الحدث

هذا ما تراهن عليه حكومة أويحيى في مخطط عملها للمرحلة القادمة

سيعرضه أمام نواب البرلمان بداية من الأسبوع القادم

امتيازات للمستثمرين، دعم للجبهة الاجتماعية وبحث عن التوازنات المالية في زمن التقشف !!

 

تناول مخطط عمل الحكومة، الذي اطلعت على نسخة منه "الرائد"، على ضرورة مسايرة النموذج الاقتصادي الجديد المتعلق أساسا بالإصلاحات لتحسين مناخ الاستثمار وعصرنة النظام الجبائي والبنوك العمومية والسوق المالية، وفق سياسة مجددة للميزانية من أجل مواجهة صدمة النفط، وذلك بتطهير المجال الاقتصادي وتشجيع الاستثمار ذي القيمة المضافة العالية.

 

اللجوء إلى التمويل غير التقليدي بالاقتراض

 

قررت الحكومة اللجوء إلى التمويل غير التقليدي بالاقتراض مباشرة لدى البنك المركزي، بغرض تمكين السلطات العمومية من تفادي انهيار الاقتصاد والحفاظ على ديناميكية النمو، والذي سيكون موضوع مشروع قانون يتضمن تعديل قانون النقد والقرض، سيتم تنفيذه على سبيل الاستثناء لفترة انتقالية مدتها 5 سنوات، من شأنه أن يسمح للخزينة العمومية بالاقتراض مباشرة لدى بنك الجزائر، من أجل مواجهة عجز الميزانية، وتحويل بعض الديون المتعاقد عليها لدى البنوك أو مؤسسات عمومية، وتموين الصندوق الوطني للاستثمار لتمكينه من المساهمة في التنمية الاقتصادية، وبالموازاة مع ذلك ستستمر الدولة في تجسيد خريطة طريقها من أجل ترشيد النفقات العمومية قصد استعادة توازن الميزانية في أجل خمس سنوات، إذ سيتم انتهاجهما معا، فإن هذين المسعيين من شأنهما أن يسمحا باستبعاد خطر انزلاق تضخمي.

 

المحافظة على التوازنات المالية رغم الأزمة الاقتصادية

 

تضمن مخطط عمل الحكومة الكثير من الحلول الاقتصادية التي عملت من خلالها الجزائر على المستوى الخارجي محافظة على سيادتها الاقتصادية، بفضل احتياطيات الصرف المستجمعة خلال السنوات السابقة، غير أن هذه الاحتياطيات ما انفكت تتهاوى باستمرار، حيث انتقلت من 193 مليار دولار في ماي 2014 إلى 105 ملايير دولار في جويلية 2017. وعلى المستوى الداخلي فإن وضعية المالية العمومية تبعث على الانشغال، حيث ترتبت صعوبات مالية متكررة جراء تراجع الجباية البترولية، ما أدى إلى استهلاك مجمل ادخار الخزينة الذي كان يحتضنه صندوق ضبط الإيرادات الذي استنفد منذ فيفري 2017 استنفار، كما أصبحت الخزينة تلجأ إلى موارد أخرى تكميلية منذ السنتين الأخيرتين: قرض وطني، مدفوعات استثنائية للأرباح من قبل بنك الجزائر، وقرض خارجي لدى البنك الإفريقي للتنمية بما يعادل نحو مائة مليار دينار. ومع ذلك، تبقى الوضعية متوترة بشدة على مستوى ميزانية الدولة حيث من المتوقع في الوضعية الراهنة أن تختتم سنة 2017 بصعوبات حقيقية، في حين تبدو سنة 2018 أكثر تعقيدا.

 

تدابير اقتصادية واجتماعية للمؤسسات المالية

 

وفي المقام الثاني، فإن مخاطر الأزمة المالية تلقي بظلالها على البلاد، ما لم تطرأ أوضاع جديدة، وقد تتمثل هذه المخاطر في العجز عن ضمان الإنفاق العمومي، مع كل ما يترتب عن ذلك من نتائج اقتصادية واجتماعية وحتى سياسية وخيمة بالنسبة للبلاد؛ أو الدخول حينها في مسار فقدان السيادة الاقتصادية، انطلاقا من اللجوء المكثف إلى الاستدانة الخارجية، مع عدم القدرة، في المدى المتوسط، على الوفاء بخدمة هذه المديونية؛ الأمر الذي يفرض اللجوء إلى المؤسسات المالية الدولية، مقابل تدابير اقتصادية واجتماعية صارمة، مع العلم أن الجزائر قد شهدت هذه الوضعية في سنوات التسعينيات.

