دولي
سبب رفض حماس والجهاد المشاركة في المركزي
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 14 جانفي 2018
أثار موقف حركتي حماس والجهاد الإسلامي القاضي برفض المشاركة في اجتماع المركزي، موجه من النقاش الفلسطيني، حول صوابية القرار من عدمه في ظل الأوضاع السياسية القائمة والهجمة على مدينة القدس.
نقاش الحركتين الداخلي أخذ بعين الاعتبار حساسية المرحلة وخطورة الواقع على الأرض، ووضع جملة من النقاشات التي تسببت في قرار المقاطعة ومن أهم هذه النقاشات الآتي:
أولا: تركيبة المركزي: المتابع لقانون التركيبة التي تحكم المركزي وكوتتها، من نقابات وأحزاب، أعضاء لجان في المجلس التشريعي شخصيات مستقلة، تجد أن الصفة التمثيلية مختلة، لصالح شخصيات لا تمثل الحالة الفلسطينية، بل معظمها يميل الى سن العجز، والآخر تحكمه تبعية التعيين مما يجعل الهيئة (المجلس المركزي) ضعيفة في قدرتها على مواجهة مخاطر الواقع الذي عليه الحالة الفلسطينية.
ثانيا: المرجعية الفتحاوية: تعد مؤسسات المنظمة رهينة لما تريده فتح، سواء ما تعلق بالتشكيل، سقفه، وحجم المشاركات فيه.
بالإضافة إلى خضوعه لأبوية مخلة لا تعبر عن شكل مؤسسي حقيقي، إذ تستخدمه فتح عند الحاجة لتثبيت رؤية سياسية مرحلية أو تكتيكية، مما يجعل أساس المشاركة مأزوما ومحكوما بسقف وضع مسبقا، الأمر الذي ينطبق على الحراك المتعلق بالقدس في هذه الدورة.
ثالثا: مكان الانعقاد وحسابات السياسة فيه: أخطر ما يمكن تقديمه على مستوى المنظمة اعتبار السلطة ممثلة للحالة الفلسطينية، مما يعني هندسة النظام السياسي على إيقاع الموافقات الصهيونية، فهي التي تحدد شكل من يشارك، ويؤثر على المخرجات، كون المشاركين عليهم المرور في رزمة الإجراءات الصهونية، عدا عن أن الشخصيات التي تحمل شعار المقاومة لا يمكنها التواجد في هذه الاجتماعات، لمنع الاحتلال الدخول لها، أو لتوقع اعتقالها في حال الحضور.
يضاف الى ذلك أن اجتماعات الداخل ستفرز إقصاء الشتات عن المشاركة، وإبقاء خارطة الوطن محصورة في حدود أوسلو، الأمر الذي كان ممكنا تجاوزه لو كان الاجتماع خارج الأرض الفلسطينية.
رابعا: السقف السياسي للاجتماع : سيحكم السقف السياسي للاجتماع خطاب الرئيس، الأمر الذي لا يمثل الحالة السياسية الفلسطينية كون الخلاف معه واسعا من الفصائل، إذ يتجاوز الخلاف التكتيك الى عمق الخطاب.
هذا الأمر صدقه التسريب لقرارات المركزي، مما يجعل إمكانية تغيير الفصائل الفلسطينية في المخرجات عدميا، خاصة بعد منع أكبر هذه الفصائل (حماس) من تقديم خطاب في المركزي يتمايز عن خطاب الرئيس، الأمر الذي جعل المشاركة شكلية وضعيفة، بل تميل الى العبثية في أصلها.
خامسا: مخرجات المركزي تجذر سقفا سياسيا يتساوى مع مخرجات أوسلو: المتابع لمخرجات المركزي يجد، إصرار السلطة على منهجية المفاوضات مع الاحتلال والبحث عن بدائل المرجعيات الدولية، بالاضافة إلى إصرار فتح على شكل واحد في إدارة الصراع مغفلة شرعية المقاومة المسلحة، بل عادّة إياها خطرا استراتيجيا في الحالة الفلسطينية، الأمر الذي أفقد الحالة الفلسطينية جدية الانخراط في عمل يقاوم الاحتلال حتى بالبعد الشعبي الشامل.
