الفريق أول شنقريحة يعبر عن ارتياحه لمستوى التعاون العسكري "الجزائري – الإيطالي"
- نشر في 02 أكتوبر 2024
عاد الحديث الفترة الأخيرة عن خطر الكوارث الطبيعية، وفي مقدمتها الزلازل على المباني السكنية والمنشات العمومية في الجزائر بعد الزلزالين المدمرين جنوب تركيا واللذين بلغت شدتهما 7.7 و7.6 وهو ما جعل المختصين في مجال البناء يطالبون بضرورة تحيين ومراجعة القوانين المتعلقة بالقواعد المضادة للزلازل في البناء، حيث تؤكد نائبة رئيس النقابة الوطنية للمهندسين المعتمدين في الهندسة المدنية و البناء و المكلفة بالإعلام بذات النقابة زكية علوان في حوار مع "الرائد" أن العديد من الثغرات والخروقات لا تزال ترتكب في منح المشاريع الخاضعة لرخص البناء وهو ما يجعل البنايات في الجزائر مهددة بالعديد من الأخطار منها الزلازل، داعية لإرسال بعثات من المهندسين المدنيين لمواقع الزلزال في تركيا وسوريا، من أجل إجراء دراسات ونقل الخبرات لاستخلاص الدروس والعبر وتوظيفها لمنع تكرار كوارث كهذه في الجزائر خاصة وأن العديد من المشاريع السكنية في بلدنا شيدت من طرف مقاولات تركية.
إن استخلاص الدروس والعبر وتوظيفها فيما يلزم لها هو أساس تفوق البشر على كل المحن. وكون أن بلادنا تقع في خط زلزالي خطير يفصل صفحتي إفريقيا وأوراسيا هو امتداد للخط الزلزالي الذي يقسم تركيا اليوم ويغير خارطتها الجغرافية، فالدولة الجزائرية تقوم عقب كل زلزال بتجديد القواعد المضادة للزلازل (RPA) و تحيينها وفقا لتحليل نتائج الدمار الزلزالي التي توصل إليها الخبراء. ويحدد هذا المستند التقني التنظيمي قواعد التصميم و تحليل البناءات في المناطق الزلزالية، فبعد زلزال الشلف عام 1980 ، شهدت الجزائر ولادة أول قانون مضاد للزلازل (RPA81) وكان أخر تحيين له في عام 2003 عقب زلزال بومرداس و تمت مراجعة نتائج عدة حوادث في الجزائر و في العالم من أجل استخلاص الأفضل وترسيخ القواعد الأنجع واليوم هو بحاجة للتحيين والمراجعة .
إن المهندسين المدنيين هم المختصون في تطبيق هذه الوثيقة إلى جانب عديد المهام الأخرى، وعندما يتم تغييب هذه الشريحة وإغفال دورها الأساسي الذي يكون بمثابة دور الطبيب في المستشفى والقاضي في المحكمة، والسائق للقاطرة، بل إن دوره كبير جدا، ويؤدي تغيبه وإهمال مهامه أو تقييدها إلى دمار عام و قتل و تشريد و انتهاء حضارة كاملة .
يقوم المهندسون بدراسة صلابة ومرونة المباني من أجل مقاومة الهزات الأرضية، فتنفيذ دراسات الهندسة المدنية الجادة يضمن الحد الأدنى من المقاولة للبنايات، ويتيح للبناية مجالا من الترنح والصمود مع الهزات المتكررة المتوسطة و الضعيفة، ويستطيع المهندسين تصميم بنايات أكثر مرونة وصلابة باستخدام تقنيات مختلفة ناجعة مع ضمان التنفيذ وجودة البناء وأحيانا لتنفيذ تقنيات عالية الكلفة وأكثر نجاعة في الزلازل شديدة القوة . وإذا تعلق الأمر بنوع البنايات و أهميتها و قد تم تصنيف أنواع البنايات و درجة الأهمية في الوثيقة التقنية لقواعد البناء المضاد للزلازل كما و قد قسم المناطق درجات و لكل منطقة، لها قواعد البناء الخاصة بها و لها الآليات الكفيلة لاستقرارها وثباتها ومقاومتها للزلازل و لكل الحمولات الأخرى مثل الثلوج و الرياح.
إن دور المهندسين المدنيين جاء في نصوص القانون و المادة 05 من القانون 04-05 المعدل لقانون التهيئة و التعمير 90-29 الذي صدر عقب زلزال بومرداس، إذ أوجب بصريح العبارة أن يتم إعداد المشاريع الخاضعة لرخصة البناء من طرف مهندس معماري و مدني معتمدين في إطار الاستشارة الفنية .
وقد جاءت المراسيم ( القرار الوزاري المشترك لسنة 1988 دور كلا المهندسين في عملية الإشراف الهندسي على الإنجاز (الاستشارة الفنية ) و القرار الوزاري لسنة 2002 و المرسوم الرئاسي 68-652 والمرسوم التشريعي 94-07) لتوضيح دور المتدخلين في البناء ووضحت لكل مهامه واشترطت هذه القوانين الترخيص والإعتماد في هذه المهام إذ لا يقبل أن تكون معدة من غيرهم . فالمعماري له دور التصميم المعماري والمهندس المدني يقوم بالتصميم الإنشائي ويختص عن المعماري بعمليات الدراسة، وهي ما يضمن عملية البناء وفقا للمعايير التقنية الرسمية للدولة الجزائرية الصادرة بشكل DTR فالمهندس المدني هو الضمان لبناء آمن قادر على تحمل هذه الأخطار وتجنب كوارث نتائجها.