 

وسائل عملياتية لمواجهة الأزمة المالية بصفة انتقالية

 

وذكر المخطط أن الشعب الجزائري غير مستعد ليعيش من جديد التجربة الأليمة لسنوات الثمانينيات بفعل تقلبات السوق البترولية التي ليس للجزائر فيها تحكم حقيقي. كما أن رئيس الجمهورية يعتبر أنه يتعين عمل كل ما من شأنه أن يسمح بتخطي هذه الأزمة المالية دون ضرر باستعادة توازن المالية العمومية على المدى المتوسطأ، والتي تأتي ضمن استراتيجية ترشيد النفقات المالية دون اللجوء إلى الاستدانة الخارجية، بالعمل من باب الاستثناء على ترقية التمويلات الداخلية غير التقليدية التي يمكن تعبئتها خلال فترة انتقال مالي، باتباع خريطة طريق سليمة من أجل تقويم المالية العمومية، التي تتمثل أهدافها في ضمان استمرارية الإنفاق العمومي، وإصلاح تسييره العمومي، وضمان توزيع عادل للتحويلات الاجتماعية لفائدة السكان؛ وتحفيز النشاط الاقتصادي، واستعادة توازن ميزانية الدولة على المدى المتوسط ،وكذا إصلاح الإدارة الجبائية على نحو يساهم في تحسين التحصيلات، ووضع الجباية المحلية، وتسيير متعدد السنوات لميزانية الدولة؛ وترشيد النفقات العمومية من خلال تحديد أقصى لنفقات التسيير، على مستوى إيرادات الجباية العادية فقط وإصلاح سياسة المساعدات العمومية.

 

تحسين عملية جمع موارد الجباية العادية

 

لقد عرفت هذه العملية خلال السنوات الأخيرة تطورًا متواصلا، غير أنه غير كاف. وكما هو الشأن بالنسبة للمراجعة الدورية للوعاء الجبائي، فإن تحسين الموارد الجبائية يرتبط ارتباطًا وثيقا بإدارة جبائية أكثر فعالية، وكذا بقدرة القوة العمومية على معاقبة التهرب الجبائي الذي يمس كذلك بالأعوان الاقتصاديين، بشكل رادع ،كما أن إحراز تقدم في هذا المجال سيمر على الخصوص عبر عصرنة الإدارة الجبائية، تطوير الجباية المحلية، بإقامة إجراءات جديدة تسمح للإدارة الجبائية بتحصيل مستحقاتها بشكل أسرع، بما في ذلك خلال عمليات التقويم الجبائي، تفعيل منظومة رصد المتهربين الجبائيين ومعاقبتهم.

 

التركيز على استكمال الإصلاحات البنكية والمؤسسات المالية

 

ستعمل الحكومة على تنشيط عملية الإصلاحات بأبعاد متعددة، فيما يخص عصرنة النظام البنكي، حيث سيبقى التركيز منصبا على استكمال الإصلاحات البنكية والمؤسسات المالية ال، وذلك قصد تحسين فعاليتها ومردوديتها وتنافسيتها بفضل تكييف الإطار التشريعي والتنظيمي الذي يحكم النشاط البنكي، مع مواصلة عصرنة منظومات الدفع، لاسيما تعميم الأدوات العصرية للدفع؛ تعزيز أنظمة المعلومات الخاصة بالبنوك قصد السماح لها برفع مستوى الرقابة على عملياتها، ليكون بمستوى المعايير الدولية المعمول بها، تقليص آجال دراسة ملفات القروض بفضل اللامركزية المتزايدة لاتخاذ القرار وتفعيل سوق القروض؛ تعزيز عرض المنتوجات البنكية المكيفة مع احتياجات وطلبات الزبائن بما فيها الإئتمان الإيجاري والمنتوجات المالية التي تدعى إسلامية.

 

تنمية سوق رؤوس الأموال والبورصة

 

 ستسهر الحكومة على تنمية سوق رؤوس الأموال وكذا البورصة، وذلك قصد عرض بدائل لتمويل الاستثمارات ورفع رأس المال، كما ستعمل على ترقية استعمال البنوك والمستثمرين لمختلف الأدوات الموضوعة قصد تشجيع ومرافقة الاستثمار على شاكلة صناديق ضمان الاستثمار، وصناديق الدعم الجهوية المنشئة على مستوى جميع الولايات، وكذا اللجوء إلى الصندوق الوطني للاستثمار طبقا للنصوص الخاصة به، وذلك لأخذ المساهمات المؤقتة في الاستثمارات، بما فيها الخاصة، ذات الأهمية المتوسطة أو الكبيرة.

