دولي

لقاء القاهرة عنوانه الأبرز الأسرى

القلم الفلسطيني

 

زيارة وفد حماس بقيادة رئيس مكتبها السياسي في قطاع غزة يحيى السنوار على رأس وفد المعلن منه هم أسرى محررون من صفقة وفاء الأحرار بما فيهم السنوار نفسه يجعل المراقبين يسلطون الضوء على ملف الأسرى وإمكانية تحقيق صفقة جديدة في ظل المتغيرات الحادثة إقليميا بعد قمة الرياض (الإرهاب والجزية) وقد يكون جزءًا من مطالب ترامب لعبد الفتاح السيسي للتحرك في هذا الملف بما يحقق انفراجة لنتنياهو الصديق الحميم لترمب، وبما يخدم أمن الاحتلال.

البعض وأنا منهم قد يرى بهذه الزيارة التي دعت فيها مصر وفد حماس للقدوم إلى القاهرة والتباحث في قضايا مختلفة أنه فرصة لمصر كونها تعتقد أن حماس باتت في ورطة كبيرة بعد قمة الرياض ووصف الأمريكي ترمب لها بالإرهاب والحرب التي تشنها دول الخليج على قطر على اعتبار أن قطر حليف لحماس وأكبر داعم عربي لها بعد الشعوب العربية، وهنا يرى صناع القرار في مصر أن الوقت مناسب من أجل الضغط على حماس قبل أن تصحو من الصدمة.

حماس تدرك ما يحاك ضدها، وتدرك أن البعض يفكر بطريقة الفرص، ويرى أن هذا الوقت هو وقت الابتزاز والتهديد المبطن لدفع حماس على الاستجابة للضغوط المصرية وتستجيب لخطة أو مقترح لتبادل الأسرى بين حماس والاحتلال، ولكن ليس بسقف حركة حماس، ولكن وفق الرؤية الصهيونية، وهي الإفراج عن عدد قليل من الأسرى عشرة أو عشرين بالرؤية الصهيونية أيضا، وليس أسرى من الوزن الثقيل رغم أنهم  جميعا لهم مكانتهم ووزنهم في ضمير الشعب الفلسطيني.

نعم؛ ما يحيط بحماس من ظروف صعبة للغاية، والخيارات أمامها محدودة، وما يخطط لها من محاولة تدمير وإنهاء دورها تتولاه أنظمة غاية في السوء والكيد، وهي في نفس الوقت لا تريد العمل على حماية الشعب الفلسطيني وحقوقه على أرضه بل تسعى إلى تبني مشروع تصفية للقضية الفلسطينية بما يحقق مصالح الاحتلال، وهذا المشروع الذي يعد في واشنطن والاحتلال لن يكتب له النجاح طالما أن حماس والمقاومة وقطاع غزة أقوياء ولديهم ما يقولونه في هذا السياق، ولديهم القدرة على إفشاله بعد مشيئة الله، فكانت سياسة تجفيف المنابع المالية ومحاصرتها كما تحدث ترمب في قمة الرياض، ومن سيقوم بذلك ليس أمريكا أو الاحتلال بل العرب، ولعل ما يؤكد ذلك الأيدي التي وضعت على بلورة مركز الأبحاث (التجسس) الذي افتتح عقب قمة الرياض، وهذه الأيدي كانت لترمب والملك عبد الله وعبد الفتاح السيسي.

التخوف اليوم من زيارة وفد حماس للقاهرة من البعض، والبعض لديه أمنيات بأن ترضخ حماس وتستجيب لما سيملى عليها على قاعدة (احمِ رأسك عند تغيير الدول)، وليس التغيير المقصود هناك هو تغيير الوجوه ولكن تغيير السياسات، والتي ستنعكس على قطر وسياستها تجاه الفلسطينيين، مما يزيد الحصار ويضعف الصمود الفلسطيني في مواجهة مشاريع التصفية ودفع الفلسطينيين بالقبول بأي شيء بعد خلق حالة من الإحباط واليأس، مما يسهل تحقيق ما يهدف إليه المشروع الأمريكي الصهيوني والمدعوم من بعض الأنظمة العربية التي تعتقد أن أمريكا ستجعل منها قوة إقليمه قادرة على السيطرة على المنطقة من خلال التعاون مع الاحتلال بعد الاعتراف والتطبيع.

أعتقد أن حماس لم يعد لديها ما تخسره لو رفضت الضغوط والإملاءات والابتزاز عبر الإرهاب والتخويف، وسترفض أي مقترح لصفقة تبادل لا تحقق شروط المقاومة، لأنها لو استجابت اليوم لهذه الضغوط فستكون هذه الاستجابة أشبه بحبات السُبحة عندما تنفرط الحبة الأولى يتبعها بعد ذلك البقية بكل سهولة.

الشعب الفلسطيني دفع ثمنا كبيرا من الشهداء والدماء والدمار من أجل تحقيق صفقة تحرير للأسرى من سجون الاحتلال، ولن تخذل حماس الأسرى كما خذلتهم السلطة، ولن تقتل الآمال لدى الشعب الفلسطيني في كسر أنف الاحتلال وتحقيق صفقة لا تقل عن صفقة وفاء الأحرار.

هذه الأزمات مرت على حماس أكثر من مرة، وبفضل الله كانت كسحابة صيف، وللتذكر عندما حدث فتور وصل إلى حد القطيعة بين حماس وإيران اعتقد البعض أن حماس في أيامها الأخيرة، واليوم يرون أن ما يجرى لقطر سيضع حدًّا لحركة حماس وإلى الأبد.. لا هذا ولا ذاك سيثني حماس على المواصلة حتى تحقيق صفقة مشرفة ولن يؤثر فيها الإرهاب والتخويف والتهديد، وهي تؤمن أنما النصر صبر ساعة، ونقول: اشتدي يا أزمة تنفرجي، فالثبات الثبات يا حركة حماس، والرجال لا تموت إلا واقفة.

 

 

مصطفى الصواف

 

من نفس القسم دولي