الحدث

العلاقات الجزائرية الفرنسية.. خطوة إلى الأمام

ملف الذاكرة في صلب زيارة الرئيس تبون المرتقبة إلى باريس

أعادت المكالمة الهاتفية الأخيرة التي جمعت رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بنظيره الفرنسي، العلاقات الجزائرية-الفرنسية إلى الواجهة، بعد الركود الذي شهدته في الفترة الأخيرة بسبب التوترات المتتالية للعلاقات من جهة، والظروف غير المستقرة التي تعيشها باريس من جهة أخرى، فقد ركزت الصحافة العالمية في الآونة الأخيرة على تغطية احتجاجات الفرنسيين الغاضبين من قرار اعتماد قانون التقاعد الجديد، وهي الظروف نفسها التي راحت جهات تعلّق عليها مسؤولية تأجيل موعد زيارة رئيس الجمهورية لفرنسا بعد أن كانت مقررة بداية ماي الداخل وفق الأجندة القديمة.

ويسعى البلدان من خلال زيارة الدولة المنتظرة منتصف جوان المقبل، إلى رأب الصدع وإعادة العلاقات إلى سكتها الصحيحة، بعد المد والجذب التي تسببت فيه السقطات الفرنسية المتكررة، حيث يركز كل بلد على تغليب مصلحته وتحقيق أهدافه الخاصة، فالجزائر التي تراهن على طي ملف الذاكرة تحرص على فرض منطقها الجديد الذي اعتمدته منذ اعتلاء الرئيس تبون سدة الحكم، والقائم على فرض الاحترام ورفض التدخل في الشأن الداخلي، وهو ما عكسته ردود الفعل الغاضبة التي توالت على شكل تصريحات وبيانات رسمية -عقب فضيحة "بوراوي" الأخيرة- أكدت من خلالها رفض كل المحاولات الفرنسية لتحقيق "تهدئة دبلوماسية" زائفة ومفضوحة، لتبقى حلحلة ملف الذاكرة العربون الوحيد الذي قد تقبله الجزائر لتجاوز أخطاء باريس وإعادة الدفء للعلاقات الثنائية، فيما تسعى فرنسا للحفاظ على مصالحها الاقتصادية، والتستر على أخطائها وهجوم إعلامها غير المبرر على الجزائر حين حاول تصويرها في صورة البلد الذي "لا يحترم حقوق الإنسان والممارسة السياسية".

وفي انتظار ما ستفرزه زيارة رئيس الجمهورية لباريس منتصف جوان المقبل، يبقى ملف الذاكرة على رأس الأولويات التي تضعها العاصمتان، خاصة بعد عقد أول اجتماع للجنة التاريخية الجزائرية الفرنسية المكونة من خمسة مؤرخين من كل بلد، حيث ركز الجانب الجزائري على التوسع إلى القرن التاسع عشر وبداية الاحتلال الفرنسي للجزائر، وهي الفترة التي عرفت أبشع وأفظع المجازر والجرائم بحق الشعب الجزائري وتسعى السلطات الفرنسية إلى عدم فتح جراحها بحجة غياب معطيات كافية حولها.

كما لم يفوت المؤرخون الجزائريون المناسبة لطرح ملفات خطيرة كثيرا تفادت السلطات الفرنسية من قبل التطرق إليها في ملف الذاكرة، مثلما هو الحال مع قضايا مصادرة أراضي وممتلكات السكان الجزائريين وسياسة التهجير التي طالت الكثير منهم من مدنهم وقراهم والتشريد والتجهيل، وهي أحداث مأساوية حدثت في القرن التاسع عشر أي بعد سقوط الجزائر العاصمة في 5 جويلية 1830، كما أصر المؤرخون الجزائريون على مسألة الأرشيف، مطالبين بفتحه واسترجاعه وعدم الاكتفاء بالسماح للطرف الجزائري بالاطلاع عليه فقط.

من نفس القسم الحدث