسكري مرة كل أسبوعين، مع ما يلازم ذلك من حالات الذعر في صفوف المستوطنين.

 

من نفس القسم دولي