تم إسناد دراسات ومتابعة إنجاز جامع الجزائر لمكتب دراسات ألماني يتكون من مهندسين مدنيين وقد تم تصميم البناء بواسطة تقنية عزل الأساسات ويعتبر هذا البناء الوحيد تقريبا في الجزائر المقاوم للزلازل بآليات متطورة . غير أنه بعد 2003 كل المباني الحديثة من المفروض إنها مقاومة للزلازل إذا طبقت المعايير فلن يكون خسائر بشرية على أقصى تقدير. وذلك بفضل تطبيق قواعد البناء المضاد للزلازل المراجع والمحين سنة 2003 ، إلا أننا عندما نراجع آليات التطبيق في المجالين العمومي والخاص نجد العديد من التجاوزات والخروقات.
في المجال العمومي : يتم منح المشاريع الخاضعة لرخصة البناء للمعماري منفردا مخالفين بذلك قوانين واضحة و صريحة . ويتم متابعة البناء بشكل خارج المعايير من طرف هذا المتدخل الذي لا يمكنه أن يكفل تطبيق المعايير، والأكثر غرابة انه يطلق عليه منذ عشرات السنوات "مكتب الدراسات" والمعماري لا يحوز على مهمة الدراسة ويحوز عليها المهندس المدني المعتمد حسب التشريع .
يتم إعداد الدراسات التقنية في أغلب المشاريع من طرف مهندسي الرقابة ( بشكل غير قانوني ). ويتم متابعة المشاريع بتقنيين ومهندسين غير مرخص لهم ، وتتهم هيئة الرقابة CTC بالتقصير حين تشتد المشاكل التقنية وتسوء عمليات الإنجاز و تتحمل مسؤولية الإنجاز فيما أن مهامها محدودة وهي ليست مكلفة بالدراسات ولا بالمتابعة . وهي تحمل مهام غيرها بشكل فوضوي. ويبقى الميدان فقط لبعض العمال أصحاب الأجور المنخفضة والمقاول الحريص على مصالحه المالية. والذي توكل له أيضا مهمة جودة الخرسانة ومواد البناء فيتم اقتناء المحاضر من المخابر مباشرة دون الحاجة إلى إجراء فحوصات حقيقية، طالما انه لا يحتاج إلى ذلك في غياب تطبيقات فعلية تضيع المعايير.
في مجال البناء عند الخواص يغيب على السلطات المانحة لرخص البناء أن المواطن لا يضطر إلى تأطير هندسي يضمن سلامة مسكنه أو منشآته بعقود رسمية تضمن مسؤولية الإطار الهندسي المشرف بسبب خلل في تطبيق القانون وخلل في الإجراءات وفي الأخير يتم منح شهادات المطابقة وفقا لمطلب صاحب البناء فيتم مراجعة تنفيذه للأشكال المعمارية و الألوان و عدد الطوابق ومسافة الجار دون مطابقة للمعايير التقنية أو الخوض فيها وتسلم شهادات مطابقة الألوان لا مطابقة معايير الأمن و السلامة .
نعم مازالت موجودة وللأسف وقفت هيئة المعماريين بالمرصاد لكل أصحاب المشاريع قاموا بإشراك المهندسين المدنيين في دفاتر الشروط ولو باحتشام حيث قامت بإعلان مقاطعة لكل مشروع يتم إدراج المهندسين المدنيين ضمنه، مؤخرا قامت وزارة السكن بالتدخل لوضع حد لهذه الأزمة و لكن لم يتغير شيء إلى يومنا هذا ونخشى ما نخشاه رضوخ الوزارة لضغوط هذه الهيئة التي وللأسف الشديد تحاول الانفراد بالمشاريع وقطع الطريق أمام الهندسين المدنيين في مجال البناء.
نطالب وزير السكن بتفعيل القانون 04-05 وتحقيق العدالة وتحقيق عقود الاستشارة الفنية كما تنص عليها المراسيم ودفع المهندسين الى الاستقلالية في دراساتهم و تحميلهم كل المسؤولية ووضع المهندس المدني في طريق التطور باشراكه في البناء الفعلي و دفعه للتكوين و جلب تقنيات أكثر نجاعة و تطورا من أجل حماية الجزائر و تعزيز استقرارها. كما نطالب من السيد رئيس الجمهورية بإرسال بعثات من المهندسين المدنيين لمواقع الزلزال من أجل نقل الخبرات كون ميادين الزلازل هي مدرسة للمهندسين .كما نطلب من سيادته إصدار قانون تنظيم مهنة المهندسين بكل تخصصاتهم كافة من أجل الرقي بهذه المهن والرقي ببلادنا إلى مصاف الدول المتطورة الشامخة .