دولي

القمة "الإسرائيلية"-الإفريقية.. 7 أهداف و4 تحديات

جنوب إفريقيا تعلن مقاطعتها القمة الإفريقية- الصهيونية

على وقع تراجع الحضور والتأثير العربي الإسلامي، تتواصل استعدادات الاحتلال الصهيوني، لعقد قمة "إسرائيلية" أفريقية، في توغو في أكتوبر القادم، ضمن خطة التغلغل في أفريقيا، التي تحمل أبعادًا خطيرة في تمدد تأثير الكيان في المنطقة، وأكد سفير دولة جنوب إفريقيا في سوريا ولبنان شون بينفلدت، أن دولته ستقاطع القمة الإفريقية- الصهيونية التي تعدّها خطوة لتطبيع الكيان الصهيوني مع الدول الإفريقية، وشدد السفير خلال لقائه وفدًا من الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج في بيروت، أن دولته ترفض المشاركة في القمة، وستعمل على التواصل مع السفارات والدول الصديقة لحثها على عدم المشاركة.

وترأّس وفد الأمانة العامة رئيس اللجنة حلمي البلبيسي بحضور عضو الأمانة العامة ياسر قدورة، ومدير مكتب الأمانة العامة في بيروت علي هويدي، وسكرتير مكتب بيروت إبراهيم ذيب.وتسلم السفير ملفًّا من اللجنة فيه بيان المؤتمر حول القمة الإفريقية الصهيونية، وملف عن تقرير الإسكوا، وتطرق السفير للأوضاع في الدول العربية، وما يحصل لقطاع غزة من خنق وحصار، مؤكدا وجوب إيجاد حلول عملية حول الحصار الخانق لقطاع غزة، كما تبنى السفير مقترح الوفد بدعوة سفراء دول إفريقيا في لبنان إلى لقاء خاص، تدعى إليه لجنة لبنان للحديث حول القمة وسبل إفشالها.. على أن يعقد اللقاء خلال الأسبوعين القادمين.

وفق خبراء؛ هناك سبعة أسباب وعوامل، تدفع الاحتلال والدول الإفريقية المشاركة للاندفاع نحو عقد القمة ضمن تطلعات تعزيز العلاقات المشتركة.فعلى صعيد الدول الإفريقية، "يسيل اللعاب على الوعد المقدم من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لقادة المجموعة الاقتصادية لدول أفريقيا الغربية (إكواس)، المتمثل في تقديم "إسرائيل" مبلغ مليار دولار للمنظمة في السنوات الأربع المقبلة، لتطوير مشاريع الطاقة الخضراء في الدول الأعضاء.

في المقابل، يتطلع الاحتلال إلى تشويه المقاومة وربطها بـ"الإرهاب"، ويتخذ من ظهور الجماعات المسلحة في منطقة غرب إفريقيا على مدار الأعوام الأخيرة شماعة لوصم المقاومة الفلسطينية بالإرهاب، مستفيدا من ضعف وعي وفهم النخب السياسية الإفريقية لأبعاد الصراع العربي/"الإسرائيلي"، بفعل تأثير الإعلام الغربي الموجه والخادم للمشروع "الإسرائيلي"، فضلا عن هوس النفوذ والتخوف من الدورين التركي والإيراني.

كما يسعى الاحتلال للبحث عن كسب تأييد الأفارقة في المحافل والمنظمات الدولية؛ فالصفعة الأخيرة التي تلقتها "إسرائيل" من مجلس الأمن الدولي جاءت بعد تقديم السنغال مشروع قانون يجرم الاستيطان صادق عليه المجلس.ويتطلع الاحتلال إلى مواجهة التأثير العربي على الاتحاد الإفريقي ومحاصرة الدّول العربية وحماية أمنها القومي خاصة عبر الحؤول دون أن يتحوّل البحر الأحمر إلى بحيرة عربية لأن ذلك يحاصرها استراتيجيًّا، وفق التقديرات.

وبحسب الخبراء؛ يسعى الاحتلال للاستفادة من السوق الإفريقية والرفع من حجم التبادل التجاري معها الذي لا يزال ضعيفًا، وهو ما كشفه معهد الصادرات "الإسرائيلي" سنة 2016: تُمثّل صادرات "إسرائيل" نحو دول القارة 6% فقط من إجمالي الصادرات "الإسرائيلية".

ورغم هذا التجاوب الإفريقي مع التغلغل الصهيوني، فإن هناك خمسة عوامل قد تُؤثّر على هذه العلاقات، وفق المتابعين:ويأتي الرفض العربي في مقدمة هذه العوامل؛ إذ رغم الحالة الهشة للوضع العربي؛ فإن مجلس جامعة الدول العربية أقر في اجتماعه غير العادي الذي عقد برئاسة الجزائر، خطة تحرك عربية لمواجهة التغلغل "الإسرائيلي" في القارة الإفريقية على حساب فلسطين.

