الحدث

مخطط عمل حكومة تبون الأولى.. حضرت العموميات وغابت الأرقام والآليات !!

الحكومة تعترف بفشلها وتسلّم ملف الاستثمار والجباية للولاة والأميار

 

إحياء "أونساج" و"كناك" عبر تطبيق قانون الصفقات

البرلمان الجديد على موعد مع حزمة قوانين في الدخول المقبل

قانون جديد للديمقراطية التشاركية وتعديل قانوني البلدية والولاية

 

حمل مخطط عمل الحكومة الذي سيعرضه الوزير الأول، عبد المجيد تبون، هذا الأسبوع، أمام نواب المجلس العشبي الوطني، عدة مستجدات في السياسات المنتهجة اقتصاديا واجتماعيا، ففي جانب الاستثمار، تطرق المخطط إلى "تحويل الجماعات المحلية إلى مستثمرين وفاعلين اقتصاديين واحداث القطيعة مع التسيير الإداري فقط للولاة والأميار"، وكذا استحداث قانون للديمقراطية التشاركية لتعزيز الرقابة على النفقات العمومية محليا باشراك المواطن والجمعيات في تقييم السياسات العمومية وتحديد المشاكل المحلية، كما رفعت حكومة تبون "تحديات" للوصول إلى معدل نمو للناتج المحلي الخام خارج المحروقات إلى نسبة 65 في المئة بحلول 2030، في وقت أقرت الحكومة تغييرا تدريجيا في سياسة التحويلات الاجتماعية والتشغيل والجباية وتكريس السياسة المنتهجة في السكن.

 

وجاء مخطط عمل الحكومة في 5 فصول تتناول جوانب سياسية واقتصادية واجتماعية والسياسة الخارجية والدفاع الوطني، وتضمن مخطط العمل عدة آليات جديدة في مجال تحسين مناخ الاستثمار وتسهيل الاجراءات الادارية وتعزيز دور الجماعات المحلية عبر "تشجيع اللامركزية"، وهو ما يعتبر "توجها" جديدا في حكومة تبون عبر تعزيز صلاحيات الولاة والأميار في جلب الاستثمار ومراقبة النفقات العمومية ومحاربة التهرب الضريبي وتحصيل الجباية واشراك المواطن في التسيير المحلي، وحسب بيان مجلس الوزراء ليوم الأربعاء الفارط فإن "رفض اللجوء للاستدانة الخارجية في ظل استمرار الوضع الاقتصادي المتأزم وضع الحكومة أمام حتمية الاعتراف بفشل سياساتها السابقة في مجالات الاستثمار والتسيير المالي والرقابة على النفقات العمومية"، فهل ستفرج الأيام المقبلة عن تعديلات جوهرية في القوانين التي عرقلت نمو الاقتصاد الوطني؟. 

 

البرلمان الجديد يستقبل حزمة قوانين مع الدخول الاجتماعي المقبل

 

وضعت حكومة تبون عدة نقاط لمراجعة المنظومة القانونية الحالية لتتماشى مع الدستور الجديد بينها قانون الأحزاب السياسية، قانون الجمعيات، قانون الاعلام، قانون الاجتماعات والتظاهرات العمومية، وأخرى تتعلق بحقوق الانسان وتكريس دولة العدالة والحق بينها مراجعة قانون العقوبات وقانون الاجراءات الجزائية وقانون شروط اخطار المجلس الدستوري المنصوص عليها في الدستور الجديد، وقانون حماية البيانات ذات الطابع الشخصي، وقانون ترقية الممارسات الديمقراطية، وهاته القوانين من شأنها -حسب مخطط عمل الحكومة- أن تضفي الشفافية والممارسات الديمقراطية في مجمل مؤسسات الدولة، وتضمن الديمرقاطية التشاركية على المستوى المحلي ومنح كل أطياف المجتمع من أحزاب وجمعيات ومواطنين "دورا مسؤولا" وأكثر فاعلية في تنفيذ السياسات العمومية، كما حدد مخطط عمل الحكومة عدة آليات قانونية لتوفير الشروط اللزمة لبلوغ هدف المساواة بين الرجال والنساء في العمل وترقية دور المرأة إلى المسؤوليات في المؤسسات والادارات العمومية.

