دولي

العاهل الأردني: لا ضغوط علينا بخصوص القضية الفلسطينية

الملك أكّد أن الموقف الأردني ثابت إزاء القضية الفلسطينية

رعاية مصرية ودعم قطري لتصور تخفيف معاناة غزة

 

أكد العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، أن "موقف الأردن من القضية الفلسطينية في الغرف المغلقة وأمام العالم هو موقف ثابت لا يتغير أبداً"، مبيناً في هذا الإطار أن "لا ضغوط على الأردن"، وذلك بعد أن كشفت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، عن "تسريبات" حصلت عليها توثّق طلب جاريد كوشنر، كبير مستشاري الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من الأردن إلغاء وصف "لاجئ" عن مليوني فلسطيني يعيشون على أراضيه، تمهيداً لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين.

قال عبد الله الثاني، خلال ترؤسه جانبًا من جلسة مجلس الوزراء الأردني: "أنا أسمع إشاعات كثيرة من الداخل والخارج، فمن أين يأتون بهذه الأفكار.. لا نعلم!".وأضاف: "خلال زيارتي للولايات المتحدة جرى التأكيد على موقف الأردن الثابت والواضح من القضية الفلسطينية الذي يستند إلى حل الدولتين، وبما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية".

وكانت "فورين بوليسي" قد أشارت إلى أن كوشنر أرسل رسائل بريد إلكترونية بعد زيارته إلى الأردن، يدعو فيها الولايات المتحدة إلى تكثيف الجهود من أجل تعطيل عمل "أونروا" في المملكة.ونقلت المجلة عن كوشنر قوله إن "أونروا تعمل على إدامة الوضع الراهن، وهي فاسدة، وغير فعالة ولا تساعد على عملية السلام"، مضيفاً "لا يمكن أن يكون الهدف هو إبقاء الأمور على ما هي عليه... فأحيانًا علينا المخاطرة بتحطيم الأشياء ليتحقق المراد".

 

رعاية مصرية ودعم قطري لتصور تخفيف معاناة غزة

 

إلى ذلك كشفت مصادر من حركة "حماس" تفاصيل التصوّر الخاص بعلاج أزمة قطاع غزة والأوضاع المعيشية فيه، التي ستكون محلّ مناقشة خلال الاجتماعات التي تعقد بين وفد الحركة الخارجي القادم من القاهرة، والمكتب السياسي في القطاع. وقالت المصادر، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، إن المقترح سيشهد أوّل توافق مصري قطري بشأن الأوضاع في المنطقة، موضحةً أنّ التصوّر طرحه المبعوث الأممي، نيكولاي ملادينوف، ويحظى برعاية مصرية ودعم قطري. ولفتت المصادر إلى أنّ التصوّر يتضمّن تفعيل التهدئة ووقف الأشكال العسكرية كافة، بما فيها إطلاق البالونات الحارقة، مقابل حزمة اقتصادية بقيمة 600 مليون دولار لدعم الأنشطة الاقتصادية في القطاع وإنشاء عدد من المصانع، وفتح المعابر التجارية. كما يتضمّن التصوّر فتح المجال لأعداد محددة مسبقاً من سكان قطاع غزة للعمل داخل الأراضي المحتلة، للنزول بمعدلات البطالة التي ربما تكون أصبحت الأعلى في العالم.

 

الخطوات المتفق عليها كافة ستكون بإشراف مصري ودعم قطري

 

ولفتت المصادر إلى أنّ الخطوات المتفق عليها كافة ستكون بإشراف مصري وضمانة قطرية، مشيرةً إلى أنّ معبر رفح الحدودي يعدّ العمود الفقري للتصورات الخاصة بالتهدئة المقترحة، بشكل يضمن استمرار عمله دائماً، مع تحديد فترات العطلة الخاصة به، وفق جدول سنوي معروف بشكل واضح.

يأتي هذا في وقت سمحت فيه مصر لوفد حركة "حماس" الخارجي الذي زار القاهرة أخيراً بالدخول إلى قطاع غزة والاجتماع مع قيادة الحركة هناك للخروج بردّ نهائي على التصورات الإقليمية المطروحة، بشأن التهدئة طويلة الأمد، وكذلك الورقة المصرية الخاصة بالمصالحة الداخلية بين حركتي "فتح" و"حماس". وضمّ وفد الحركة الذي التقى مدير الاستخبارات المصرية اللواء عباس كامل، صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي، وموسى أبو مرزوق مسؤول ملف العلاقات الخارجية، وحسام بدران مسؤول ملف العلاقات الوطنية، وعزت الرشق عضو المكتب السياسي.