وشملت الخطة التي نوقشت وأقرت في جلسة مغلقة، دعوة الدول الأعضاء لاستمرار أو وضع بند دعم القضية الفلسطينية والتصدي للمحاولات "الإسرائيلية" للاتفاق عليها ضمن أجندة أي تعاون أو حوار سياسي ثقافي بين الدول العربية والدول الإفريقية على مختلف المستويات.ويبقى -من وجهة نظر المتابعين- الاختبار الحقيقي للموقف مع حلول موعد القمّة الإفريقية "الإسرائيلية" المُرتقبة، وفي انتظار النتيجة.

ومع ذلك يستبعد مُراقبون أن ينجح العرب، على المدى القريب، في لجم الطّموح "الإسرائيلي" للتوسّع إفريقيًّا، خاصّة في ظلّ الخلافات الأخيرة التي تشهدها منطقة الخليج.

وتولي تركيا اهتمامًا كبيرًا بالقارة الإفريقية، وسياستها تنطلق بأنّ النصف الثاني من القرن الحالي سيكون عصر إفريقيا الحقيقي، وفي هذا الإطار يقول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال زيارته إلى شرق إفريقيا في يونيو (حزيران) 2017 "على إفريقيا أن تختار شركاءها بعناية، في مسيرة كفاحها لإثبات نفسها". وعلى الصعيد الاقتصادي، كان حجم التجارة التركية مع إفريقيا في حدود 3 مليارات دولار عام 2002، لكنه تضاعف إلى 67 مليار دولار وفق آخر الإحصائيات، ووصل حجم الاستثمارات التركية في إفريقيا إلى 6 مليارات دولار.

ونجحت تركيا أمنيًّا في أن تركّز أوّل قاعدة عسكريّة لها في القارة الإفريقية عبر الصومال، وتعمل الأجهزة التركية على مُتابعة جماعة فتح الله كولن التي سبقت الدّولة التركية في التمدّد عبر مشاريعها ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي في القارة.وتهدف تركيا إلى أن تفتح سفارة لها في كل دولة إفريقية خلال السنوات القادمة، وبالنّظر إلى التنافس والتوجّس الخفي وتضارب المشاريع رغم التطبيع المُعلن بين تُركيا و"إسرائيل"، يرى مُراقبون أن جزءًا مهمًّا من الصّراع البارد الدّائر بينهما في الشرق الأوسط سينقَل للقارّة السّمراء.

انتهجت إيران مجموعة من السياسات، التي ساعدت على حضورها في إفريقيا، من بينها تقديم مساعدات تنموية في مجالات التكنولوجيا، ومجالات الطاقة والتنقيب عن البترول والاستكشافات البترولية، وصيانة معامل تكرير النفط، والصناعات البتروكيماوية والغاز، وتنمية القطاعات الزراعية والصحية وإنشاء السدود، بالإضافة إلى تصدير النفط لبلدان القارة الأفريقية بأسعار رخيصة مقارنةً بالسوق العالمي.

وأسهمت تلك السياسات في نمو التبادل التجاري بين إيران والدول الإفريقية، حيث أعلن مدير عام الشؤون العربية والإفريقية في غرفة التجارة والصناعة والمناجم والزراعة الإيرانية «شهرام خاصي بور»، خلال اجتماع تجاري مشترك بين إفريقيا وإيران نظّم في طهران، أن إيران وجنوب إفريقيا ترسمان آفاق التبادل التجاري لبلوغه نحو ملياري دولار في عام 2021.

ويؤرق هذا التوسّع الإيراني "إسرائيل"، وهو ما برز فيما نشره الجنرال «يعقوب عميدرور» من معهد أبحاث الأمن القومي في يونيو (حزيران) 2010، حيث بثّ مخاوف "إسرائيل" من تطور العلاقات بين دول شرق إفريقيا مثل أثيوبيا وأوغندا وكينيا كتلةً والاتجاه بها نحو التحالف الاستراتيجي بما فيها دولة جنوب السودان المنتظرة في ذلك الوقت من ناحية، ومن ناحية أخرى تعاظم دور إيران لدعم دول أخرى في المنطقة وحركات موالية لها داخل هذه الدول.

من بين الهواجس التي قد تكون حاضرة في حسابات صناع القرار بالدول الإفريقية، هو الهاجس الأمني باعتبار أن التّطبيع مع "إسرائيل" بما هي دولة معادية في نظر قطاعات واسعة من المسلمين قد يجعلها مستهدفة من الجماعات المُسلّحة ذات المرجعية الإسلامية، وقد يكون ذريعة لفتح جبهات ضد هذه الأنظمة المُطبّعة، خاصة في المناطق ذات الأغلبية المسلمة.

الوكالات

 

من نفس القسم دولي