 

ضمان مراقبة المنتوجات ذات الاستهلاك الواسع

 

ستعمل الحكومة على الخصوص، على ترقية شبكات التوزيع الكبرى، بمساهمة المستثمرين الخواص، لضمان التموين المنتظم والشفاف؛ وضمان متابعة ومراقبة المنتوجات ذات الاستهلاك الواسع، بما في ذلك احترام الهوامش ومراقبة الأسعار بالإضافة إلى تحسين مراقبة جودة المنتوجات عند الحدود ومن خلال الشبكات التجارية، وذلك قصد الوقاية من الأخطار الصحية.

 

الحفاظ على تنمية الصادرات خارج المحروقات

 

 تضمن مخطط عمل الحكومة أن الفترة الحالية شهدت تقليصًا في الإنفاق العمومي على الاستثمار والتجهيز، وذلك بفعل الانخفاض الجذري والحاسم في الموارد المالية للدولة، الذي ترتب عن انهيار أسعار النفط في السوق العالمية. وتواجه الخزينة العمومية حاليا عجزا متكررا، بل حتى إنه أصبحت يواجه في السنتين الأخيرتين أزمة حادة في مجال السيولة، وهو ما عرقل برامج الإنجاز، مبرزا أن رخصة برنامج الاستثمارات المصادق عليها في السنوات الثلاث الأخيرة، حالات انخفاض متتابعة بحيث انخفضت من قرابة 3500 مليار دينار في سنة 2015 إلى قرابة 1900 مليار دينار في سنة 2016 و قرابة 1400 مليار دينار في سنة 2017. ورافق هذا التدرج تراكم في الديون التي لم تسدد لدى العديد من المتعاملين الاقتصاديين على مستوى الفروع المختلفة في الدولة.

 

تفعيل ومرافقة مسار التنمية الاقتصادية للبلاد

 

 ستعكف الحكومة على تفعيل ومرافقة مسار التنمية الاقتصادية للبلاد في اتجاهات مواصلة تحسين البيئة المناسبة للأعمال، تشجيع وتسهيل الاستثمار في كل القطاعات، وعن طريق المتعاملين العموميين والخواص والشراكات المختلفة، مواصلة إنجاز برامج التجهيز العمومية التي تم اعتمادها في السنوات الأخيرة، وكذا إنضاج الدراسات المتعلقة بالمشاريع المؤجلة، وسوف تتم مرافقة وإثراء عملية تنفيذ هذه المقاربة عن طريق الحوار الدؤوب مع البيئة الاقتصادية والاجتماعية. وبهذه الصفة، فإن الثلاثية التي تتألف من الحكومة، والاتحاد العام للعمال الجزائريين ممثلا للعمال، ومنظمات أرباب العمل، ستبقى إطارًا مفضلا للحوار على أساس العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي للتنمية.

 

الاستجابة للطلب المتزايد على العقار الصناعي

 

تعتزم الحكومة القيام بالاستجابة للطلب المتزايد على العقار الصناعي عبر أرجاء التراب الوطني من أجل تفعيل الاستثمار، ومن أجل ضمان انتشار التنمية الاقتصادية عبر ربوع البلاد كلها ، كما سترافق الحكومة عملية إعادة تأهيل المناطق الصناعية الموجودة قيد النشاط، وذلك بمساهمة المتعاملين الاقتصاديين الذين يوجدون على مستواها، حيث أنها ستقوم بدفع وتفعيل عملية الإنجاز التدريجي لـ 50 منطقة صناعية جديدة عبر 39 ولاية، وذلك بواسطة القروض طويلة الأجل التي رصدها الصندوق الوطني للاستثمار، وزيادة على ذلك، فإن إنجاز وتسيير المناطق الصناعية سوف يكونان موضوع مقاربة جديدة، بما في ذلك عبر منح الامتياز للمتعاملين المحليين الجاهزين للاستثمار في هذا المجال، مع جودة مناسبة في الخدمات.

 

ترقية الإنتاج الوطني للسلع والخدمات في السوق المحلية

 

تضمن المخطط مرحلة الانتقال التي توجد عليها أغلب المؤسسات العمومية الخاصة أو ذات الأصول المختلطة، بأن تستفيد منتجاتها من السلع والخدمات من الأولوية في السوق الوطنية التي تتطلب استعادة توازن ميزان المدفوعات عن طريق الصادرات خارج المحروقات، وكذلك ولاسيما من خلال التقليل من الواردات، والتي تتيح فرصا جديدة للإنتاج المحلي للسلع والخدمات. وبهذه الصفة، فإن الحكومة سبق لها أن نادت مجموع المسيرين والآمرين بصرف الميزانية العمومية بضرورة اللجوء إلى اقتناء السلع والخدمات المنتجة محليا في إطار طلبياتهم، وذلك ستواصل الحكومة مسعاها الطوعي في مجال الضبط والتقليص من الواردات، من خلال اللجوء أولا إلى المنتجات التامة الصنع التي يقوم الإنتاج المحلي بتلبيتها.

