الفريق أول شنقريحة يعبر عن ارتياحه لمستوى التعاون العسكري "الجزائري – الإيطالي"
- نشر في 02 أكتوبر 2024
شكلت رئاسة الجزائر لمجلس الأمن في شهر جانفي المنقضي، محطة مهمة في تعزيز موقعها على الساحة الدولية، فقد تمكنت من الدفاع عن القضايا العادلة، ودفع صوت إفريقيا إلى أعلى مستويات القرار الدولي، كما أكدت مرة أخرى عبر دبلوماسيتها المبدعة والفعالة، التزامها القوي بمبادئ العدالة والسلام، وسعت بكل جد لضمان مشاركة إفريقيا في صياغة الحلول للأزمات العالمية الكبرى، ما يعكس عزمها المستمر على لعب دور محوري في السياسة الدولية.
بتوليها رئاسة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة خلال شهر جانفي المنقضي، كانت الجزائر قد حازت على فرصة جديدة لها لتسليط الضوء على القضايا العادلة في العالم، خصوصًا تلك المتعلقة بالعالم العربي والقارة الإفريقية، ولقد تميزت هذه الفترة بتوجيهات رئاسية من الرئيس عبد المجيد تبون، الذي جعل الدفاع عن القضايا المحورية وتعزيز الحوار الدولي حول الأزمات العالمية في صميم أولويات السياسة الجزائرية.
ومن أبرز القضايا التي عملت الجزائر على إبرازها كانت القضية الفلسطينية، التي تحتل دائمًا مكانة خاصة في سياستها الخارجية، فقد عمدت الجزائر إلى عقد اجتماعات طارئة لمناقشة الأزمات المستمرة، خاصة تهديدات وكالة "الأونروا" التي تواجه ضغوطًا كبيرة من قبل الاحتلال، كما شددت الجزائر على أهمية أن يتحمل مجلس الأمن مسؤولياته في متابعة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين "حماس" والكيان الصهيوني، داعية إلى مسار سياسي حقيقي تحت رعاية الأمم المتحدة لتحقيق تسوية نهائية ومتوازنة للصراع الفلسطيني-الصهيوني، مؤكدة استعدادها المستمر لتقديم الدعم الإنساني لشعب فلسطين، خاصة في قطاع غزة، وضمان حقوقه الأساسية.
كما جددت من خلال هذا الاجتماع الذي حظي بإشادة من قبل الأمين العام الأممي، أنطونيو غوتيريش واهتمام واسع من قبل الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة، "استعداد الجزائر، تحت قيادة رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، لمواصلة دورها المعهود وانخراطها الفعلي في كافة الجهود الدولية الرامية إلى التكفل بالاحتياجات الإنسانية للشعب الفلسطيني فور رفع الحصار المفروض على قطاع غزة ودعم مسار المصالحة والوحدة الوطنية الفلسطينية وكذا تحصين حل الدولتين المكرس من قبل الشرعية الدولية عبر تثبيت أركان قيام الدولة الفلسطينية وتمكينها من العضوية الكاملة بمنظمة الأمم المتحدة".
وفي السياق ذاته، اهتمت الجزائر بنصرة الاستقرار في لبنان وسوريا واليمن، داعية إلى جهود جماعية لإعادة السلم إلى هذه البلدان، فقد دعت الجزائر في إطار مجموعة "أ3 " إلى وقف التدخلات العسكرية التي تقوض جهود الأمن والسلام باليمن، مبدية دعمها لعملية سياسية بقيادة يمنية وتحت رعاية الأمم المتحدة من أجل تحقيق سلام واستقرار دائمين في هذا البلد، وبشأن الوضع في لبنان، أكدت الجزائر ضرورة تظافر الجهود بين جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة للإسهام في وضع هذا البلد الشقيق وبصفة نهائية، في مأمن من الاضطرابات المكلفة والمأساوية التي عانى منها على طول السنوات الماضية، وكذلك الأمر بالنسبة لسوريا، أبرزت الجزائر أنه من مسؤولية المنظمتين مرافقتها اليوم على درب استرجاع السلم والأمن في كافة ربوعها واستعادة سيادتها كاملة.
وبالنسبة للوضع في ليبيا، استطاعت الجزائر التأثير في مجلس الأمن لتحقيق قرار تاريخي يسمح للمؤسسة الليبية للاستثمار بإعادة استثمار أصولها المجمدة، خطوة هامة نحو حفظ حقوق الشعب الليبي الاقتصادية، كما أسفرت الجهود الجزائرية عن قرار آخر يلزم لجنة العقوبات حول ليبيا بإبلاغ السلطات الليبية مستقبلا بكل المراسلات المتعلقة بالأصول المجمدة، مما يمنح ليبيا فرصة أكبر لتتبع مصير أموالها بشكل دقيق وواضح.
ولأنها تعتبر رائدة في مجال مكافحة الإرهاب على الصعيد القاري، دعت الجزائر لاجتماع رفيع المستوى لمناقشة تفاقم التهديدات الإرهابية في إفريقيا، خصوصًا في منطقة الساحل، حيث شدد وزير الشؤون الخارجية، أحمد عطاف، الذي ترأس الاجتماع، على ضرورة اعتماد نهج شامل لمكافحة الإرهاب، يشمل التصدي لأسبابه الجذرية والتنموية إلى جانب الجهود الأمنية، وطرحت الجزائر مقاربتها الخاصة لمكافحة الإرهاب، المستمدة من تجربتها الوطنية التي أكسبتها خبرة واسعة في هذا المجال.
واستجابة لذلك، تبنى مجلس الأمن بيانًا رئاسيًا يعتبر الأول من نوعه على المستوى الدولي الذي يكرس دور الاتحاد الإفريقي في الوقاية من الإرهاب ومكافحته، ويعترف بمساهمة الجزائر في دعم هذا المسار، هذه الإشادة أظهرت التقدير العالمي الكبير لدور الرئيس عبد المجيد تبون في مكافحة الإرهاب، وتأكيدًا على مكانة الجزائر كداعم رئيسي للسلام والاستقرار في القارة الإفريقية.
وخلال ترؤسها لمجلس الأمن، نجحت الجزائر في تحويل العديد من القضايا العالقة إلى أولويات دولية، حيث تمكَّنت من حشد الدعم الدولي لقضاياها الجوهرية، سواء في ملف فلسطين أو في تعزيز الجهود الجماعية لمكافحة الإرهاب في إفريقيا، وأثبتت الجزائر قدرتها على التأثير في مسارات السياسة الدولية ونجحت في تحقيق مكاسب ملموسة لصالح الدول المتضررة من الأزمات، كما أثبتت الجزائر قدرة دبلوماسيتها على التفاعل بشكل إيجابي مع مختلف الأزمات العالمية، ما يعزز من دورها كداعم رئيسي للسلام والأمن في العالم.