وفي مجال حرية التعبير، وبعدما شهدت الأونة الأخيرة من بروز قنوات تلفزيونية جزائرية خاصة لا تخضع للقانون الجزائري، شددت حكومة تبون على "استكمال الاطار التنظيمي للصحافة المكتوبة والسمعية البصرية"، وجاء في مخطط عمل الحكومة أن الأولوية ستكون لتعزيز حرية الصحافة وحرية نشر المعلومات والالتزام بحتميات الأخلاقيات والمسؤولية المهنية وأدبياتها، وذكر المخطط أن "الحكومة عازمة على القيام بمسعاها التحديثي عبر ترقية الكرامة واللياقة الاجتماعية للصحفيين ومواصلة تحسين حقوقهم الاجتماعية وفق المبادئ التي يكرسها القانون"، وذلك على خلفية المشاكل التي يشهدها القطاع الخاص في وضعية الصحفيين المحترفين اجتماعيا وغياب إطار قانوني يضمن التزام المؤسسات الاعلامية بتحسين الظروف الاجتماعية مثلما هو معمول به في القطاع العام عبر اتفاقات جماعية مشتركة تضمن الحقوق والواجبات.

 

تحويل البلديات من إدارات إلى مؤسسات اقتصادية ومستثمرين

 

حددت حكومة تبون ثلاث محاور أساسية لتنمية دور الجماعات المحلية (البلدية والولاية) اقتصاديا وفعاليتها، وأولى هاته المحاور تعديل قانوني البلدية والولاية لتكييفها مع الوضع الاقتصادي والإداري الجديد وآليات النهوض بالتنمية المحلية واشراك الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين محليا، أما المحور الثاني فيتعلق بمنح الجماعات المحلية وعلى رأسها الولاة والأميار أدوات تسمح بتنمية نشاطها الاقتصادي وصلاحيات قصد تحسين مناخ الاستثمار حسب نوعية أقاليم الولايات، وفي المحور الثالث اشراك المواطن والمجتمع المدني والجماعات المحلية في الديمقراطية التشاركية والتسيير المحلي للبلديات ورفع  اقتراحات المواطن لتحسين الأداء.

وجاء في شق تدعيم الدور الاقتصادي ضمن مخطط عمل الحكومة، أن الهدف من منح الجماعات المحلية دورا أساسيا هو بعث حركية الاقتصاد الوطني وادماجها في مجهود التحول نحو اقتصاد متنوع متحرر من الريع البترولي، ومن بين الآليات التي ستعتمدها الحكومة في مخططها تكييف الجباية المحلية بقانون خاص، وتعزيز متابعة المستثمرين ومرافقتهم من قبل الجماعات الاقليمية، والعمل على تحويل الجماعات المحلية (البلديات والولايات) إلى مستثمرين مؤسساتيين واحداث القطيعة مع عادات التسيير الاداري الخالي من أي بعد اقتصادي.

وفي مجال تحسين الحوكمة، جاء في مخطط عمل الحكومة أنها ستهدف إلى تجسيد التعاون بين البلديات، وتحسين عمليات تحصيل الضرائب وتوزيع عادل للموارد في اطار التضامن بين الجماعات المحلية، كما جاء في المخطط تدعيم تأطير الجماعات المحلية الاقليمية وتحسينه وتعميم تكوين المنتخبلين المحليين والمستخدمين، وهذا في إطار محاربة البروقراطيين وعصرنة الادارة، كما أكدت الحكومة على إعداد مشروع قانون يتعلق بترقية الديمقراطية التشاركية وذلك لإشراك المواطن والمجتمع المدني في تقييم السياسات العمومية وتحديد المشاكل المحلية.

وعاد مخطط عمل الحكومة إلى ملف التقسيم الاداري الجديد عبر التشديد في استحداث ولايات منتدبة جديدة في الهضاب العليا في سنة 2017 وعلى شمال البلاد في الفترة بين 2018 و2019، وتضمن مخطط عمل الحكومة نقطة تدعيم الولايات المنتدبة في الجنوب وترقيتها إلى ولايات في ظرف وجيز، كما تضمن تزويد الجزائر العاصمة بقانون خاص استثناء من قانون الولاية يستجيب لفعالية الانشغالات والمسائل المرتبطة بتسييرها، حسب الوثيقة.