 

معبر رفح يعدّ العمود الفقري للتصورات الخاصة بالتهدئة المقترحة

 

ويأتي هذا في الوقت الذي كشفت فيه مصادر مصرية، لـ"العربي الجديد"، كواليس جديدة بشأن التداعيات التي أدّت لتوقّف مساعي "صفقة القرن" الأميركية، قائلةً إنّ الموقف الأردني تمسّك بعدم النظر في تلك التسوية ولا سيما تصوّرها المطروح الذي أشرف على إعداده جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وكبير مستشاريه. وأوضحت المصادر أنّ التصور الأميركي المطروح، كان مقرراً للأردن أن تدفع فيه ثمناً باهظاً، بتوطين نحو مليون و800 ألف فلسطيني من اللاجئين على أراضيها، ومنحهم وثائق مواطنة أردنية كاملة، في إطار خطة أوسع للتملّص من ملف عودة اللاجئين الفلسطينيين، الذين يتجاوز عددهم الخمسة ملايين، مقابل حزمة مالية تدفع مرة واحدة للأردن.

وأشارت المصادر إلى أنّ الأردن رفض التصوّر الأميركي، مؤكداً في الوقت ذاته أنه يهدف إلى إنهاء ملف عودة اللاجئين، على الرغم من كونه كان يقوم على مضمون يتمثّل في أنّ القدس أساس مبادرات الحل كافة التي طرحت على مدار العقود الماضية.

 

في حال نجح مسار التهدئة، فإن من شأنه أن يزيد من اعتماد إسرائيل على نظام السيسي

 

هذا ةتدل كل المؤشرات على أن النظام المصري يحاول من خلال دوره في دفع مسار التهدئة بين المقاومة في غزة والاحتلال الإسرائيلي قدماً، تحقيق جملة من المكاسب السياسية والاقتصادية.

فمن ناحية اقتصادية، فإن تطبيق مسار التهدئة المقترح يضمن منح نظام الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الكثير من المكاسب المهمة. وقد كشف موقع "وللا" الإسرائيلي، النقاب عن أن مصر هي التي ستتولى استيراد الغاز من إسرائيل لصالح تشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة، بحيث يتم ربط المحطة بشكل مباشر بحقل "ليفتان" الذي شرعت تل أبيب في استخراج الغاز منه قبل عام.

ويتوقع أن تتولى شركة "دولفينوس" المرتبطة بالنظام المصري شراء الغاز وبيعه مجدداً لمحطة توليد الكهرباء الفلسطينية. وحسب الموقع، فإن المحطة ستعمل في وقت لاحق على استيراد الغاز من إسرائيل لمجمع توليد الكهرباء الضخم، الذي يفترض أن يتم تدشينه داخل سيناء لتزويد القطاع بالطاقة، وهذا ما سيسمح لشركة "دولفينوس" بتحقيق أرباح كبيرة. 

إلى جانب ذلك، فإن مسار التهدئة هذا يزيد من فرص اعتماد غزة على البضائع والمنتوجات المصرية، إذ إن هذه البضائع يمكن أن تنقل عبر ميناء "بورسعيد" ومعبر رفح الحدودي. وسيمثل مسار التهدئة دعما كبيرا للإمبراطورية الاقتصادية التي يملكها الجيش المصري، على اعتبار أن الكثير من السلع الرئيسة التي يستوردها قطاع غزة تنتج في مصانع الجيش المصري في سيناء، لا سيما الأسمنت ومواد البناء وغيرهما.

وفي حال نجح مسار التهدئة، فإن من شأنه أن يزيد من اعتماد إسرائيل على نظام السيسي في تحقيق مكاسب كبيرة ذات طابع استراتيجي. على سبيل المثال، تزيد مبادرة نظام السيسي بعرض استعداده لتدشين البنى التحتية الاقتصادية التي يفترض أن تخدم غزة في سيناء من فرص ارتباط قطاع غزة بمصر وتقلص ارتباطه اقتصادياً بإسرائيل، مما قد يسهم في المستقبل في تمكين تل أبيب من التنصل من التزاماتها كقوة احتلال إزاء القطاع، من خلال الزعم بأنها لا تتحمل أية مسؤولية أو تبعات عن الواقع الاقتصادي والإنساني في القطاع.

ولعل هذا ما جعل وزراء كباراً في تل أبيب يجاهرون بدعمهم مقترحات التهدئة التي قدمها نظام السيسي. فقد قال وزير المواصلات والاستخبارات الليكودي، يسرائيل كاتس، في مقابلة مع صحيفة "جيروسلم بوست" نشرتها اليوم إنه سيؤيد أية ترتيبات اقتصادية تقوم على تدشين بنى تحتية داخل سيناء.

في الوقت ذاته، فإن استيراد مصر الغاز الإسرائيلي سيعزز من قيمة نظام الحكم في القاهرة لدى إسرائيل، على اعتبار أن تل أبيب تواجه مشاكل كبيرة في تسويق غازها. إلى جانب ذلك، فإن الجهود التي يبذلها نظام السيسي من أجل إنجاح مسار التهدئة وما تستبطنه من حرص على دور وظيفي تعد جزءاً من تحركاته الأشمل الهادفة إلى مراكمة الشرعية الدولية والإقليمية، على اعتبار أن هذا سيزيد من حرص تل أبيب وواشنطن على إسناد النظام ودعمه.

 

من نفس القسم دولي