دولي

طلبة الجامعات.. وقود الانتفاضة الذي افتقده الأقصى

كانت دماؤهم وقودا يغذي انتفاضة الأقصى ويمدها بأسباب البقاء

عندما اقتحم "ارئيل شارون" باحات المسجد الأقصى عام 2000 خرجت المسيرات الحاشدة إلى نقاط التماس يتقدمها طلبة الجامعات الذين كانت دماؤهم وقودا يغذي انتفاضة الأقصى ويمدها بأسباب البقاء، ولا زالت الذاكرة تحفل بمشاهد المسيرة الحاشدة التي خرجت من جامعة النجاح إلى حاجز حوارة جنوب مدينة نابلس شمال الضفة المحتلة يوم (30-9-2000)، وارتقى منها عدد من الشهداء بينهم اثنان من طلبة الجامعة، ما أعطى دفعة قوية لانتفاضة الأقصى.

 

غياب عن معركة البوابات

 

ومع تطور الانتفاضة، كانت الجامعات تخرج أفواج الشهداء والاستشهاديين، ومهندسي الأحزمة والعبوات الناسفة، والقادة السياسيين.

وبعد 17 عاما ينصب الاحتلال بوابات إلكترونية على مداخل المسجد الأقصى، فتمرّ أيام وأيام دون أن تتحرك الجامعات لتقول كلمتها الفصل، باستثناء مبادرات فردية لعدد من طلبتها.فما الذي تبدل منذ انتفاضة الأقصى، وهل سلبت من الجامعات دورها الطليعي، وتحول جيوش الطلبة الجامعيين إلى مجرد أرقام لا قيمة لها في ميزان العمل الوطني المقاوم؟.

صحفي والمدون محمد أبو علان: "لمن يسأل أين الحراك نصرةً للأقصى أجيبه: الحركة الطلابية أفرغت من محتواها النضالي، والحركة النقابية تحولت لوظائف وتفريغات، والفصائل تفصلها مسافات عن الشارع... هؤلاء هم أضلاع أي حراك وطني أو اجتماعي".

 

دور تاريخي مفقود

 

على مدار تاريخ القضية الفلسطينية، شكلت الحركة الطلابية رأس حربة في مواجهة الاحتلال والتصدي لسياساته وعدوانه، ورافدا أساسيا للقيادات السياسية والعسكرية الفلسطينية، ودفعت نتيجة لذلك ثمنا باهظا من الاستهداف متعدد الأشكال.

يقول رئيس مجلس الطلبة الأسبق في جامعة النجاح علاء حميدان لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام" إن أطرافا عديدة عملت بشكل ممنهج على كيّ الوعي لدى شريحة طلبة الجامعات، وحرف اهتمامهم عن القضايا الوطنية لصالح القضايا والاهتمامات الشخصية.

ويرى حميدان أن تراجع الاهتمام بالقضايا الوطنية لدى شريحة الطلبة، هو جزء من التراجع العام بهذا الجانب في المجتمع الفلسطيني منذ ما يزيد عن 10 سنوات.

ويعدّ حميدان أن التراجع هو تراكمي وليس وليد اللحظة، وهو ناجم عن شعور بالإحباط لدى شريحة الطلاب، وغياب العمل الفصائلي عن الشارع.

 

استهداف ثلاثي

 

ولعب الاحتلال دورا في إضعاف الحركة الطلابية من خلال استهداف رموزها الفاعلة بالاعتقال الإداري، بالتوازي مع الملاحقات الأمنية من أجهزة السلطة.

أما إدارات الجامعات، فعمل بعضها على تدجين الحركة الطلابية من خلال سلسلة من القرارات الإدارية، والتلويح بعصا الإنذارات الأكاديمية والتهديدات بالفصل والحرمان.

ويلفت حميدان إلى أن استهداف الحركة الطلابية لم يتوقف في أي حقبة سابقة، لكن وتيرته ارتفعت الآن بشكل أكبر، خاصة في صفوف الكتل الطلابية الفاعلة.

ويقول: "قوة الحركة الطلابية كانت دوما مرتبطة بدورها الوطني وبالانتفاضات، وكانت إدارة الجامعات تحسب لها ألف حساب عندما كانت قوية في العمل الوطني".

ويضيف: "أما الآن فإدارات الجامعات تغولت على الحركة الطلابية بحكم الاستضعاف العام للعمل الوطني، ودور بعض الإدارات يوصف بأنه سلبي أو غير مشجع أو يحد من المشاركة بالعمل الوطني، وهذا يتفاوت من جامعة لأخرى".

 

واقع ملموس

 

حالة التراجع في الدور الوطني للحركة الطلابية بات أمرا ملموسا لدى كثير من المراقبين وأصحاب التجارب السابقة في الحركة الطلابية، وتدفعهم لدق ناقوس الخطر.

ويؤكد مدير مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" عمر رحال، وهو ناشط طلابي سابق، أن تراجعا كبيرا أصاب دور الحركة الطلابية، بعد أن كانت تشكل الرافد الأساسي للحركة الوطنية.

ويعزو رحال في حديثه لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام" جذور المشكلة إلى سنوات التسعينات، وتوقيع اتفاق أوسلو وقيام السلطة، وما رافق ذلك من التحاق أعداد كبيرة من طلبة الجامعات بصفوف أجهزة السلطة، الأمنية منها والمدنية.

ويشير إلى أن الجامعات كانت قبل "أوسلو" ساحات للفكر والنقاش وتلاقح الأفكار والتعددية السياسية، وساهم بذلك وجود أعداد كبيرة من الأسرى المحررين بين الطلبة، ما أنتج طلابا على قدر كبير من الثقافة والوعي الوطني.

ويربط رحال بين تراجع دور الحركة الطلابية وانحدار المستوى الثقافي لدى الطلبة، مقارنا بين مستوى الوعي الوطني لدى الجيل القديم والجيل الجديد من طلبة الجامعات، مبينا أن طلبة الجيل الجديد يجهلون تاريخ قضيتهم.

ويضع رحال جزءا من المسؤولية عن الحالة التي وصلت إليها الحركة الطلابية على إدارات الجامعات، والتي قال إنها تغولت على الحركة الطلابية وعملت على تدجينها عبر سلسلة من الإجراءات والتدخل في أنشطتها.

ويقول أن الإدارات مستفيدة من ضعف الحركة الطلابية وغياب دورها الفاعل، فهي لا تريد حركة طلابية قوية، بل حركة طيّعة سهلة الانقياد، ما يسهّل فرض إرادتها على الطلبة، ويرى بأن ذلك أدى لاضمحلال دور الحركة الطلابية، وانحساره في توافه الأمور، وتعزيز الشللية والجهوية داخل الكتل الطلابية، ما أنتج واقعا طلابيا يرثى له.

أمال. ص/ الوكالات

 

من نفس القسم دولي