 

نمو الناتج المحلي خارج المحروقات إلى 65 في المئة في آفاق 2030

 

تراهن حكومة تبون على نسبة نمو للناتج المحلي الخام خارج المحروقات تصل إلى 6.5 في المئة سنويا خلال الفترة 2020 إلى 2030، وهو ما يعادل نسبة نمو للناتج المحلي تقدر بـ 65 في المئة خارج المحروقات في آفاق سنة 2030، وجاء في رهانات الحكومة أنها ستعتمد على مضاعفة حصة الصناعات التحويلية فيما يخص القيمة المضافة لتصل إلى نسبة 10 في المئة من الناتج المحلي الخام في سنة 2030، وكذا عصرنة القطاع الفلاحي لبلوغ الأمن الغذائي وتنويع الصادرات، وخفض نسبة النمو السنوية فيما يخص الاستهلاك الداخلي للطاقة في حدود 3 إلى 4 في المئة مع حلول سنة 2030، وتعتبر هاته الأهداف التي سطرتها حكومة تبون بمثابة "تحديات صعبة" في ظل نسبة نمو حالية لا تتجاوز 4 في المئة.

وسطرت حكومة تبون في مخطط عملها عدة لآليات لبلوغ هاته الأهداف عبر اعادة تنم السياسات الصناعية القطاعية ومواصلة جهود الاستعاضة عن الواردات بتشجيع وحماية القطاع الانتاجي الوطني وترقية الشركات الناشئة والمؤسسات المصغرة والصغيرة والمتوسطة، وهذا ما سيدفع حكومة تبون إلى الوقف التدريجي لاستيراد المواد المنتجة محليا وتشجيع المتتوج المحلي عبر آليات جبائية واستهلاكية واسعة. 

ومن جهة ثانية، تراهن حكومة تبون على اخضاع التجارة الموازية للمراقبة وتعزيز الترتيبات القانونية المتعلقة بالتهرب الضريبي، وجاء في المخطط أن الحكومة عازمة على تطهير المجال الاقتصادي والتجاري لاضفاء الشفافية وتشجيع وتسهيل النشاطات التجارية، وفق آليات تنمية شبكات التوزيع والقضاء على الأسواق الموازية، ومتابعة الترتيبات الخاصة بضبط أسواق المنتوجات واسعة الاستهلاك وتحديد احتياجات السكان الحقيقية، وقمع الغش وتكثيف عمليات المراقبة ومراقبة الممارسات المضادة للمنافسة.

 

احياء "أونساج" و"كناك" عبر تطبيق قانون الصفقات

 

وفي ابرز محاور مخطط عمل حكومة تبون، شدد الوزير الأول عبد المجيد تبون في مخططه على "ترقية آليات التشغيل والشغل ومكافحة البطالة" عبر عدة آليات بينها توظيف 400 ألف طالب شغل جديد قبل نهاية سنة 2017، وادماج 44 ألف و200 في إطار جهاز المساعدة على الادماج المهني، وتوظيف 30 ألف شاب في اطار عقود العمل المدعم (انام)، وفي آليات التشغيل (أونساج وكناك) حددت الحكومة عدة نقاط لتحسين وتعزيز العلاقة مع السلطات المحلية (البلديات) لاعداد خارطة للقدرات والاحتياجات الملحية قصد ضمان مساهمة أمثل في التنمية المحلية حسب طابع كل بلدية أو ولاية، وتطبيق البند الوارد في قانون الصفقات بتخصيص نسبة 20 في المئة من الطلب العمومي المحلي لفائدة المؤسسات المصغرة وذلك ضمانا لعدم افلاسها مثلما حدث مع عدة مؤسسات مصغرة للشباب (أونساج وكناك) في السنوات الأخيرة.

وتهدف حكومة تبون من خلال آليات تنويع اقتصادي على المؤسسات الناشئة والصغيرة والمتوسطة بينها المنشأة في إطار آليات الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب "أونساج" والصندوق الوطني للتأمين على البطالة "كناك"، واعتمدت الحكومة في مخططها على "مسعى ميزانياتي جديد يرتكز على استراتيجية تنويع الاقتصاد الوطني وترسيخ النمو الحيوي المستمر"، وجاء في السياسة الجديدة للحكومة فيما يخص الميزانية للحفاظ على التوازنات المالية للبلاد "من خلال تحسين إيرادات الجباية العادية لتغطي أهم نفقات التسيير وترشيد النفقات وحشد الموارد الإضافية اللازمة من السوق المالية الداخلية".

 يونس بن شلابي

من نفس القسم الحدث