دولي

أزمة الرواتب.. الأسباب والتداعيات والسيناريوهات

القلم الفلسطيني

 

أزمة جديدة تضاف لأزمات قطاع غزة متمثلة في استقطاع 30-50% من رواتب موظفي رام الله في القطاع، وهو ما سينعكس سياسياً واقتصادياً واجتماعياً على مجمل الحياة في قطاع غزة. الأزمة أثارت غضب الشارع الفلسطيني لاسيما شريحة الموظفين الذين ركزوا غضبهم وسخطهم على حكومة التوافق ورئيسها رامي الحمد الله، ما دفع اللجنة المركزية لحركة فتح لعقد اجتماع مهم في رام الله برئاسة الرئيس محمود عباس. وحسب تصريحات للصحفي المقرب من الرئاسة د. ناصر اللحام؛ قال بأن الاجتماع ناقش الملف السياسي ومستقبل قطاع غزة في ظل سياسة الأمر الواقع، وأضاف اللحام بأن الاجتماع ناقش خارطة طريق لقطاع غزة تعمل على إلغاء الحكومة الإدارية (اللجنة الإدارية التي شكلتها حماس مؤخراً)، بالإضافة إلى تمكين حكومة الحمد الله في القطاع، وكذلك تكليف لجنة سداسية من أعضاء المركزية للتحاور مع حماس في تشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء الانتخابات. وفي حال فشلت تلك الجهود فمن حق المركزية اتخاذ كافة الإجراءات ضد حركة حماس وقطاع غزة. وهذا يُطرح التساؤلات التالية: ما هي أسباب الأزمة...؟ وما هي تداعياتها...؟ والسيناريوهات المحتملة..؟ الأسباب متعددة حسب ما جاء على لسان الحكومة ومقربين منها، ولكن تلك الأسباب كانت بالسابق موجودة أما السبب الحقيقي السبب الأول، وهو الأكثر أهمية من غيره، وبموجبه تم تحديد موعد القمة المرتقبة في 15/4/2017م بين ترامب وعباس. والأسباب هي: ترجمة للشروط التسعة التي قدمها مبعوث ترامب للشرق الأوسط جيسون غرينبلات للرئيس محمود عباس، وأحد تلك الشروط هو: على السلطة الفلسطينية أن تتوقف عن تحويل أموال إلى قطاع غزة إذ يساهم ذلك بتمويل مصروفات حماس.  مديونية حكومة التوافق التي بلغت ما يقارب 5 مليار دولار، دفعت الحكومة لاعتماد خطة تقشف، ولكن ما يضعف هذا السبب هو عدم تطبيق سياسة التقشف في الضفة الغربية وتطبيقها في أكثر المناطق المنكوبة تضرراً، وهو قطاع غزة. قرار الخصم على موظفي غزة سيلقي بتداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية على النحو التالي: من الناحية السياسية ستمهد حزمة العقوبات الحكومية على قطاع غزة لتدجين القطاع ودفعه نحو القبول بالانفصال عن الوطن، كمقدمة نحو تطبيق الحل الإقليمي (صفقة القرن)؛ لاسيما أن أهالي القطاع باتوا يدركون أن حكومة التوافق تجني من قطاع غزة أكثر مما تنفق عليه. من الناحية الاقتصادية سيزداد الاقتصاد الغزي تأزماً، وصولاً للتفكك والانهيار، وضرب مقومات الصمود التي لم يستطع الاحتلال الصهيوني في حروبه الثلاثة تحطيمها. من الناحية الاجتماعية ستزداد معدلات الجريمة والطلاق، وسيُعتقل شريحة واسعة من الموظفين الذين ارتبطوا بقروض والتزامات مالية، وصولاً إلى ضرب النسيج المجتمعي في قطاع غزة. سيجتمع بعد ساعات عضو اللجنة المركزية لحركة فتح أحمد حلس بأمناء سر الأقاليم، وسيقول لهم: عليكم بتهدئة الشارع حتى نهاية الشهر الجاري، فالرئيس لن ينسى غزة. ثم تأتي اللجنة السداسية التي تضم ستة أعضاء من المركزية للاجتماع بحركة حماس، في حال وافقت حماس على الاجتماع سيتم التالي: سيطرح المطروح سابقاً والذي ترفضه حماس أصلاً، والمتمثل بتسليم غزة، وتمكين الحكومة، ثم تنظر الحكومة حسب احتياجاتها من الموظفين لدمجهم، ترفض حماس ذلك. تبدأ هجمة إعلامية ضد حماس لتهيئة الرأي العام والتمهيد لاتخاذ قرارات أكثر تشدداً منها على سبيل المثال: وقف رواتب الشهداء والجرحى والأسرى، وفرض قانون التقاعد على أغلب موظفي غزة حسب آخر راتب (الراتب الأساسي). النتيجة: تصبح غزة على حافة الانهيار والتفكك. حينها سينتصر الرئيس محمود عباس لمطالب ترامب التسعة، ويعمل على تطبيقها، وسيكون رأس غزة الثمن، وأعني بغزة مقاومتها وسلاحها وكرامتها، كمقدمة لتصفية القضية الفلسطينية والمشروع الوطني. وعليه ينبغي تشكيل تكتل وطني فصائلي نخبوي عشائري شبابي كخلية أزمة؛ لتحديد خيارات غزة والوطن، وتوضع محددات ورؤى متفق عليها، وهي من تقرر أن تلتقي باللجنة السداسية من عدمه، فموقف غزة الموحد هو الكفيل بتجاوز التحديات التي ستترتب على لقاء منفرد بين اللجنة السداسية بحركة حماس. 

 

د. حسام الدجني

 

من نفس القسم دولي