دولي

الحكومة تتنفس كذبًا

القلم الفلسطيني

الحكومة تنفست كذباً عندما اعتبرت أن ما يجري في غزة من احتجاجات واعتراض على قرار المنظومة السياسية في رام الله بخصم 30% من رواتب موظفي السلطة في غزة، هو بمثابة حملة تضليل وافتراءات مزعومة من بعض الجهات بهدف إرباك الرأي العام؛ وفقا لنص البيان الوزاري الصادر اليوم.  ولقد طالبنا رئيس الوزراء بأن نتحلى بالشجاعة في شكره والإقرار بأن حكومة الوفاق الوطني قد هبت منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة لنجدة أهلنا هناك، وكأنه يقول لنا إن دولة السويد التي يمثلها، تقدمت لإغاثة دولة الواقواق التي اسمها غزة، ولذلك توجب علينا شكره والامتنان له ولوزرائه!. الحكومة تتنفس كذباً عندما ترجع الزيادة في تحصيلها من الإيرادات المحلية خلال السنوات الماضية والتي زادت عن بنسبة (21%) وفقا لنص البيان الوزاري اليوم، إلى جهودها في الضفة الغربية. كما أنها تتنفس كذبا عندما تقول إن ايراداتها الشهرية الشاملة مجموع إيرادات الحكومة من الجمارك والضرائب عن البضائع التي تدخل إلى قطاع غزة هو فقط مبلغ (10 ملايين شيكل شهرياً)، في الوقت الذي نعلم جيدا وبما لا يدع مجالا للشك بأن الحكومة في رام الله تحصل ما يساوي دولارا واحدا على كل لتر وقود "بنزين، سولار، كاز"، والذي يدخل إلى غزة بمعدل شهري منها ما يصل إلى 30 مليون لتر، أي أن إيرادات الوقود للحكومة فقط تصل إلى ما يقدر بـ 30 مليون دولار شهريا، وليس 10 ملايين من الشواكل كما تقول، إضافة إلى ما يقرب من 170 دولار على كل طن غاز يدخل القطاع.  الحكومة تتنفس كذبا عندما تقول أنها أعفت أبناء شعبنا في قطاع غزة من الضرائب والرسوم، وإذا كان هناك من رجل في القطاع الخاص أو البنوك أو الشركات الكبرى أو حتى التجار الصغار، ليقولوا لنا كم يدفعون لرام الله ضرائب، وليقل لنا موظفو السلطة الفلسطينية في غزة، هل أعفاهم رئيس الوزراء من ضريبة الدخل على الرواتب؟؟!! تتنفس الحكومة كذبا عندما تقول بأنها تمنح إعانات اجتماعية شهرية لما يتراوح ما بين (65 - 711 ألف أسرة) بنسبة تزيد عن (65%) لقطاع غزة، دون أن تذكر نسبة مساهمة الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي والمانحين في هذه الأموال، وكم تبلغ نسبة مساهمتها كحكومة في هذا الإطار؟؟!!. تنفست الحكومة كذبا عندما قالت بأنها تنفذ برامج مختلفة من خلال وزارة العمل لتشغيل الخريجين في قطاع غزة الذي يعاني من البطالة بنسبة (40%)، ولم تذكر كم هو عدد المانحين الذين خصصوا أموالا لهذه البرامج في غزة، وكم هي الأموال التي تم الطلب رسميا من المانحين أن تمرر من خلال صندوق التشغيل التابع لوزارة العمل. تنفست الحكومة كذبا ولا زالت تتنفس فيما يتعلق بقطاع الطاقة والكهرباء، والتي استخدمته وتستخدمه كأداة سياسية قذرة لتمرير أهدافها ومخططاتها السياسية، دون النظر إلى معاناة الناس في غزة . كذبت الحكومة عندما قالت إنها قامت بتغطية أثمان الكهرباء الموردة لقطاع غزة من كافة المصادر، وما قامت به من جهود لإصلاح شبكة الكهرباء التي تم تدميرها خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، ولم تذكر كم هي الأموال التي تم جبايتها على شكل خصومات من رواتب موظفيها في غزة، وكم هو التمويل الدولي "المنح" لهذا القطاع، وما هي مساهمتها الحقيقية المباشرة في ذلك. تكذب الحكومة وفعلها يصادق على كذبها عندما قالت: "إن لأهلنا في قطاع غزة حقوقا، كما لأبناء شعبنا في كافة أماكن تواجدهم، وإن واجبنا الوطني يملي علينا توفير مقومات صمودهم وبقائهم وتلبية احتياجاتهم وتقديم الخدمات لهم حسب الإمكانيات المتاحة". كذب رئيس الوزراء حينما قال: إن "قرار الحسم من الرواتب هو تجميد لجزء من العلاوات، وليس قراراً دائماً، وإنه سيتم صرفها حال توفر الموازنات واستجابة حركة حماس لمبادرة سيادة الرئيس". لأننا جميعا نعلم بأن هذا التصريح للاستهلاك الإعلامي، الذي لن يستطيع معه الحمدالله امتصاص غضبة الناس، الذين سيأكل بطون أبنائهم الجوع عما قريب. تنفست الحكومة كذبا عندما قالت: "لم ولن نتخلَّ عن قطاع غزة"؛ لأنها لم تتخلَّ فقط عن غزة؛ ولكنها تمارس بحقه أبشع جرائم التمييز العنصري، والاستغلال غير الإنساني، وتحارب سكانه بالجوع والفقر. وستبقى الحكومة تتنفس كذبا، طالما نافقها الساسة الفاسدون في غزة، ولطالما خشيت فصائل منظمة التحرير في غزة على مخصصاتها التافهة، ولطالما بقيت القيادة بأيدي من شربوا "الشاي بالياسمين" في غرف المقاطعة المغلقة.

 

محمد أبو جياب

 

من نفس القسم دولي