دولي

100 يوم على قرار ترامب بشأن القدس... الفلسطينيون يواصلون تظاهراتهم

تنديد بالانحياز الأميركي للاحتلال

تواصلت تظاهرات الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، بعد مرور مائة يوم على قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، اعتبار القدس الفلسطينية عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى التظاهر ضد تصاعد وتيرة مصادرة الأراضي لصالح بناء المستوطنات.

وفي قرية المزرعة الغربية شمال غرب مدينة رام الله، قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي مسيرة القرية الأسبوعية المناهضة لقيام الاحتلال بمصادرة أراضي القرية، ما أدى إلى اندلاع مواجهات مع الشبان، عقب إقامة صلاة الجمعة على الأراضي المصادرة.

كذلك أصيب شاب بالرصاص الحي، وثلاثة أشخاص آخرين بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط من بينهم مراسلة صحافية، والعشرات بحالات الاختناق خلال المواجهات التي اندلعت عند المدخل الشمالي لمدينة رام الله، فيما اصيب شابان بالرصاص المعدني خلال مواجهات في بلدة بدرس غربي المدينة، بينما واصل أهالي قريتي بلعين ونعلين الخروج في مسيراتهم الأسبوعية الرافضة لبناء جدار الفصل العنصري على أراضيهم.

وفي مدينة نابلس شمالي الضفة، اندلعت المواجهات عند حاجز حوارة العسكري وقرية كفر قليل، وقرية اللبن الشرقية جنوبي المدينة تعطلت خلالها إحدى مركبات الاحتلال العسكرية، وبلدة كفر قدوم شرقي مدينة قلقيلية، كذلك اندلعت المواجهات عند المدخل الجنوبي لمدينة أريحا شرقي الضفة.

في المقابل أدى المئات من أهالي مدينة نابلس صلاة الجمعة، عند دوار الشهداء وسط المدينة تأكيدا على عروبة القدس وهويتها الفلسطينية، وتأكيدا لرفض الفلسطينيين لقرارات الإدارة الأميركية المتمثلة بمنح القدس عاصمة للاحتلال.

وفي مدينة الخليل جنوب الضفة، أصيب العشرات بحالات الاختناق خلال المواجهات التي اندلعت في منطقة باب الزاوية وسط المدينة، فيما أصيب العشرات عقب قمع الاحتلال لصلاة الجمعة التي أقيمت عند المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم تنديدا بقرار ترامب.

وفي مدينة القدس المحتلة، أدى أكثر من 50 ألفا من بينهم المئات من المصلين من مختلف الدول الإسلامية، صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك، وسط إجراءات عسكرية إسرائيلية على البوابات المحيطة بالمسجد الأقصى المبارك وإخضاع العشرات من الشبان للتفتيش.

بدوره، حذر خطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ عكرمة صبري من المؤامرات التي تستهدف القضية الفلسطينية من خلال "صفقة القرن"، وما يحاك ضد اللاجئين وقضيتهم العادلة محذرا من مؤامرة لتصفيتها وشطب حق العودة، مدينا إجراءات الحكومة الإسرائيلية التي تستهدف المقدسيين، من خلال سن القوانين والتشريعات لتجريدهم من حقهم في الإقامة.

من جهةٍ أخرى، واصل أهالي بلدة العيساوية شمالي المدينة صلاة الجمعة على مدخل البلدة الغربي، احتجاجا على استمرار إجراءات الاحتلال التعسفية، واعتداءاته على البلدة وعمليات الاقتحام شبه اليومية، خاصة عمليات الاعتقال المتكررة وسياسة هدم المنازل.

إلى ذلك يقول النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي، حسن خريشة: "بعد 100 يوم ما يزال ترمب يتحدى الإرادة الفلسطينية والعربية والإسلامية والمجتمع الدولي الذي يقف مع الشعب الفلسطيني من خلال الاستمرار في التأكيد على القدس عاصمة للاحتلال، إضافة إلى نقل السفارة الأمريكية للقدس في ذكرى النكبة، وإمعانا في التحدي أضافوا لذلك المس بالأونروا الذي يعني المساس بحق العودة".