سادسا: الإرباك السياسي وضياع البوصلة: المتابع لسلوك فتح السياسي يجد إرباكا في منهجية العمل وضبابية في الرؤيا العامة، لذلك تجد خطابا يؤمن بأوسلو، ثم آخر يتحدث عن الدولتين، ثم الدولة الواحدة، ثم الدولة تحت الاحتلال، ثم الحل المؤقت، الأمر الذي يؤكد على أن المؤسسة لا حضور لها في ضبط إيقاع السياسة، إنما يحكم حراك المؤسسة الرئيس المرجع الأوحد لكل التقلبات الحاكمة للواقع الفلسطيني.
سابعا: ذهاب فتح لملفات المواجهة بجبهة محطمة: عدّ قرار المشاركة عبثيا في ظل استمرار الانقسام، وعدم جدية فتح في احتضان قطاع غزة، الأمر الذي شكك في إمكانية العمل المشترك، بل أوصل الحالة إلى تعقيد لا يمكن تجاوزه في ظل الانقسام.
ثامنا: الحضور العربي وصفقة القرن: هناك غموض في موقف السلطة بشأن التوجهات المصرية والسعودية الداعمة لخطة ترمب، الأمر الذي يخشى معه ذهاب السلطة إلى مواقف تتعاطى مع الضغوط القائمة، مما سيجعل الحضور متساوقا مع المنهجية الغامضة التي عليها قيادة فتح المتحكمة بالمنظمة.
مسوغات حماس والجهاد، مهمة لنقاش الحالة الفلسطينية، لكنها في المقابل وقعت في أزمة مشاهدة على الأرض تتجلى معالمها في الآتي:
أولا: الضعف في تسويق الرؤية التي عليها الحركتان خاصة في جانب توضيح مرادهما من المقاطعة.
ثانيا: عدم قدرة الحركتين بناء تحالف فيه الجبهة الشعبية والقيادة العامة، الصاعقة، وتكتلات مثل فلسطينيو الخارج، عبر بنية تعبر عن معارضة المناهج السياسية القائمة.
ثالثا: فشلت المعارضة في تقديم رؤية واضحة جمعية مقابلة لرؤية فتح مما جعل الحالة الفلسطينية أمام خيار واحد يقوده الرئيس الفلسطيني، وآراء معارضة عير متحدة.
السقف السياسي الذي تقوده فتح، بات يثقل الواقع ويجذر حالة من الانقسام السياسي البين، في المقابل تحتاج المعارضة بناء هيكل وخطاب جامع يحقق البديل في ظل المأزق السياسي.
في مركز القدس وجدنا أن الحالة لم تنضج بعد الى مأسسة الحراك الوطني الفلسطيني لأسباب أهمها، التباينات وعدم الجدية الدافعة للإنجاز.
مما يحمّل حركتي فتح وحماس مسؤولية المبادرة، لاقناع المجتمع الفلسطيني بتوجهات كل منهما، خاصة في ظل صعوبة الواقع الفلسطيني ونجاح الاحتلال في تحقيق ضربات خطيرة لمشروع الدولة.
كما أن استمرار حركة فتح في إدارة المؤسسة الفلسطينية بهذا الشكل، يجعل الواقع الفلسطيني صعبا، بل مرهلا، بل يسامهم في خلق بيئة تتيح للاحتلال النجاحات في كل الأصعدة.
فتح عليها المسارعة في إنجاز مصالحة تنهي وجع غزة، وعليها المسارعة في الاستحواذ على المؤسسات الوطنية لتمكين مشاركة صحية للحالة الفلسطينية وإفرازاتها.
علاء الريماوي