 

تشجيع الصادرات خارج المحروقات

 

 إن الحكومة سوف تولي اهتماما متزايدا لترقية الصادرات خارج المحروقات. ويجب بادئ ذي بدء إعطاء العناية اللازمة لاتفاقات الشراكة والانتاج الاقتصادي الموجود أو القادم، ويتمثل التحدي كذلك في الحفاظ على السيادة الاقتصادية للبلاد من خلال تصحيح ميزان المدفوعات، كما أن تشجيع الصادرات خارج المحروقات سوف يفتح في النهاية آفاقًا واسعة وواعدة أمام تطوير الإنتاج المحلي في جميع الميادين، كما استعرضت الحكومة في الجزء الثاني من مخطط العمل هذا، التدابير التي تعتزم من خلالها تشجيع ومرافقة ترقية الصادرات خارج المحروقات، وسوف تظل على استعداد، باستمرار، لتوسيع هذه التدابير، على ضوء التشاور مع المتعاملين الاقتصاديين، ويبقى على هؤلاء المتعاملين الاقتصاديين خوض وربح معركة التنافسية فيما يخص منتجاتهم، كما يبقى على دائرة المتعاملين المحليين تقديم الخدمات الموجهة للتصدير، من خلال النظام المبسط.

 

الحفاظ على المزايا المنصوص عليها في قانون الاستثمار

 

 على الرغم من الصعوبات الحالية على مستوى المالية العمومية، فإن الحكومة ستحافظ على مختلف المزايا التي نص عليها قانون الاستثمارات لفائدة المستثمرين. ويعتبر هذا الإنفاق الجبائي من قبيل التوظيف الذي سوف تقطف المجموعة الوطنية ثماره، من حيث استحداث مناصب الشغل، والإيرادات الجبائية الإضافية القادمة، والمشاركة في تصحيح ميزان المدفوعات، وزيادة على ذلك، ومن باب الاهتمام بترقية التنمية الاقتصادية عبر مجموع التراب الوطني، فإن الحكومة ستحافظ على الأنظمة التفضيلية للتشجيع على الاستثمار المقررة لفائدة المشاريع التي سيتم إنجازها في ولايات الهضاب العليا والجنوب.

 

إعداد خارطة إقليمية لفرص الاستثمار 

 

 حرية الاستثمار مضمونة بموجب الدستور، غير أن مهمة السلطات العمومية في مجال التقويم تملي على الحكومة إنجاز خارطة إقليمية لفرص الاستثمار، قصد التشجيع على تثمين الفرص والموارد الموجودة عبر كامل الإقليم، وكذا تفادي حالات الإشباع المفرطة لفروع الإنتاج على حساب المستثمرين أنفسهم. وسيتم إنجاز الخارطة الإقليمية لفرص الاستثمار بمشاركة الولايات ومساهمة جمعيات أرباب العمل وكذا الغرفتين الوطنية والجهوية للتجارة والصناعة.

 

تشجيع الشراكة بين المؤسسات العمومية والشركاء الخواص

 

إن المؤسسات العمومية الاقتصادية تمثل إرثا هاما للأمة وتزخر بقدرات إنتاجية ضخمة، ولقد باشرت الدولة برامج لتأهيل هذه المؤسسات العمومية في جميع قطاعات النشاط، وتعتزم الحكومة مواصلة وتفعيل هذه العمليات. وبالموازاة مع ذلك، ستعمل الحكومة على تشجيع كل فرصة من فرص الشراكة بين مؤسسات عمومية ومتعاملين أو مستثمرين خواص جزائريين أو أجانب، وستوجه مثل هذه الشراكات التي تمتلك سندها القانوني، لتثمين القدرة الاقتصادية العمومية والرفع من تنافسيتها.

 

ترقية عمليات الشراكة مع المستثمرين الأجانب

 

ستعمل الحكومة على تشجيع عمليات الشراكة مع المستثمرين الأجانب في جميع الميادين على أساس الإطار القانوني المعمول به. وبهذه الصفة، سيتم تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية قصد التعريف بقدرات السوق الجزائرية. وستعمل السلطات العمومية أيضا على تشجيع المتعاملين الجزائريين، العموميين والخواص، على البحث بأنفسهم عن سُبُل إقامة شراكات مع مستثمرين أجانب. وفي الأخير، سيتم استعمال خارطة الطلب العمومي في ميدان الانجازات، لتحفيز الشركاء العاملين في بلادنا، للاستثمار محليا في نفس المجال.

إكرام. س/هني. ع

 

من نفس القسم الحدث