وأكد أنه ورغم كل ذلك فإن الشعب الفلسطيني لا يزال مستمرا على رفض هذا المخطط من خلال أشكال مختلفة من التعبير والحراك، وهناك إجماع فلسطيني على ذلك.

وأعلن ترمب في 6 ديسمبر الماضي، القدس عاصمة لـ"إسرائيل"، ووقّع قرار نقل سفارة بلاده إليها، فيما أعلن لاحقا أن النقل سينجز في 15 مايو ذكرى النكبة، متحديا الرفض الفلسطيني والإدانة العربية والدولية.

ويرى خريشة أن المطلوب لمواجهة ذلك أن نعزز وحدة شعبنا بإنهاء الانقسام وتعميم الانتفاضة؛ بحيث تشمل كل الأرض الفلسطينية بمشاركة وانخراط كل القوى الفاعلة بالشعب الفلسطيني، وأن نطبق كل قرارات المؤسسات الفلسطينية وعلى رأسها ما اتخذ بدورتي المجلس المركزي 2015 و2018، في إشارة إلى القرارات المتعلقة بسحب الاعتراف بالاحتلال، ووقف التنسيق الأمني وفك الارتباط الاقتصادي مع الاحتلال، وهي الأمور التي لم تلتزم بها السلطة.

 

خريشة: إعادة الاعتبار للمقاومة

 

وطالب خريشة بسحب الاعتراف (المعلن من السلطة والمنظمة) بـ"دولة الاحتلال"؛ حتى يصدقنا العالم بأننا جادّون بذلك، وعربيًّا أكد خريشة ضرورة الخروج من التحالفات الإقليمية والعربية؛ لأن كل العرب يجب أن يتوحدوا مع بعضهم تجاه فلسطين ضد الاحتلال، وأن نطالب أشقاءنا العرب بوقف سياسات التطبيع مع الاحتلال، وإغلاق العواصم العربية في وجه الإسرائيليين، وإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية باعتبارها قضية مركزية لهم جميعا.

وشدد على ضرورة عدم التساوق مع الإدارة الأمريكية بوصفها المقاومة العربية والفلسطينية إرهابا، مطالبا أيضا بتطبيق قرارات المؤتمر الإسلامي، وأن نؤكد لكل هذا العالم الإسلامي ضرورة تقديم كل الدعم المطلوب للقدس لأنها مهمة وجزء من العقيدة الإسلامية.

ودوليًّا دعا خريشة لمزيد من الانخراط في دعوة الأوروبيين باستمرار وقوفهم ضد التفرد الأمريكي باعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني، وأشار إلى أن العامل الفلسطيني الذاتي هو القادر على فرض حقائق على الأرض ليجبر العالم على التعامل معها؛ لأن المجتمع الدولي يفهم لغة الحقائق ومنطق الوقوف بوجه الاحتلال والحفاظ على جذوة المقاومة؛ لأنها الخيار الوحيد للوقوف بوجه ترمب وإدارته الأمريكية.

 

أبو زاهر: الخطة القادمة ضم 67

 

وترى الباحثة في العلوم السياسية نادية أبو زاهر، في حديثها صحفي أن المشكلة ليست بمرور مائة يوم على إعلان ترمب دون حدوث أي تقدم في عملية الضغط عليه للتراجع عن قراره؛ وإنما بإصراره أن يكون النقل الرسمي لمقر السفارة للقدس يوم 15 أيار القادم، وهو يوم نكبة الشعب الفلسطيني.

وأضافت: "لم نلمس في الأيام المائة التي مضت أي تحرك عربي أو دولي رسمي يمكن من خلاله الضغط على الإدارة الأمريكية للتراجع عن قرارها؛ فلا شيء على أرض الواقع شكل ضغطا حقيقيا على الولايات المتحدة الأمريكية.

وشددت على أن "إسرائيل" اليوم ماضية باتجاه إعلان الدولة الموحدة على الأراضي الفلسطينية كاملة بما فيها أراضي 67، وكل يوم يخرج علينا قرار تهويد جديد لفلسطين في الكنيست وسط صمت عربي، وهناك مقولة دينية يهودية تقول "اليهودي أينما تطأ قدمه فهي ملك لإسرائيل".

