دولي

فلسطينيو العراق.. التغريبة مستمرة

القلم الفلسطيني

لم تتوقف معاناة اللاجئين الفلسطينيين في العراق منذ احتله الجيش الأميركي في عام 2003، ووصلت إلى ذروتھا بعد مقتل نحو خمسمائة منهم على يد قوى عراقیة اعتبرتهم موالین للنظام السابق.

وأدت مجازر ارتكبتها مليشيات طائفية موتورة إلى تهجير 20 ألفًا من فلسطينيي العراق إلى أربعين دولة، تنحدر غالبيتهم من مثلث حيفا، إجزم، وجبع وعين غزال. وحسب تقديرات، لم يتبق سوى أربعة آلاف لاجئ فلسطيني، يتمركزون في حي البلديات وسط بغداد.

وستكون معاناة من تبقى من اللاجئين الفلسطينيين في العراق مركبة، خصوصا بعد إصدار قانون قبل أيام مثير للقلق، يحرم الفلسطينيين في البلاد من امتيازات تمتعوا بها سبعين عاما، ويلغي قانونا سابقا صدر عام 2001 أكد تلك الامتيازات، فأصبح اللاجئ الفلسطيني في العراق مقيما أجنبيا، بلا أي امتيازات، بعد سلب حقهم في التعليم والعلاج المجاني والبطاقة الغذائية، إضافة إلى إبعاد الموظفين منهم من دوائر الدولة ومؤسساتها.

ستكون معاناة من تبقى من اللاجئين الفلسطينيين في العراق مركبة، خصوصا بعد إصدار قانون قبل أيام مثير للقلق، يحرم الفلسطينيين في البلاد من امتيازات تمتعوا بها سبعين عاما وكان القرار العراقي السابق ينص على معاملة الفلسطيني كالعراقي في جميع الامتيازات وحقوق المواطنة، باستثناء حصوله على الجنسية العراقية، حيث منحه الحق في التوظيف والعمل في مؤسسات الدولة، وحق التعليم والصحة والعمل والتقاعد والبطاقة الغذائية الشهرية، والإعفاء الضريبي، وحق الاقتراض والمعاملات البنكية المختلفة، إضافة إلى منحه وثائق سفر، وإلزام السفارات العراقية بمعاملته حال مراجعتهم لها مثل المواطن العراقي.

ويذكر أنه كان في حسابات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) نشر خدماتھا بین أربعة آلاف لاجئ فلسطيني في العراق في عام 1950، بید أن الحكومة العراقیة آنذاك رفضت ذلك، ووعدت بتقدیم الخدمات والاحتیاجات الضروریة للاجئین الفلسطینیین.

الوجود الفلسطیني في العراق قسري، فرضته ظروف نكبة 1948، حیث رفض اللاجئون التوجه بداية إلى العراق، ظناً منھم أن الإقامة المؤقتة بعد النكبة ستنقضي بعد أسابیع معدودة، فآثروا الإقامة في دول الجوار، سوریة والأردن ولبنان

وتنبغي الإشارة إلى أن الوجود الفلسطیني في العراق قسري، فرضته ظروف نكبة 1948، حیث رفض اللاجئون التوجه بداية إلى العراق، ظناً منھم أن الإقامة المؤقتة بعد النكبة ستنقضي بعد أسابیع معدودة، فآثروا الإقامة في دول الجوار، سوریة والأردن ولبنان.

وقد ارتبط اللاجئون الفلسطینیون بعلاقة نضالیة قویة مع الجیش العراقي الذي كان متمركزاً ومدافعاً عن الساحل الفلسطیني، وخصوصا قرى جبع وإجزم وعین غزال، فدفعت بھم المجازر الإسرائیلیة، بعد ثلاثة أشهر من سقوط حیفا، إلى الهجرة، وتم ترحیل بضعة آلاف منهم في سیارات الجیش العراقي عبر مدينة جنين إلى العراق، بقيادة قائد الفرقة العراقية التي كانت في الساحل الضابط عمر علي. وبعد شهور من وصولهم، أسكنتهم الحكومة العراقية آنذاك في الكلیات والمعاھد والمدارس والفنادق وغیرھا.

وعندما انتھت العطلة الصیفیة، اضطرت الحكومة إلى نقل قسم كبیر منھم إلى البصرة، حیث تم إسكانھم في معسكر الشعیبیة. ونقلت عائلات إلى الموصل، وأعید إسكان العائلات المتبقیة في بغداد في نوادي الرافدین والعلویـة والزوراء والرشید وغیرھا. وظل اللاجئون الفلسطینیون یتلقون المساعدات العینیة من وزارة الدفاع العراقیة حتى عام 1950، حیث أصبحت مسؤولیتھم على عاتق وزارة الشؤون الاجتماعیة والعمل التي أسست مديرية لرعایة شؤون اللاجئین الفلسطینیین فقط، ولیس لھا علاقة بباقي الفلسطینیین الذین وفدوا إلى العراق للإقامة فیه. وحدّدت تعریف اللاجئ الفلسطیني إلى العراق بأنه "الإنسان الفلسطیني الذي ھاجر من بلده المحتل عام 1948 ودخل إلى العراق، وأقام فیه، قبل 25/ 9/ 1958".

ولاعتبارات إنسانیة، أجیز ضم الزوجة إلى زوجھا الفلسطیني المسجل في المدیریة قبل 1961، ولا یجوز ضم الزوج إلى الزوجة. ومنحت المدیریة صفة اللجوء إلى من لھم أقرباء في العراق من اللاجئین الفلسطینیین، ممن دخلوا العراق قبل 1961/1/1. 

ویمنح اللاجئ الفلسطیني المسجل في العراق بطاقة شخصیة، إضافة إلى وثیقة سفر تمكّنه من السفر إلى البلاد العربیة والأجنبیة. أما اللاجئون الفلسطینیون الآخرون الذین یقیمون في العراق، فإنھم یحملون جوازات سفر عربیة غیر عراقیة، أو وثائق سفر فلسطینیة كانت تصرف للفلسطینیین في سوریة ولبنان وغزة، وكانوا یقیمون في العراق بموجب إقامة سنویة، تتجدد حسب الطلب.

والبادي أن معاناة من تبقوا من اللاجئين الفلسطينيين في العراق ستأخذ منحى خطيرا، مع استمرار الانقسام الفلسطيني وزيادة الضغوط الأميركية على الفلسطينيين. وبهذا المعنى، فإن تغريبة فلسطينيي العراق مستمرة.

نبيل السهلي

 

من نفس القسم دولي