 

عباهرة: تفعيل القانون الدولي

 

هذا ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي سمير عباهرة أنه وبإعلان أمريكا بأن القدس عاصمة لـ"إسرائيل" فإنها فقدت دورها في رعاية عملية التسوية، لأنها المفروض أن تكون متوازنة بموقفها، وأضاف عباهرة: لقد فاوضنا 25 عاما دون أي نتيجة، ولو فاوضنا 100 عام أخرى لن تكون نتيجة ما لم يتدخل المجتمع الدولي ويجبر "إسرائيل" على الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

ورأى ضرورة إخراج القضية من الرعاية الأمريكية والتوجه لأمتنا العربية؛ بأن تتبني بشكل كامل القضية الفلسطينية، وأن تذهب بشكل جماعي إلى الأمم المتحدة، وتطالب العالم كله بالاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وطالب عربيا بالدعم الكامل والإجماع وعقد مؤتمر دولي، وأن يكون هناك قطع للعلاقات الدبلوماسية ووقف الاتفاقيات مع "إسرائيل"، وأكد أن أمريكا مصرة على نقل السفارة، ولكن قد تكون تحولات وتغيرات حتى 15 أيار القادم، خاصة وأن الوضع السياسي بـ"إسرائيل" غير مستقر، ونتنياهو في مأزق، وقد يضطر للدعوة لانتخابات مبكرة، وهذه المتغيرات قد تؤثر على قرار نقل السفارة يوم 15 أيار.

 

"إعلان ترمب".. 3 تأثيرات و"إسرائيل" المستفيد الأكبر

 

وحول ما مدى تأثير قرار ترمب بعد 100 يوم على إعلانه، هذا التساؤل طرح على مجموعة من المحللين والخبراء السياسيين الذين أجمعوا أنّ تأثيرات القرار تمضي كما يراد في ظل تشتت وضعف الموقف الفلسطيني من جهة، وترهل وتواطئ الموقف العربي من جهة أخرى، وحالة الانتظار التي يراقبها المجتمع الدولي.

ويؤكّد المحللون حسن حمودة، وجمال عمرو، وحسن خريشة، أنّ حالة الانتظار التي يشهدها الموقف الفلسطيني تنذر بخشية، أنّ القرار الأمريكي سيمضي ويتوسع أكثر فأكثر، معبرين عن خشيتهم من أنّ يكون ملف المصالحة يراوح مكانه، في ظل حاجة الشعب الفلسطيني للوحدة الحقيقية أكثر من أي وقتٍ مضى.

اتفق المحللون أنّ "إسرائيل" استغلت الإعلان الأمريكي بأفضل ما يمكن حيث منحها الضوء الأخضر في الاستمرار بمشاريعها الاستيطانية، وفتح المجال أمامها عالياً بالتنصل من كل من يتعلق بحقوق الفلسطينيين.

أما النائب الثاني للمجلس التشريعي خريشة، فقد عدّ أنّ هذا الإعلان بعد 100 أصبح ساري المفعول كمقدمة لمشروع سمي بـ"صفقة القرن"، الأمر الذي تبعه الحديث عن تصفية قضية اللاجئين وحق العودة، ويشير المحلل عمرو، أنّ القرار خلط الأوراق على الساحة الفلسطينية، حيث وجه صفعة قوية للمفاوض الفلسطيني، الذي بات يقف عارياً أمام الشعب الفلسطيني، "في حين العين على أصحاب المنهج الآخر الذين باتت تحاك ضدهم مؤامرة كبيرة على كل الصعد".

ويتفق خريشة مع هذا الرأي، مبيناً أنّ الجهد الفلسطيني لا زال قاصراً في مواجهة هذا القرار، في حين أنّ هناك تواطؤ عربي ضمني لتصفية القضية، فيما لا زال المجتمع يتحدث نظرياً عن القرار في حين الفعل على أرض الواقع هو صفر كبير، أما على الصعيد "الإسرائيلي"، فيؤكّد عمرو، أنّ اليمين المتطرف هو الرابح الأكبر، ونتنياهو الفاسد، (سيعود أقوى)، حيث أعطى قرار ترمب دفعة معنوية لـ"الإسرائيليين" بأنّ نتنياهو هو الأقدر على تحقيق حلمهم في جبل الهيكل.

 

من نفس القسم دولي